النص الكامل لخطاب رئيس الجمهورية في المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب بطهران
وقال لدي مخاطبته المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي تستضيفه إيران بعاصمتها طهران أن العدالة الإجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات ونشر مفاهيم المشاركة السياسية الواعية والفاعلة وغيرها من القيم إلى أن ذلك من شأنه أن يمهد السبيل لإمتصاص ظلم المظلومين كما أن وقف مظاهر الإحتلال وقهر الشعوب تحت المسميات كافة إضافة إلي العدالة والشفافية لدي المؤسسات الدولية من شأنه أن يعيد الأمور إلى نصابها وأن يجفف الكثير من بؤر الإرهاب. وفيما يلي تنشر (سونا) نص كلمة رئيس الجمهورية أمام المؤتمر الحمد لله رب العالمين الذي كرم الإنسان وعظمه ( ولقد كرمنا بني أدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم علي كثير من خلقنا تفضيلاً). والقائل في محكم التنزيل ( من أجل ذلك كتبنا علي بنى إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيراً منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون) والقائل في كتابه المجيد ( وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً لتكونوا شهداء علي الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً). صدق الله العظيم نحمده حمد الشاكرين ونصلي ونسلم علي نبي الإنسانية المبعوث رحمة للعالمين الذي رعي كرامة الإنسان وصان حقوقه قولاً وفعلاً ونهى عن الإرهاب والعنف وحرم الدماء والأموال والأعراض ، لتكون رسالته خاتمة الرسالات بما قدمت من وحي وفكر وفعل
أصلب من أوقف التسلط والظلم فهي حضارة القيم والأفكار الارقى ، والثقافة النبيلة ، حضارة فكر وعقيدة إلي جانب إنتاجها المادي إذ غايتها بسط الرحمة علي العالمين ( وما أرسلناك إلا رحمة للعاملين) وتتعدد الأحاديث الشريفة في هذا الصعيد ، فيقول صلي الله عليه وسلم ( إن الله يعطى علي الرفق ما لا يعطى علي العنف) ، ويقول عليه الصلاة والسلام في حديث آخر ( إن الله عز وجل لم يبعثنى معنفاً). فصلي الله عليه وعلي آل بيته وصحابته والتابعين وتابعي التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته تحية مباركة ، أزجي معها أجزي الشكر وأجمل العرفان للجمهورية الإسلامية الإيرانية قيادة وحكومة وشعباً علي هذه المبادرة الكريمة لبحث ظاهرة الإرهاب التي تعد إحدى أهم القضايا الحيوية الملحة التي طالما ارقت دولاً وشعوباً
. وهدد التلاعب فيها الأمن والإستقرار في كثير من بقاع المعمورة . كما اساءت للقيم الدينية والإجتماعية
. وقطعت التواصل الحضاري بين كثير من الأمم
إن المهام التي يتضمنها جدول أعمال هذا المؤتمر الدولي الحيوي إنما تعتبر نظرة صائبة وفكر ثاقب للتعامل مع هذه الظاهرة برؤية عميقة تتجاوز النظر لإثار الإرهاب ونتائجه، إلى الغوص في جذوره ومعرفة أسبابه، والربط بينه وبين أنماط أخرى للجريمة المنظمة ، مثل غسيل الأموال وتهريب السلاح والإتجار بالمخدرات. السيد / رئيس المؤتمر
. الأخوة المؤتمرون: إن العالم اليوم أحوج من أي وقت مضى لوضع تعريف واضح ودقيق للإرهاب يحفز كافة دول العالم للمشاركة في مكافحة وحصاره علي نهج متحد يجنب المدنيين الأبرياء تعدياته الشريرة وهواجسه الخطيرة التي تضر بأمنهم وسلمهم وتعوق أنشطتهم وبرامجهم التنموية ، إذ لا بد من العمل لأجل توحيد الرؤى والأفكار تجاه ظاهرة الإرهاب
. ولا محيص من الحوار البناء لتشخيص هذه الظاهرة وتحديد أسبابها ودوافعه ، ثم أبتداع سبل الوقاية منها ومكافحتها. السيد / رئيس المؤتمر
