جعفر عباس

اعرف قيمة نفسك في الحب والهجر


اعرف قيمة نفسك في الحب والهجر
قليلون من توقفوا عند حكاية الشاب السعودي الذي اجتاز حدود لبنان الجنوبية متوجها صوب المواقع العسكرية الاسرائيلية، وعندما استوقفته دورية للجيش اللبناني عند السلك الشائك الذي تقع بعده المواقع الاسرائيلية كان صاحبنا مصرا على اجتياز الحاجز! ليش يا ولد الناس؟ ليش عم بتعمل بروحك هيك؟ بدك تموت؟ قال لهم: نعم بدي أموت.. وبالتحديد بدي أموت على يد الاسرائيليين على الأقل كي أفارق الدنيا بطريقة مشرفة.. اتركوني حتى يطلق الاسرائيليون النار علي وأموت! بس هيك مو طريقة مشرفة.. يللي بدو يموت بيد العدو بيحاول يموت العدو قبل لا يموت هو .. كان واضحا ان الشاب كان يريد ان يموت و”بس”، وربما لو وجد سلاحا لصوبه نحو الاسرائيليين ليقتل منهم من يقتل وينال بغيته بأن يموت على أيدي الاسرائيليين، منعه عناصر الجيش اللبناني من التمادي في ذلك الانتحار اللامجدي وأبعدوه عن السلك الشائك ثم سألوه عن سبب رغبته في الموت فقال إنه كان يحب فتاة أردنية خلال دراسته في جامعة أردنية، ويعد العدة للاقتران بها ولكنها غيرت رأيها ورفضت الزواج به ولهذا قرر الموت بطريقة “مشرفة”، والأمر الذي لا شك فيه هو ان الشاب السعودي كان يمر بأزمة نفسية أفقدته توازنه العقلي فاختار الموت، وابن آدم لا يختار الموت إلا في حالات الدفاع عن النفس او العقيدة او الوطن او العرض او نتيجة لاضطراب نفسي او عقلي.
وما استوقفني في حكاية هذا الشاب هو أنها ذكرتني بحكايات لا تحصى عن أشخاص ينتحرون بسبب تنكر الحبيب لهم.. أفهم ان الشخص يحس بوطأة الغدر والخيانة عندما يحس بأن الحبيب – أيا كان جنسه – هجره، ولكن هل المسألة تستأهل قتل النفس؟ شخص كنت تحبه وكان يبادلك الحب وقرر فجأة إنهاء العلاقة معك، لماذا تعاقب نفسك وأهلك بالانتحار او بمحاولة الانتحار؟ هجرتني الحبيبة لأن عينها زاغت لأنها وجدت من تعتبره أفضل مني من حيث المال والجمال والخصال!! بالطقاق.. أكيد هناك بدل الواحدة عشرة ترى في ما لم تره تلك الحبيبة السابقة.. نعم هجر الحبيب مؤلم وجارح ولكن واجبك نحو نفسك هو أن لا تجعل الحبيب الغادر يشمت بك ويحس بأنك لا تساوي شيئا بدونه بل أن تقف على قدمين راسختين ثم تقول لنفسك: المستقبل يبدأ الآن وهناك كثيرون من حولنا متعطشون للحب الصادق ومستعدون للترحيب بالحبيب الصادق، قد يعتبرني البعض جلفا او بلا قلب لأنني ما كنت سألحق بنفسي ولو قدرا ضئيلا من الأذى المعنوي (والأذى الجسدي ليس واردا في قاموسي لا تجاه نفسي ولا تجاه الآخرين) لو تخلت عني من كنت أحبها، كنت ببساطة سأقول: ربنا يسهل عليها وعلينا.. وربما حاولت كتابة قصيدة ألعن فيها خاشها: لقد خيّرتك فاخترتِ/ قلت إنك مني قرفتِ/ فكان نصيبك كوما من زفتِ/.. وخسارة فيها مثل هذا الشعر البليغ البديع! المهم هناك أناس كثيرون من حولنا يحتاجون الى الحب وقادرون على منح الحب فلا تحزن لهجر الحبيب! ألا يغدر بك جسمك أحيانا فتتوقف الكلى عن العمل او يصاب الكبد بالعطب، أو يعزف قلبك بشكل نشاز؟ إذن ما الغريب في أن يتنكر لك شخص آخر؟.. الحبيب الذي يقول لي وداعا دون خطأ ارتكبته أقول له: في ستين داهية ولن أشرب حتى سيجارة لأنسى هجرانه لي!! والبنت التي تستأهل ان اموت بسبب هجرها لي لم تولد بعد.

أخبار الخليج – زاوية غائمة
jafabbas19@gmail.com