جعفر عباس

شتان ما بين جافر ودويان

[ALIGN=CENTER]شتان ما بين جافر ودويان [/SIZE][/ALIGN] في كل الثقافات تقريبا، يرغب الأولاد في أن يعاملوا كرجال منذ أن يبلغوا السابعة، وبالتالي يتضايق الواحد منهم إذا طبعت أمه قبلة على خده أمام زملاء الدراسة او اللعب، وإذا تعرض طفل في الخامسة في الشرق العربي لبوسة من أمه في مكان عام، يصبح أضحوكة وضحية للتهكم من منطلق أن الرجل لا يسمح حتى لأمه بأن تقبله أمام الآخرين . وما هو أدهى من كل ذلك أن الأطفال الذكور في مجتمعاتنا قد يقبلون المشي على الجمر، ولا ينطق الواحد منهم بجملة “أمي في المستشفى للولادة”.. عيب!! ولم أكن استثناء: كنت في السنة الثالثة من المرحلة الابتدائية وكان جدي الحاج فرحان يدرسنا شيئا من العلوم الدينية، وذات يوم دخل خالي محمد الملقب بـ”ابيض” حجرة الدراسة وهو على ظهر حماره، وهمس في أذن الحاج فرحان بشيء وخرج، فما كان من الأخير إلا أن صاح بأعلى صوته (باللغة النوبية): جافر إنين أنوسو ناني إنجا نوقنق، ومعناه: جافر (جعفر، وتسقط العين في اللسان النوبي للتعذر)، أمك ولدت.. انهض واذهب الى البيت!! وانفجر زملائي الملاحيس ضاحكين متهكمين!! كدت أصيح في جدي: وما دوري في موضوع “الوضع”؟ ماذا في مقدوري أن أقدم لأمي في هذا الظرف حتى لو كنت اختصاصيا في شؤون الولادة؟ طبعا كانت أمي قد غالبت آلامها وطلبت إحضاري من المدرسة لأرى أختي الجديدة، ولكن بالنسبة إلي في ذلك العمر لم يكن من الوارد أن أحدث أحدا بأن أمي حامل او نفساء.. ومرد هذا إلى خلل في تربيتنا.. سبحان الله واليوم حلم حياتي أن أعيش حتى أصبح جدا وأن أحمل أحفادي على ظهري (ثم أذهب الى العناية الفائقة ليغرسوا حقنة فولترين في ظهري)
وشتان ما بين جعفر الذي “استعر” من أمه لأنها كانت في حالة ولادة وبين الشاب الاسرائيلي جيمس دويان الذي طرح والدته في مزاد على موقع إيباي eBay المشهور.. جاء في الإعلان الذي نشره دويان وهو إسرائيلي أن أمه ساندي فيرث تزوجت وطلقت مرتين، ولكنها ترغب في الحصول على حبيب بمواصفات محددة.. أما بالنسبة إلى مواصفات الماما المطروحة في المزاد فهي في الـ63 من العمر وأنيقة ومواكبة للموضة ومثقفة وطباخة ماهرة و”جميلة!!”، ولديها 4 أحفاد وعندها “خلو طرف” منذ سبع سنوات، ووضعها المالي جيد.. ولأن موقع إيباي يشترط الأمانة في مواصفات البضائع التي تعرض فيه، فقد أضاف دويان ما يلي عن “أمه” في الإعلان: صحيح، هي مستعملة ولكنها بحالة جيدة وخالية من العيوب الهيكلية (لم أقرأ مثل هذا الكلام إلا في الإعلانات المتعلقة بسيارات تويوتا كريسيدا التي طرح آخر موديل منها عام 1996)
كتبت هنا من قبل عن امرأتين سعوديتين ميسورتي الحال طلبتا عبر مجلة الحصول على زوجين بمواصفات معينة،.. إحداهما خطفها رجل ميسور الحال فاجتمع يسرها على يسره وأسأل الله ان ييسر أمرهما، ولا أعرف ماذا حدث للأخرى، وهأنذا أطرح اليوم عروسا جديدة لأنصار التطبيع: إسرائيلية عمرها 63 سنة .. مستعملة ولكن بحالة جيدة.. وليست اسرائيلية أي كلام بل من الأشكيناز وهم اليهود الغربيون الذين يعتبرون يهود الشرق أعلى مرتبة من العرب بقليل.. ولكن بالذمة أليس اليهودي شاطرا في التجارة فعلا؟ هل بإمكان عربي ان يجاري دويان في القيادة؟ (ولك ان تستبدل الياء هنا بالحرف المناسب).

أخبار الخليج – زاوية غائمة
jafabbas19@gmail.com