. السادة المؤتمرون
. إن حديثنا عن الإرهاب لا ينبغي أن يتجاوز أسبابه ودوافعه
. فالقفز فوق تلك الأسباب والدوافع لا ينتج إلا مزيداً من التعقيد والاحتقان.. وربما فاقم من استفحال الظاهرة
فينبغي أولاً التخلي عن سياسة الكيل بمكيالين وإزالة الازدواجية في المعايير
. والعمل علي إصلاح المؤسسات الدولية العدلية والأمنية والثقافية
. ثم يلي ذلك تجنب استغلال الحملة علي الإرهاب للاستهداف السياسي والنيل من الآخر
. فإن من أسباب استفحال هذه الظاهرة الهدامة
عمليات الظلم والاضطهاد وأساليب الاحتلال والاستلاب الفكري التي مارستها القوى الاستعمارية علي الشعوب المستضعفة
. ومن العجيب ، أن ذات القوى الباطشة أضحت اليوم تصوغ المصطلحات وتعيد صياغة المفاهيم بما يبرئ ساحتها ويجرم الآخرين ويصورهم علي أنهم هم الجلادون بينما هم الضحايا المقهورون.. ويغدو من الأهمية بمكان التصدي لإرهاب الدولة الذي تعتبر إسرائيل وحلفاؤها النموذج العملي له
سلباً وتشريداً وقتلاً. السيد / رئيس المؤتمر
. السادة المؤتمرون
. إننا في السودان نولى ظاهرة الإرهاب إهتماماً خاصاً علي كافة المستويات ، فعلى صعيد التشريعات كان السودان من أوائل الدول التي وضعت قانوناً خاصاً بمكافحة الإرهاب
. وقانوناً آخر لمكافحة تمويل الإرهاب وغسيل الأموال
. أما علي مستوى الآليات فقد أنشأنا الهيئة التنسيقية لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1373 وقد ظل السودان من خلال علاقاته الثنائية والإقليمية والدولية.. ومن خلال مشاركته في المحافل الإقليمية والدولية في هذا الشأن وعبر أنشطة نقطة الارتكاز السودانية يبذل الجهد ويشحذ الهمم لمحاصرة هذه الظاهرة الخطيرة
. وبجانب كل ذلك ، كان إهتمامنا كبيراً بالمعالجات والوقائية والمبادرات الإيجابية التي أثمرت نتاجاً مفيداً بعودة بعض العناصر المغرر بها إلى جادة الطريق
وعن طريق الحوار الفكري الشفيف وأيماناً منا بأن الإرهاب لا وطن له وأنه من الجرائم المنظمة التي لا تعرف الحدود ويتأثر بها الجميع دون تمييز فقد ظل تعاوننا مشهوداً مع الدول والأجهزة والهيئات ، وما زلنا في السودان نرى أن للآليات الكثيرة المتعددة التي تعمل في الحملة العالمية لمكافحة الإرهاب دوراً حيوياً في مجال تصويب الإستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب بتحريرها من التوظيف السياسي غير العادل الذي تتبعه بعض الدول الكبرى
. لكي تولى هذه الإستراتيجية إهتماماً مناسباً لمتطلبات الوقاية ومعالجة أسباب هذه الظاهرة بنشر العدالة الاجتماعية وإنهاء محاضن الإرهاب. السيد / رئيس المؤتمر
. السادة المؤتمرون
. إن العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات ونشر مفاهيم المشاركة السياسية الواعية والفاعلة ، وغيرها من القيم الحقة كل ، كل ذلك من شأنه أن يمهد السبيل لامتصاص ظلم المظلومين
. كما أن وقف مظاهر الاحتلال وقهر الشعوب تحت المسميات كافة إضافة إلى العدالة والشفافية لدي المؤسسات الدولية
من شأنه أن يعيد الأمور إلي نصابها وأن يجفف الكثير من بؤر الإرهاب. وأختتم حديثي مؤكداً التزام السودان القاطع والصادق بأمن وسلامة العالم ومجدداً الشكر للجمهورية الإسلامية الإيرانية ومسئوليها كافة علي رفيع جهودهم في إنجاح هذا المؤتمر متمنياً لمداولاته النجاح لتحقيق ما نصبو إليه جميعاً من أجل عالم خال من الإرهاب والعنف تسوده المحبة والتسامح والسلام.. وتعلو في قيم العدالة والتكافل واحترام حقوق الإنسان وصون كرامته. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
سونا