زهير السراج

وداعا أبو اللمين


[ALIGN=CENTER]وداعا أبو اللمين [/ALIGN] رحم الله العميد أحمد محمد الأمين (أبواللمين)، الذى صدمت وفاته الكثيرين لصفاته الإنسانية الفريدة وحبه الشديد للناس وتفانيه في العمل ورقته الشديدة حتى أننى كنت دائماً ما أقول لنفسي بعد أن عرفته بواسطة الصديقين العزيزين ماجد حجوج وناصر المرضي، أنه (فنان) أخطأ الطريق إلى مهنة الشرطة التي تتطلب من صاحبها أن يكون صعب المراس، إلا أن أبواللمين كان باتفاق الجميع كالنسمة الرقيقة حتى عندما غادر دنيانا الفانية إلى رحاب الله الفسيحة، فلقد سافر في هدوء شديد إلى دولة باكستان لإجراء عملية زرع كلية كانت ناجحة، وهي المرة الثانية في حياتها التي يجري فيها هذه العملية، ثم سافر إلى دولة الإمارات لقضاء فترة نقاهة واستجمام وبينما هو هناك في كامل الصحة والعافية توفي في هدوء وهو نائم على سريره بجلطة في الرئة!!
* قادتني قدماي ذات يوم لقضاء مهمة خاصة في مكتب الخدمة الوطنية بالمغتربين الذي يقع على مقربة من مكتبه حيث كان يشغل وقتذاك مدير جوازات المغتربين، فذهبت إليه للتحية والمجاملة واضعاً في رأسي كل ما يكتب ويقال عن جوازات المغتربين من الازدحام وبطء الإجراءات..إلخ، وكنت قلقاً جداً كيف سأجد طريقي إلى مكتبه وسط زحمة العمل إلا أنني فوجئت بصورة مختلفة تماماً عن كل ما أسمعه وأقرأه، فلقد دخلت إلى مكتبه بعد فترة انتظار قصيرة ومعاملة كريمة من سكرتارية مكتبه التي لم أفصح لهم عن مهنتي وقلت لهم إنني في زيارة عمل مستحياً من أن أقول لهم إنني في زيارة خاصة بينما كان الوقت وقت عمل، كما أن علاقتي القصيرة به لم تكن تسمح لي بأن أدعي أنني صديقه!!
* استقبلني الرجل بأريحية كبيرة وتبادلنا بعض الحديث ثم انصرفت بعد وقت قصير، وبدا لي قبل أن أغادر المكان أن أتجول في مكاتب الجوازات وأرى نوعية الخدمة التيى تقدم للمواطنين وأتحدث مع بعضهم بتلقائية وكأنني طالب خدمة وقد فعلت، وخرجت بانطباع بأن ما يكتب ويقال ليس كله صحيحاً وإنما هي مبالغة فقط من البعض، وقررت بيني وبين نفسي بأن أعود مرة أخرى لتقييم الوضع بشكل أفضل، وبالفعل عدت بعد بضعة أشهر ووجدت الوضع غير ما يقوله البعض فدخلت إلى مكتبه وطلبت منه أن يسمح لي بعكس الصورة التي رأيتها إلا أنه التمس مني بألا أفعل، وبعد أن ألحيت قبل بشرط ألا أذكر اسمه مبرراً ذلك بأن ما رأيته من تطور في نوعية الخدمة هو مجهود أشخاص كثيرين وليس من العدل أن أنسبه له وحده، وقد كان وكتبت عن جوازات المغتربين بدون أن أذكر اسمه، ومن المؤسف أن تأتى اللحظة التى أفعل فيها ذلك بدون أن يكون موجوداً بيننا!!
* رحم الله الإنسان النبيل أبواللمين، وأسكنه فسيح جناته وألهم أسرته وأهله وأصدقاءه وزملاءه الصبر وحسن العزاء، إنا لله وإنا إليه راجعون.

مناظير – صحيفة السوداني
drzoheirali@yahoo.com
20 يونيو 2010