القمة الهابطة
والمتأمل لتاريخ هذه اللقاءات ، يدرك التأثير الكبير عليها من جانب الإعلام ، والذي يؤثر بصورة كبيرة على مجرياتها ، إذ أن الأجهزة الفنية تعمل جاهدة على عزل الفرق عن الضغط الإعلامي الكبير الذي يصاحب هذه اللقاءات ، لكن هذه الجهود سرعان ما تصاب بالفشل الذريع ، لأن اللاعبين أنفسهم يصبحون جزءا من هذا الصراع الإعلامي المحموم ، الذي بدوره يفسد هذه اللقاءات من الناحية الفنية ، لكنه في خاتمة المطاف ، صراع يحسم بالأهداف والنقاط ، ومن خلاله يتوج اللاعب الذي يحرز أهداف الحسم بنجومية الموسم كله ، وتتغنى به الجماهير ، حتى يأتي اللقاء التالي .
والمتابع للتقارير المنشورة عبر الصحف المختلفة ، يلحظ دونما عناء ، مدى الإستقطاب الحاد ، الذي تمارسة الأجهزة الإعلامية ، وبصفة خاصة الصحافة الرياضية ، التي تقتات من خلال بث كثير من الموضوعات الهلامية عن الفريقين ، والتي ترسلها في شكل ( بالونات إختبار ) ، وحالما تنتشر بين أنصار الفريقين تعود إليها مرة أخرى لتتعايش معها كقضايا حقيقية ، تحرك بها المزاج العام في الشارع الرياضي ، وتثير بها كثير من القضايا ، وكأنها تخلق نوعا من الحيل الخداعية التي تحمس الجماهير ، وتجعلها مشدودة حتى موعد المباراة ، وذلك بغرض إستثمار هذه الفرصة لتحقيق أكبر عائد ممكن ، بإعتبار أن هذه اللقاءات تعتبر موسما يستلزم إستغلاله من الناحية التوزيعية والربحية .
لقاء الخميس القادم ، لقاء لا يستلزم بذل الجهد بقدر ما يستلزم درجة عالية من الحذر ، ولا يستلزم وضع خطة معينة ، عدا الحرص من أن لا يصاب المرمى بهدف .. ذلك أن أي هدف يمنى به أي واحد منهما ، قد يكون حاسما وقد تنتهى المباراة عليه .. وذلك للشد العصبي الرهيب الذي يكون تحته اللاعبون والأجهزة الفنية . لذا يتحسب الفريقان لعنصر المباغتة لإحراز هدف مبكر ، وفي ذات الأوان الحرص من عدم ولوج أي هدف في المرمى .
لكن ما يميز هذا اللقاء تحديدا ، هو أن فوز المريخ فيه ، سيعني أنه قد حقق قدرا كبيرا من إحتمالية الفوز بالبطولة .. حيث سيكون الفارق بينه وبين الهلال مريحا .. لكن خسارة المريخ ستجعل الهلال يقلص الفارق ، مما سيدفعه الى شد الهمة لكسب المباريات المقبلة وإنتظار تعثر المريخ ، حتى يتسنى له المنافسة في المركز الأول .. والكرة لا تعرف المستحيل .
أما الإتحاد العام لكرة القدم ، فهو كذلك يسهم بصورة غير مباشرة في زيادة هذا التوتر الحاد بين الفريقين ، وذلك من خلال إعطاء هذه اللقاءات قدرا مقدرا من الأهمية بان يجعل لقاء الهلال والمريخ موضوعا ، في نهاية الموسم . وبذا دوما تلكون لقاءات الفريقين فيصلية في حسم البطولات التنافسية ، وكأنه أيضا له نظرة مادية في الترويج والدخل وما شاكل ذلك . وكثيرون يرون في ذلك إهدار لمبدأ العدالة ، التي يجب أن تسود من خلال القرعة ، مهما كانت مرحلة المواجهة بين الفريقين ، بل يرون أن العدالة تقلل من حدة التوتر بين الفريقين .
لكن ما يمز اللقاء القادم أن المحترفين بالفريقين أيضا سيدخلون المعادلة من باب المنافسة على نجومية اللقاء .. ولعل كل محترف يحدث نفسة بأن يكون فارس هذا اللقاء فقد أدركوا أن هذه المباراة يمكن أن تكون فرصة عظيمة لهم ليكونوا نجوما في الساحة ، ومن خلال مباراة واحدة فقط ، تعوضهم إخفاقات الموسم كله . بينما مايزال المريخيون يتملكهم شيء من الحزن على رحيل لاعبهم الراحل ايداهور ، الذي سبق له أن أحرز هدف الفوز وحقق نجومية ظلت تميزه حتى وفاته .
وهنا جانب آخر يسهم بقدر مقدر في تأجيج الحالة الإستقطابية للفريقين وهو عنصر التحفيز الذي تقوم به الإدارات كلما جاء هذا اللقاء ، ويقوم به الأقطاب في أحايين كثيرة ، حيث تزداد الوعود ، والحوافز ، ويعد اللاعبون بالمغريات التي تجعل اللاعبين يركزون في الأهداف دون النظر الى شكل الأداء .. وهذا بدوره يميز اللاعبين في الخطوط المختلفة . إذ أن حظوظ حراس المرمى مثلا تكون مستحيلة في سباق العطايا .. مما يجعل الحوافز سياسة غير عادلة في حالة ربطها بإحراز الأهداف .
لكن الشاهد أن الهلال يدخل اللقاء وهو في أسوأ أحواله الإدارية ، حيث يغيب الإنسجام بين أعضاء المجلس مما أثر عليه من الناحية الفنية .. حتى تفجر الموقف بهزيمته الأخيرة بمدينة بورتسودان أمام فريق حي العرب .. حتى تعقدت الأوضاع كثيرا وأصبحت هذه المباراة ، هي الأمل الأخير في إستعادة التوازن إداريا وفنيا .. لذا فإن الهلال يحدوه الأمل الكبير في أن تكون المبارة في صالحة حتى يتمكن من إعادة ترتيب أوضاعه الداخلية والتصالح مع جماهيره الحزينة .
بينما يدخل المريخ المبارة في أجواء مثالية ، مع إستقرار تام إداريا وفنيا .. بل ان المريخ يعتبر المبارة فرصة عظيمة له ، لتحقيق نصر مؤزر يؤهلة للفوز بالبطولة ، ليؤكد جدارته بها .. خاصة وأنه ظل لسنوات طويلة يقوم ببرنامج إعداد وتأهيل للفريق وللمنشآت ، بل يعتبرها مناسبة مواتية يودع بها رئيسة ( جمال الوالي ) بنوع من العرفان والشكر الجزيل ، ولسان حالهم يقول :- ( وداع النصر له عدة مذاقات .. أحلاها ما أورث حزنا ) .
…………
ملء السنابل تنحني بتواضع … والفارغات رؤوسهن شوامخ
………..
صلاح محمد عبدالدائم شكوكو
shococo@hotmail.com