عبد اللطيف البوني

مع هاني رسلان


[ALIGN=CENTER]مع هاني رسلان [/ALIGN] نقلت (التيَّار) الصادرة يوم الجمعة 21 مايو عن صحيفة اليوم السابع المصرية أقوالاً لخبراء مصريين في ملف مياه النيل، استوقفني فيها قول الدكتور هاني رسلان رئيس برنامج دراسات السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية والسياسية. وهاني لمن لا يعرفه يعتبر مرجعاً للشؤون السودانية لكثير من الوسائط الإعلامية، وأصدر الكثير من الإصدارات عن السودان، ويتمتع هاني بعلاقات اجتماعية طيبة مع عدد غير قليل من النخبة السودانية. فماذا قال هاني؟ قال إنّ مصر يجب أن لاتعتمد في ملف مياه النيل على السودان، فالسودان بدأ يمارس سياسات إبتزازية، وأن النخبة السودانية معادية لمصر أكثر من معاداة بقية دول حوض النيل، لأن مصر في رأي هذه النخبة أخذت حصة السودان، وأن مصر (بتجرجر) السودان من أجل أن يدخل معركة من أجل مصر (انتهى). لنأتي لكلام هاني من آخره، وفي تقديري إنه كان صادقاً عندما قال إنّ النخبة السودانية تعتقد أنّ مصر (بتجرجر) في السودان، ولعله من المفارقات أن جاء في ذات صحيفة (التيّار) وفي ذات اليوم وفي مقال الدكتور عبد الوهاب الأفندي نصف الأسبوعي الراتب، ما يؤكد ما ذهب إليه الدكتور هاني، فالأفندي يحذِّر السودان من الإنجرار خلف مصر، ويقول إنّ السودان ليس دولة مصب بل هو مشارك لدول المنبع، وأن السودان لن يتضرر من تحركات دول المنبع. وقبل يومين كتبنا في هذا المكان قائلين إنّ هناك رأياً عاماً سودانياً يقول إنه ليس من مصلحة السودان الوقوف على الضفة الأخرى من دول المنبع. أمَّا قول هاني بأنّ النخبة السودانية تعتقد أنّ مصر قد أخذت حصة السودان، فهذا أيضاً كلام صحيح ولم يتجنَّ فيه هاني. فالسودانيون يعتبرون أن أكبر جلائط نظام عبود هي توقيعة على إتفاقية مياه النيل لعام 1959م، ويعتقدون أنّ مصر خدعت السودان فيها خديعة كبيرة، وأنّ السودان ضحَّى لمصر تضحية بدون مقابل(الكلام في هذا الموضوع يطول ويطول). أمَّا قول الدكتور هاني بأنّ السودان بدأ يمارس سياسة إبتزازية تجاه مصر فيما يختص بهذا الملف (فدي جديدة علينا)، أي (لسه ما أدونا ليها)، بعبارة ثالثة تحتاج إلى إثبات، فالذي أمامنا الآن أنّ السودان يقف مع مصر في خندق واحد، وأنه رافض لإتفاق عنتبي الإطاري، وأنه ينسق مع مصر تنسيقاً تاماً. على العموم هاني أدرى منا بالحاصل، ولا شك أنّ مصادره أعمق، فإنْ كان ما ذهب إليه صحيحاً في (حكاية الإبتزاز دي) يكون (العشر قام ليهو شوك) بضم العين، ولعل هذا ما سيسعد النخبة السودانية على حسب تحليل هاني لموقفها. رغم إتفاقي مع الدكتور هاني في الجزئية التي ذهب إليها أعلاه، إلاّ أنني أعتقد أنّ هناك إمكانية لإقامة علاقة مصرية سودانية سليمة ومعافاة خالية من الضغائن والمرارات، وعلى ذات ملف مياه النيل فالذي يعطي مصر والسودان علاقة متميزة هو نهر النيل ولا شيء غيره، فالسودان مجاور (الآن) لتسعِ دول، فالنيل هو الذي يرجِّح كفة مصر عن الأُخريات، وفي تقديري إنَّ مصر والسودان يركبان في (سرج واحد) في هذا الأمر، وأنّ الاستهداف لهما واحد، ولكن في تقديري إنّ صراع المياه ليس حتمياً في حوض النيل، وأنّ الإتفاق بين دُوله وارد، وأنّ السودان يمكن أن يلعب دوراً حيوياً ويمكن أن يحتفظ بصداقة الجميع لحفظ حقوق الجميع، وأنّ مصر والسودان يمكن أن يكونا (حِتة واحدة) في جسد حوض النيل الواحد.

صحيفة التيار – حاطب ليل- 25/5/2010
aalbony@yahoo.com