زهير السراج

الطاقية القاتلة..!!

[ALIGN=CENTER]الطاقية القاتلة..!! [/ALIGN] * إشترى أحد أصدقائي عربة وأكمل كل إجراءات الترخيص التي بلغت تكلفتها (ألف جنيه) بالتمام وظل يجرى خمسة عشر يوما بكاملها بين مكاتب المرور في أم درمان والخرطوم ومصنع اللوحات لاستلام لوحة المرور التي حصل عليها اخيرا بعد طلوع الروح بمساعدة خاصة من احد جنود شرطة المرور..!!.
* ليست هذه هي المشكلة، فالوقت في السودان لا قيمة له وليس غريبا أن ينتظر الانسان لاستلام لوحة مرور أو لمقابلة موظف خمسة عشر يوما او سنة أو قرنا، ولكن المشكلة هي السر الرهيب الذي يقف وراء هذا التأخير وهو أن المصنع لديه مديونية ضخمة على جهاز الشرطة ويرفض تسليم اللوحات إلا بعد تسديد هذه المديونية.. وهو أمر غريب ومحير جد بالطبع ــ إذا صح ما ذكره صديقي ــ فأين تذهب الرسوم الضخمة التي يدفعها المواطن مقابل ترخيص العربة ومن ضمنها رسوم لوحة المرور؟!
* أين تكمن المشكلة بالضبط؟! فالمفترض ان إدارة شرطة المرور تستلم من المواطن رسوم الترخيص وتقوم نيابة عنه بتسديد قيمة اللوحات للمصنع، وهي لا تفعل ذلك حسنة منها، بل تتربح من هذه الخدمة فضلا عن الرسوم الأخرى التي تأخذها مقابل الورق والاختام.. إلخ، فلماذا لا تسدد للمصنع قيمة اللوحات لدرحة ان المصنع يرفض التعامل معها؟ أين تذهب رسوم اللوحات؟ وإذا كانت جهة أخرى مثل وزارة المالية أو ولاية الخرطوم تقوم باستلام رسوم الترخيص أو جزء منها فلماذا لا تدفع للمصنع قيمة اللوحات؟!.. إلى متى تظل السياسة المالية العشوائية.. (طاقية ده في راس ده) تحكم حياتنا، حكومة وشعبا وجماعات وافرادا؟! أم ان هنالك سرا آخر يجب ان نجتهد في اكتشافه؟!
* لقد كان لهذه الدولة في يوم من الأيام سياسات مالية ومحاسبية موحدة، ولم يكن أحد أو جهة تجروء في إختراق وانتهاك هذه السياسات وإلا وجدت المساءلة والحساب… وكان هنالك نظام مراجعة دقيق يراجع كل حسابات الدولة بشكل دقيق ومنتظم وصارم جدا ولا يرحم أبدا في تقديم المخطئين للحساب، ولكن للاسف انهار كل ذلك بعد إلغاء العديد من السياسات وتصفية الجهات الحكومية المسؤولة عنها، وأصبحت كل جهة حكومية، بل كل مسؤول حكومي يتعامل بما يمليه عليه مزاجه وكأن الجهة التي يتولى إدارتها إقطاعية خاصة له، ولم يعد غريبا ان تعجز او تمتنع جهات حكومية عن تسديد إلتزاماتها المالية لجهة أخرى فتعاقبها تلك الجهة بما تراه مناسبا لاسترداد حقوقها وتضيع حقوق المواطن بينهما وكأننا في زريبة مواشى أو سوق شعبي لا يوجد فيه مقاييس من اي نوع!!
* وليت الأمر يتوقف على حقوق المواطن المسكين، ولكنه مصير دولة بأكملها تسير نحو الهاوية بسرعة الصاروخ!!.

مناظير – صحيفة السوداني
drzoheirali@yahoo.com
26 يونيو 2010