جعفر عباس

كلام حول نهاية العام – 1

[ALIGN=CENTER]كلام حول نهاية العام – 1[/ALIGN] منذ اليوم الأول لالتحاقي بالمدرسة، والى يومنا هذا، تنتابني مع قرب انتهاء كل عام دراسي مشاعر متضاربة: سعادة بأن المدارس ستغلق أبوابها مدة طويلة قبل بدء العام المدرسي الجديد.. لا واجبات ولا عقوبات ولا استيقاظ مبكر، ولكن ومن جهة أخرى فإن نهاية ذلك العام تعني الامتحانات والأرق والعرق والسهر ثم التوتر في انتظار ظهور النتائج، وبعد ترك مقاعد الدراسة وجدت نفسي في أجواء الدراسة لأنني اخترت التدريس مهنة طوعا واختيارا وعن رغبة صادقة، ولكن حتى وأنا مدرس كنت أترقب نهاية العام الدراسي بنفس المشاعر المتضاربة: الفرح بالإجازة الصيفية، والتوتر لأن طلابي في السنة النهائية من المرحلة الثانوية يخوضون معارك مصيرية من يخسرها يخسر فرص الحصول على تعليم عال يؤهله للوظائف العالية،.. ولهذا فقد كنت خلال عملي بالتدريس من “أفضل” المراقبين في الامتحانات، لم أكن أتساهل قط مع من يمارسون الغش، ولكنني خلال مراقبة امتحانات الشهادة الثانوية كنت أحرص على الابتسام في وجوه الطلاب خلال الدقائق الأولى، وبعد أن أقرأ عليهم التعليمات المتعلقة بضرورة كتابة رقم الجلوس إلخ أحاول ان اقول كلاما عاما يخفف عن الطلاب حالة التوتر وأختمه بعبارة “بالتوفيق إن شاء الله”، وكنت إذا لاحظت أن أحد الطلاب يعاني من التوتر (ويا ما هناك من يبكون داخل قاعات الامتحانات وهم أفضل حالا من مستحقي البامبرز) أقف قريبا منه وأربت على رأسه وكتفه وأقول له بعض كلمات التشجيع والطمأنة. ويبدو لي أنني كنت أفعل ذلك رأفة بنفسي أيضا لأنني كنت وما زلت أكره الامتحانات تلميذا ومدرسا وأباً،.. الغريب في الأمر هو أنني لم أكن خلال مرحلة طلب العلم من النوع الذي “يخاف” من الامتحانات.. حتى امتحانات الرياضيات التي كنت أعرف أنني سأرسب فيها بكفاءة وعن جدارة كنت أجلس لها متماسكا، ذلك لأنني لم أكن قط استهتر بالامتحانات بل آخذها بجدية واستعد لها جيدا وأركز على المواد الأخرى التي ستغطي العجز الذي ينجم عن الدرجات التي أفقدها في مادة الرياضيات.
ولكن نهاية العام تعني أيضا بالنسبة إلي كأب أن عيالي سيكونون معي تحت سقف واحد لكذا شهر، ويعني بالنسبة إلي كموظف ازدحاما أقل في حركة السير في الشوارع، بعد ان تختفي الحافلات المدرسية الكئيبة من الشوارع (هلا لاحظتم ان الباصات المخصصة لنقل الطلاب تكون دائما ذات ألوان تسبب الغم؟)، وتختفي أيضا السيارات الجربانة التي يتحرك بها المدرسون لأن ذلك الصنف من السيارات هو ما تسمح به رواتبهم التعبانة، ويقل عدد السيارات الفارهة التي تستفز مشاعر سيارتي اليابانية وتجعلها تحس بالدونية.
أريد لهذا المقال ان يكون توطئة لمقالات أخرى أحدث فيها الطلاب وأولياء الأمور عن أمور تتعلق بالامتحانات من واقع تجربتي كطالب ثم مدرس ثم أب، وبلا أي ادعاء للتواضع أقول إنني كأب أُولِي أمر تعليم عيالي أهمية قصوى واشترك معهم في وضع خطط المذاكرة في الامتحانات المصيرية، وأحدد نقاط ضعف كل واحد منهم لأقرر ما إذا كان بحاجة الى مساعدة مني او مساعدة خارجية، ولكن الأهم من كل ذلك أنني علمتهم عدم تهيب الامتحانات المدرسية أي “الخوف” منها: عملت اللي عليك وذاكرت قدر استطاعتك، أدخل قاعة الامتحانات بثبات واللي بدو يصير، يصير.
وغدا نواصل بإذن الله

أخبار الخليج – زاوية غائمة
jafabbas19@gmail.com