جعفر عباس

كلام حول نهاية العام -3


[ALIGN=CENTER]كلام حول نهاية العام -3[/ALIGN] عندي وصفة مضمونة النتائج للاستعداد للامتحانات والنجاح فيها: لا تنظر الى الامتحانات على أنها عبء سخيف ينبغي التخلص منه بأسرع وأقصر السبل، هي فعلا عبء سخيف ولكنها ضرورية مثل أشياء كثيرة في حياتنا يجدها البعض سخيفة: الأطفال والمراهقون عموما يعتبرون السلطة الخضراء “عقوبة” ويتفادونها رغم كل ما يقال لهم وما يعرفونه عن فوائدها،.. حتى الالتزامات العائلية تكون في أحيان كثيرة سخيفة، ولكن لا فكاك منها لأنها واجبة.. شخصيا تركبني العفاريت عندما أتلقى التعليمات وأنا في مكتبي (من المفترية، ما غيرها) بأن أحضر معي البيض او اللبن او التبن، ولكنني مدرك تماما أنني سأظل أقوم بمثل تلك المهام طالما انا قادر على الحركة.
أسخف ما في الامتحانات عنصر الزنقة، وكونها تحرمك من ممارسة أشياء أخرى تحبها، ولكنها زنقة ضرورية، فكي تنجح في الحياة لاحقا لابد ان تنجح في الامتحانات المدرسية “السخيفة”، وخذها مني نصيحة: تعامل مع الامتحانات بجدية كي تحصل مستقبلا على وظيفة مجدية، وبعد دخول الحياة العملية ستكتشف انك تخوض يوميا امتحانات بدون سابق إنذار او جدول زمني.. امتحانات الحياة العملية لا تجدي معها المذاكرة لأنها امتحانات التعامل مع الزملاء أو المدراء او الجمهور او كل هؤلاء مجتمعين.. المهم الامتحان هو الباسبورت الى الوظيفة وكلما كانت نتائجك المدرسية طيبة كلما كانت فرص حصولك على وظيفة طيبة.. طيبة! وبالتالي لا تبحث عن أقصر السبل لاجتياز الامتحانات، بل ضع خطة متوسطة المدى لخوضها والنجاح فيها.
في المرحلة الابتدائية كانت مسيرتي التعليمية متعثرة، لأنني كنت عابثا لاهيا، ولم يكن في زماننا ذاك “كبير” يسأل عن النتائج والمذاكرة، وفي المرحلة المتوسطة تعين علينا الإقامة في السكن الداخلي في عنابر داخل سور المدرسة فوجدت نفسي بين نحو 160 طالبا مما خلق بيننننننا روح التنافس، فتعلمنا المذاكرة المنضبطة والاستعداد المبكر للامتحانات.. وجميع من زاملوني في جامعة الخرطوم كانوا يعرفون أنني اعتزل الناس قبل ثلاثة أشهر على الأقل من الامتحانات وأظل أقرأ وألخص وأحفظ، وهكذا كان بمقدوري الذهاب الى السينما في الليلة التي تسبق كل امتحان والنوم مبكرا،.. يعني مع بدء الامتحانات أكون قد راجعت كل مادة عدة مرات، وأعددت ملخصات تسمح بإطلالات سريعة للتأكد من عدم تبخر المعلومات من رأسي، وبالتالي لم أكن أعرف التوتر خلال الامتحانات او قبلها بقليل: عملت كل ما بوسعي كي استعد لها والباقي على الله، ولا يضيع الله أجر من أحسن وأتقن عمله.. والشاهد هنا هو ان المذاكرة في الأيام والساعات الأخيرة التي تسبق الامتحانات لا تجدي ما لم تكن بقصد المراجعة السريعة لمعلومات قمت بتخزينها قبل مدة ليست بالقصيرة، ولو استعددت للامتحان مبكرا فإنك تستطيع ممارسة التسلية قبل خوضه وأنت رائق البال.. ولو عملت بنصيحتي فإنك حتى عندما تصلي وتدعو الله أن يكتب لك النجاح ستكون متماسكا.. أقول هذا لأنني شاهدت زملاء يطلبون من الله النجاح وأيديهم ترتجف ودموعهم تنهمر لأنهم ليسوا واثقين من حسن استعدادهم للامتحان وفات عليهم ان يتذكروا كيف مر الرسول صلى الله عليه وسلم بأعرابي يجلس قرب بعير له يدعو له بالشفاء فقال له: ألا جعلت مع دعائك شيئا من القطران.
هناك أناس ينفقون ما يأتيهم من مال أولا بأول بحجة “لن أحرم نفسي مما تشتهيه”، وهناك أناس أيديهم لا مغلولة ولا مبسوطة كل البسط، أي ينفقون نقودهم بتعقل ويحسبون حساب الغد.. والوقت هو “مال/نقود” الطالب، إذا بعزقته أولا بأول لن تكون لديك ذخيرة للمستقبل، ولكن اذا استثمرت وقتك بتعقل في التحصيل الأكاديمي سيكون لديك “رصيد” منه يسندك في المستقبل.

أخبار الخليج – زاوية غائمة
jafabbas19@gmail.com