زهير السراج
من يحاكم من..!!
* أيها المجرم الفاتك الذي يسلب الخزائن نفائسها، والأجسام أرواحها.. لست أحمل عليك من العتب فوق ما يحتمله ذنبك، ولا أنظر إليك بالعين التي نظر بها إليك القاضي الذي قسا في حكمه عليك “لأني اعتقد أن لك شركاء في جريمتك، ولابد لي أن أنصفك، وإن كنت لا استطيع أن أنفعك”.
* شريكك في الجريمة أبوك، لأنه لم يهتم بتربيتك في صغرك، ولم يقف بينك وبين مخالطة المجرمين، بل كثيراً ما كان يبخبخ لك إذا رآك هجمت على قرينك وضربته، ويصفق إذا نجحت في اختلاس درهم من جيب أخيك، فهو الذي غرس الجريمة في نفسك وتعهدها بالسقيا حتى أينعت ونمت وأثمرت لك هذا الحبل الذي أنت معلق به اليوم!!
* شريكك في الجريمة المجتمع الذي أغراك بها، ومهد لك السبيل إليها، فقد كان يسميك شجاعاً إذا قتلت، وذكياً فطناً إذا سرقت وعالماً إذا احتلت، وعاقلاً إذا خدعت، ولو أنه كان يوثر نصحك ويصدقك الحديث عن نفسك لمثل لك جريمتك بصورتها الشوهاء، وهنالك ربما وددت لو طواك بطن الأرض عنها وحالت المنية بينك وبينها.
* شريكك في الجريمة من جرك إلى المحكمة، لأنه كان يعلم أن جريمتك سلسلة من جرائم كثيرة الحلقات، وكان يراك تمسك بها حلقة حلقة ويعلم ما سينتهي إليه أمرك فلا يضرب على يدك، ولا يعترض سبيلك ولو أنه فعل لما أجرمت، ولا وصلت إلى ما إليه وصلت.
* كان يستطيع أن يعلمك ويهذب نفسك، وأن يغلق أمام وجهك الأبواب التي تقودك إلى الفساد، وأن يحول بينك وبين مخالطة الأشرار بإبعادهم عنك وتشريدهم في مجاهل الأرض ومخارمها، وأن ينصفك على قتيلك قبل أن يبلغ حقدك عليه مبلغه من نفسك.. وأن يحسن تأديبك في الصغيرة قبل أن تصل إلى الكبيرة.. ولكنه أغفل أمرك ونام عنك نوماً طويلاً حتى إذا فعلت فعلتك استيقظ على صوت صراخ المقتول، وشمر عن ساعده ليمثل منظراً من مناظر الشجاعة الكاذبة.. فاستصرخ جنده واستنصر قوته واعد جذعها وجلادها، وكان كل ما فعله أنه سلبك حياتك.
* هؤلاء هم شركاؤك في الجريمة.. وأقسم لو كنت قاضياً لأعطيتك من العقوبة على قدر سهمك فيها ولجعلت تلك الجزوع قسمة بينك وبين شركائك، ولكنني للأسف كنت شاهد الإثبات على جريمتك، فيا أيها القتيل رحمة الله عليك.
التوقيع: أحد شركائك
مناظير – صحيفة السوداني
drzoheirali@yahoo.com
23يونيو 2010