جعفر عباس
الكيو حرف تافه وكلمة رائعة
المهم: بحكم أنني مثل أبناء جيلي تلقيت تعليمي منذ اول المرحلة الثانوية باللغة الانجليزية في كل المواد الاكاديمية، وبحكم ان اللغة الانجليزية تخلو من التعقيدات النحوية والصرفية فكثيرا ما أجد نفسي أتأمل مكونات تلك اللغة ثم اتساءل: كيف للغة عالمية سلسة وغنية ان تكون بها حروف عديمة الجدوى: انظر الى حرف سي (c).. إذا كان ينطق “س” في بعض الكلمات فهناك حرف إس S يقوم بهذه المهمة على خير وجه، ولكن “سي” يقوم أيضا بمهمة حرف ك أحيانا كما في كلمة كات (قطة)، في حين ان هذا يمثل تعديا على حرف كيه K .. وحرف زد أيضا لا لزوم له لأن حرف إس S يقوم مقامه في معظم الكلمات.. وحرف إكس حشو بلا معنى طالما ان كيه متبوعة بإس تؤدي الغرض.. أما الحرف الإنجليزي الذي ينبغي التخلص منه فورا وبلا تردد فهو حرف Q، فهو عديم الشخصية ولا يؤدي أي مهمة إلا إذا تبعه حرف يو U، وعلى كل حال فإن حرف K يقوم مقامه بكفاءة
ذكرني بحرف كيو هذا مقال عن الكيو في صحيفة الهيرالد تريبيون ليوم الأحد 28 يونيو للصحفي الهندي رانجاني أيير موهانتي، والكيو اختراع انجليزي يعني الصف/ الطابور أو الوقوف فيه.. أدهشني المقال بالاستشهادات من كتب العلماء والفلاسفة عن أهمية الكيو، وكيف أنه مسألة ثقافية وحضارية، فأنت عندما تقف في طابور في انتظار دورك لقضاء حاجة ما، فأنت تعترف بأنك لست أفضل من الآخرين، وبعبارة أخرى فإن الذين ينتظمون في طوابير في المستشفيات أو مواقف الحافلات او شبابيك التذاكر، يفعلون ذلك لأنهم يشعرون بالمساواة والأخوة.. إذا نظم الناس صفوفهم واحترموا الأسبقيات في الطوابير قضوا حاجاتهم بسرعة من دون ان يتعدوا على حقوق الآخرين.
وما من أمر يفضح جلافتنا أكثر من الفوضى التي تسود أي منفذ نود اجتيازه او نحصل على شيء ما عبره.. حتى خمسة أشخاص في نافذة صيدلية في مستشفى لا يفكرون في احترام الأسبقية بالوقوف في طابور.. انظر ماذا يحدث في المطارات عندما يصدر النداء لركوب الطائرة: تجد جماعتنا يتدافعون صوب البوابات المعنية متدافعين بالمناكب وكأنما ركوب الطائرة يتم بمنطق المثل الخليجي “من سبق لبق” أي – في هذه الحالة – من يصعد الطائرة أولا يجد المقعد المريح والطعام الدسم والافلام المسلية.. لا تحاول ان تقول لهم: يا جماعة كل واحد منا لديه مقعد محجوز باسمه والطائرة لن تقلع ما لم نركب جميعنا فيها!!
التحقت مؤخرا بجامعة سودانية شابة كانت أسرتها تجاورنا السكن في لندن، ولدت هناك ودرست كل المراحل ما قبل الجامعة في لندن وسألتها: كيف أخبارك مع الجامعة فكادت تبكي: ذاي دونت كيو.. إنهم لا يقفون في طوابير في مكتب التسجيل او الكافتيريا.. آي كانط تيك إت إيني مور (فاض بي الكيل).
أخبار الخليج – زاوية غائمة
jafabbas19@gmail.com