تحقيقات وتقارير
إنتاج النفط… زيادة محدودة لمتطلبات كبيرة
وتأتي الزيادة في الانتاج بنهاية هذا العام في وقت تعد فيه الحكومة احوج ما تكون لزيادة الانتاج خاصة لمقابلة المتطلبات الكبيرة في المنصرفات ممثلة في الالتزامات تجاه إتفاقيات السلام المختلفة (نيفاشا، ابوجا، الشرق، القاهرة) بجانب عدد من البرامج التنموية (النهضة الزراعية، مشروع الاسكان والتعمير) الى جانب مقابلة منصرفات التسيير للدولة. الا ان الزيادة البالغة (100) برميل تعد بسيطة مقارنة بتلك المتطلبات التي ستواجه الموازنة في العام القادم في مقابل الحقول النفطية التي تدر الذهب الاسود في مختلف انحاء البلاد في ظل استمرار العمل في مجال تطوير العمل في مجال الانتاج وبصورة كبيرة للاستفادة من الكميات التي تزخر بها الحقول.
الا ان الامكانات الفنية التي تعمل بها الشركات الآسيوية في مجال النفط بالبلاد يثار حولها شكوك بأنها اقل جودة وفعالية في عمل مجال التنقيب والانتاج مقارنة بالامكانات الفنية التي لدى الشركات الامريكية أو الغربية التي تتمتع بإمكانات فنية ضخمة في هذا الجانب، ويستمد البعض حديثه في ان الاستكشافات والمسوحات التي تمت في عهد شركة شيفرون الامريكية في الثمانينات من القرن الماضي هي ذاتها مناطق الانتاج الحالية للنفط في مربعي (6) و(4) بكردفان الكبرى الى جانب استكشاف الغاز في منطقة البحر الاحمر لتأتي الشركات الآسيوية وتبدأ من نفس المرحلة التي انتهت فيها عمل شيفرون بالاستفادة من المسوحات التي قامت بها في هذا الجانب، الا ان وزير الطاقة والتعدين الزبير احمد الحسن ينفي ان تكون الشركات الآسيوية عموماً والصينية على وجه الخصوص تعمل بإمكانات فنية ضعيفة في مجال النفط بالبلاد، واستشهد بأن العمل الذي قامت به ضخم وتم بصورة فنية عالية وزاد: ان الشركات الصينية تتمتع بامكانات فنية ضخمة خاصة وانها اصبحت تنافس الشركات الغربية والامريكية في هذا الجانب.
غير ان الخبير الاقتصادى حسن ماشة ينظر الى ان اضافة الـ (100) الف برميل جديدة بنهاية هذا العام بأنها قليلة مقارنة بالمنصرفات الكبيرة التي تنتظر ميزانية العام القادم في نواحيها كافة لمقابلة البنود المختلفة وألمح ان الزيادة في الانتاج مطلوبة كل عام وبنسبة واضحة الذي ياتي عبر العمل المتواصل في عمليات الاستكشاف والتطوير للحقول المختلفة، ويضع ماشة العلاقة ما بين السودان والدول الغربية وأمريكا في مقدمة العوامل التي ستسهم في تطوير صناعة النفط بالبلاد، ويرى ان انفراج الازمة السياسية بالبلاد وتحسن العلاقات بالدول الخارجية سيكون له اثر مباشر وإيجابي على القطاع عبر الاستفادة من الخبرات الكبيرة التي تتمتع بها تلك الدول في هذا الجانب على عكس الشركات الآسيوية التي ولجت هذا المجال حديثا.
ومن شأن التأكد من الانتاجية التجارية للحقول الواقعة في شمال البلاد التي يتم الآن عمليات الاكتشافات والمسوحات في مربع (9) الذي يضم ولايات الجزيرة والخرطوم ونهر النيل ومربع (15) بولاية البحر الاحمر الذي يقع اغلبه داخل مياه البحر الاحمر الى جانب مربع (8) الذي يضم ولايات الجزيرة والنيل الازرق والنيل الابيض اكثر المواقع التي تتم فيها العمليات، وظل المسؤولون في وزارة الطاقة والتعدين يؤكدون ان العمليات التي تتم في تلك المربعات مبشرة وواعدة لكن دون الخوض في تفاصيل هذا البشريات التي ظلت تؤكدها بين الفينة والاخرى، الا ان البعض يفسر عدم الدخول في مجال عمليات الانتاج لتلك الحقول الى اجراءات سياسية ليست لها علاقة بالجوانب الفنية ممثلة في الاستفادة منه في حال رجح جنوب البلاد خيار الانفصال وهو الامر الذي يعني عدم اقتسام الكميات المنتجة بالجنوب مناصفة مع الشمال، الا ان خبراء نفط ينفون هذا الجانب ويرون ان عمليات الاستكشاف تتطلب فترة طويلة حسب عدة عوامل فنية بحتة منها طبيعة الأرض وتركيبتها الجيولوجية ونتائج المسوحات الزلزالية.
ومن شأن بدء انتاج الحقول في الشمال المساهمة بصورة كبيرة في جانب الايرادات وبتكلفة اقل من تلك المستخرجة من الجنوب عبر الاستفادة من عامل قربها من مناطق التصدير والاستهلاك، ويذهب في هذا الاتجاه حسن ماشة الخبير الاقتصادي، ويزيد: إن الحقول الموجودة في الشمال سواء في الجزيرة او سنار او البحر الاحمر سيكون لها اثر كبير خاصة في جانب ان الايرادات التي تنتج عنها ستصب في مصلحة الحكومة وليست مناصفة مثل ما يحدث للكميات التي يتم انتاجها في الجنوب، ونوه الى ان ذلك يضمن عائداً كبيراً للميزانية.
وفي ظل الزيادة الحالية للانتاج النفطي تظل موازنة العام القادم مواجهة بتحديات اكبر وأصعب من تلك الحالية في ظل المتغيرات التي ستعيشها الساحة الاقتصادية والسياسية، حيث تعد الانتخابات احد اشكال تلك المتغيرات الى جانب المطالبات التي ظل اتحاد العمال يرفعها ممثلة في زيادة الاجور بنسبة (20%). ويذهب استاذ الاقتصاد أحمد رفعت في هذا الاتجاه ويرى أن المشكلة الحقيقية التي ستواجه موازنة العام القادم هو زيادة المتطلبات الى جانب زيادة الاجور للعاملين التي تعد امتحاناً حقيقياً للموازنة القادمة الى جانب ارتفاع معدلات التضخم والاسعار، واشار الى اهمية معالجة العجز في الموازنة الذي لازم ميزانية العامين الماضيين، كما ان دعم أسعار النفط من قبل الحكومة والارتفاع المتواصل في اسعار القمح كلها جوانب يتوقع ان تزيد من النفقات الحكومية للعام القادم.
ونوه رفعت الى ان زيادة الانتاج اذا ظلت (100) الف برميل من اجل الصادر فلن تكون اضافة حقيقية للعام القادم، الا اذا تم استغلالها في زيادة وتطوير القطاع الزراعي من خلال إحداث نقلة نوعية وتحسين اداء الاقتصاد بشكل عام، ويرى ان الحقيقة الماثلة الآن هي استمرار تصدير النفط في شكله الخام دون احداث تغيير في كيفية استخدامه في تطوير القطاعات المحلية فانه لن يكون ذا جدوى كبيرة في ظل معوقات الانتاج المحلية.
محمد ادريس :الراي العام [/ALIGN]