جعفر عباس

كلام حول نهاية العام (6)


[ALIGN=CENTER]كلام حول نهاية العام (6) [/ALIGN] من ملاحظاتي كشخص ينتمي الى أسرة ممتدة، وله علاقات اجتماعية واسعة، أن معظم الآباء في العالم العربي يعتبرون مساعدة العيال في الأمور المدرسية جزءا من مسؤولية الأم، الى جانب الطبخ والكنس وغسل الملابس وبقية الأعباء المنزلية، أي الغالب هو أن الأم تصبح مطالبة بمساعدة عيالها في فهم دروسهم و”حل الواجبات”.. لا يهم ان الأب يحمل ماجستير او دكتوراه بينما الأم لم تكمل المرحلة الثانوية بسبب الزواج، فلأن الأب “رجل” – والرجال قليل – فإن من حقه تزجية أوقات الفراغ بالطريقة التي يختار: مشاهدة مباريات الكرة.. زيارة الأصدقاء والسهر خارج البيت.. النوم من 4 عصرا حتى 7 مساء.. وعندما يحرز طالب في البيت نتيجة غير مشرفة ينفجر عنترة في وجه عبلة ويتهمها بأنها “مش شايفة شغلها” أي مقصرة في حق البنت او الولد، الذي رسب لأنها لم تخصص الوقت الكافي لتقديم المساعدة خلال الاستذكار.. وهناك وصفة معروفة لـ “ضمان” خيبة العيال في المدرسة ومن ثم في الحياة: يكون الأب هو “إسرائيل” أي البعبع المرعب، والأم بلا حيلة، إما لأنها لا تحسن الزجر والنهي وتوقيع العقوبات في مواطن الزجر والنهي والعقاب، وإما لأن عنتر جردها من تلك الصلاحيات، فلا يكون أمام الأم سلاح عندما يقصر العيال في شيء او يسيئون الأدب والسلوك سوى: حأكلم أبوك.. شوف ماذا سيفعل بك أبوك لما يجي (لما يجي!! لأن الأب الذي يرضى لنفسه فقط بدور القاضي والشرطي والجلاد عادة لا “يجيء” كثيرا، بل وجوده وعدمه سيان)
وهناك ولي الأمر الذي يقتصر اهتمامه على مسيرة العيال الأكاديمية على “البرستيج”، فهو قد لا يعرف الكثير عن مستوى العيال الأكاديمي، ولكن ما أن يصل احدهم الى بداية المرحلة الثانوية حتى ينثر ولي الأمر “الحكيم” درره: لازم تدخل القسم “العلمي” لتكون أول شخص في العيلة يدرس الطب.. لا تستطيع ان تقول لولي أمر كهذا: إحنا فين والطب فين؟ لسه بدري!! لأنه غير معني بميولك وقدراتك، لأن المهم عنده ان تكوني او تكون أول شخص في العائلة “يطلع دكتور” (إياك عزيزي الطالب أن تقول لولي أمر من هذه النوعية: ولماذا لم تصبح أنت رائد العائلة في مجال الطب؟ .. ولا تكن مثل الولد الذي قال له أبوه: عندما كان جورج واشنطن في مثل عمرك كان الأول على دفعته في المدرسة فرد عليه: ولما كان في مثل سنك يا أبي كان واشنطن قد أصبح رئيسا للولايات المتحدة).
وكونك يا ولدي/ بنتي لا تجد التحفيز والتشجيع داخل البيت، ولا تجد من يهتم بمسيرتك المدرسية، لا ينبغي ان يكون ذريعة للاستهتار بدراستك ومستقبلك، بالعكس ينبغي ان تغوص في أعماق أعماقك لتجد الحافز الذاتي للنجاح، فإذا نجحت فأنت تخدم نفسك، وبالمقابل فإنك إذا فشلت ستهدم نفسك.. بنات وأبناء جيلي لم يكن لديهم سوى التحفيز الذاتي.. كان أبي مدركا لأهمية التعليم ولكن ولكونه أميا فإنه لم يكن يعرف ما إذا كان الكتاب الذي أمسك به مدرسي او ديوان نزار قباني (وكان في زماننا بمثابة قناة فضائية تبث الفيديو كليبات ال………..).. بل لم يكن متحمسا لالتحاقي بالجامعة لأن الشهادة الثانوية كانت تكفل وظيفة محترمة، ولكننا كنا نستذكر دروسنا بحماس بمصابيح الكيروسين، ونخوض الامتحانات بعد الاستعداد الكافي لها من دون ان يضطر أحد الى نصحنا او زجرنا لنقوم بذلك.
لا تبحث عن شماعة منزلية تعلق عليها تقصيرك، فمن يأكل بضرسه ينفع نفسه.

أخبار الخليج – زاوية غائمة
jafabbas19@gmail.com