زهير السراج

دقى يا مزيكة..!!


[ALIGN=CENTER]دقى يا مزيكة..!! [/ALIGN] * عندما أعلنت وزارة التربية والتعليم عن إلغاء المؤتمر الصحفى السنوى لاعلان نتائج الشهادة الثانوية أعتقدت انها قررت العودة لصوابها واتخاذ التدابير اللازمة لتصحيح مسيرة التعليم بعيدا عن المظهرية التى افرزت الكثير من الظواهر السلبية مثل (انكار) المدارس لطلابها متوسطى او ضعيفى المستوى ــ وكأنهم مصابون بالجرب ــ وإلحاقهم (فى الاوراق الرسمية) عند تسجيلهم للجلوس لامتحان الشهادة الثانوية بمدارس اخرى لا علاقة لهم بها، وذلك فى محاولة كاذبة ورخيصة للظهور أمام الرأي العام بالتفوق وتحقيق مكاسب لا علاقة لها بالتعليم.
* وللاسف فلقد انتقلت هذه الظاهرة الى مدارس الاساس وانتشرت حتى اضحت جزءا لا يتجزأ من العملية التربوية واصابت التعليم بداء وبيل.. بينما يصاب آلاف الطلاب كل عام بالتخريب النفسى وفقدان الثقة والخوف والكراهية للتعليم والمجتمع التى قد تلازمهم طيلة حياتهم وتؤثر على مستوى مشاركتهم فى بناء مجتمعاتهم ووطنهم.. كل هذا والوزارة والجهات المختصة لا تحرك ساكنا ولا يفتح الله عليها بكلمة واحدة توقف كل هذا العبث والخداع والمظهرية!!
* وكان من الطبيعى ان يؤدى ذلك الى الاهتمام الزائد بالامتحانات ونتائجها واحتدام الحرب المظهرية بين الأسر وازدياد العبء النفسى الضخم الذى يتحمله الابناء فبرزت الكثير من الظواهر السالبة مثل ارتفاع حالات الانتحار والعنف والمخدرات والانعزال والتطرف والانحراف والهروب من المدرسة الى اشياء اخرى.. إلخ، بالاضافة الى انتشار ظاهرة الدروس الخاصة بشكل كبير وانهيار ثقة المجتمع فى المدرسة كأساس للتعليم والمعرفة، فانعكس ذلك عليها وفقدت القدرة على العطاء، وصار همهما الاول هو الاسترزاق والبحث عن تفوق مزيف، وفاقم من ذلك انعدام التدريب والمراقبة والمحاسبة والنقص الكبير فى الوسائل التعليمية، برغم التقارير والتصريحات الرسمية التى تؤكد غير ذلك!!
* وليت المسألة وقفت عند هذا الحد، بل حتى نتائج الامتحات صارت تخضع للكثير من التعديلات قبل اعلانها بشكل رسمى خاصة فى اللغة العربية واللغة الانجليزية والرياضيات والمواد العلمية وذلك حتى تظهر النتيجة بشكل مقبول أمام الرأي العام وتحمى الوزارة نفسها من الانتقادات، وليس مهما بعد ذلك ما هى النتيجة الحقيقية أو السعس لاصلاحها!!
* توقعت ان يكون اعلان الوزارة عن إلغاء المؤتمر الصحفي هذا العام خطوة أولى لتصحيح مسار التعليم في كل اركانه واعتماد طرق جديدة لتقييم مستوى الطالب بشكل مستمر بدلا عن نظام الامتحان الواحد الذي تخلت عنه معظم الدول منذ وقت طويل لسلبياته الكبيرة على التعليم والتحصيل وتطور المجتمعات.. ولكن سرعان ما تراجعت الوزارة عن قرارها ووضح جليا انها تفضل الزفة والسيرة والعمل السهل على العمل الجاد والرغبة الحقيقية فى التغيير والاصلاح.. ودقي يا مزيكة!!

مناظير – صحيفة السوداني
drzoheirali@yahoo.com
19 يونيو 2010