تحقيقات وتقارير
الحملة الدبلوماسية لمناهضة أوكامبو .. الخرطوم تتقدم
ابرز ملامح التقرير تتلخص في استمرار الوضع السياسي وتفاعلات مذكرة مدعي محكمة الجنايات بطلب اعتقال الرئيس عمر البشير، فيما زاد الوضع في دارفور سوءا كما زادت احتمالات التوتر بين الشمال والجنوب. وتوقع التقرير ان يرتفع العجز في ميزان المدفوعات من (0,8) الى (4,4) في العام 2009 وذلك ان الحكومة ستجد من الصعب سياسيا خفض الانفاق على الرغم انه سيكون اقل من الارباح المتوقعة من انتاج النفط.كما توقع التقرير ان يرتفع حجم التضخم الى (18) في المائة خلال هذا العام قبل ان ينخفض تدريجيا العام المقبل.
ابرز الاحداث التي ركز عليها التقرير اعلان المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان عن مبادرة (اهل السودان) لحل ازمة دارفور كرد فعل لمذكرة مدعي محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. وكذلك اتفاق الشريكين على الادارة المؤقتة لمنطقة ابيي وكذلك المفوضية القومية للانتخابات واعادة انتخاب الحركة الاسلامية لعلي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية امينا عاما لها.ايضا اشارت معلومات صادرة عن وزارة المالية ان انتاج النفط ظل منخفضا في النصف الثاني من العام 2008 حيث وصل لنحو (441) الف برميل يوميا. وكذلك اتفقت هيئة تنفيذ السدود وحكومة جنوب السودان على انشاء ثلاثة سدود وتأهيل سد رابع.
وبحسب التقرير ظل الوضع غامضا ومتأرجحا على الساحة السياسية السودانية منذ صدور مذكرة التوقيف من كبير المدعين بمحكمة الجنايات الدولية في لاهاي في يوليو الماضي لكن السيناريو المتوقع هو حدوث تقدم في وقت وجيز بالنظر الى التلاحم الداخلي من اجل تحقيق الوفاق الوطني واستمرار المجتمع الدولي في تعامله مع الحكومة السودانية، فالرئيس البشير ماض في سياسة تكتيكية تمزج بين التعاون مع المجتمع الدولي والمانحين وقد تؤدي الى بعض التنازلات لقادة الاحزاب الشمالية والجنوبية في محاولة لتشكيل جبهة واحدة عريضة ضد التهديدات الخارجية.
ومع ذلك هناك مخاطر خاصة اذا صدرت بالفعل مذكرة توقيف في حق الرئيس البشير واذا اوقفت الحكومة تعاونها مع المجتمع الدولي واجبرت منظمات العمل الانساني على الخروج من السودان وامتزج ذلك ببروز المجموعات المسلحة فان ذلك سيؤدي الى تدهور مريع للوضع في دارفور ومع ذلك فإن حزب المؤتمر الوطني الحاكم سيظل مسيطرا على ولاية الخرطوم والولايات المجاورة لها خلال عامي 2008 و2009م.
على المدى البعيد فان اتهامات محكمة الجنايات الدولية سيكون لها تأثيراتها ايضا على سير انفاذ اتفاق السلام الشامل بين الشمال والجنوب فقيادات الحركة الشعبية لتحرير السودان تبدو منقسمة حول كيفية التعامل مع اتهامات مدعي محكمة الجنايات كما هي منقسمة أيضاً حول كيفية التعامل مع نواقص انفاذ اتفاق السلام الشامل وتبرز ايضا احتمالات نشوب اشتباكات على الحدود بين الشمال والجنوب بما في ذلك المناطق الغنية بالنفط مثل ابيي ومناطق جبال النوبة والنيل الازرق.
كذلك من المرجح ان تؤجل الانتخابات التشريعية المعلنة منتصف العام المقبل بالنظر الى الوضع السياسي المتأرجح وخلال سعيها لخوض الانتخابات فإن الاحزاب السياسية ستسعى الى تشكيل تحالفات.
ومع غياب عملية سلام مؤثرة وفعالة نتوقع استمرار حالة عدم الامن في دارفور وتعرض جنود حفظ السلام وعمليات المساعدات الانسانية لهجمات كما ان جهود المجتمع الدولي لحل الازمة تصطدم بعقبات مذكرة التوقيف التي اصدرها مدعي محكمة لاهاي كما ان النزاع يمكن ان يمتد لولاية كردفان و يندلع في جبال النوبة.
ان تأجيل اصدار مذكرة التوقيف سيخفف (الأزمة) التي تواجه الحركة الشعبية لتحرير السودان التي ترغب في الاستمرار مع شريكها في الحكم المؤتمر الوطني لإنفاذ اتفاق السلام الشامل وهذا ما حدا بالحركة الشعبية التركيز على ايجاد حل شامل لأزمة دارفور ولذلك يضيف التقرير اتفقت الحركة الشعبية مع حليفها المؤتمر الوطني وبقية حلفائهما في الحكم في العاشر من اغسطس المنصرم على آليات واهداف مبادرة اهل السودان لحل ازمة دارفور ومع ان تفاصيل هذه الأزمة وتأثيراتها غير معروفة حتى الآن الا انها شكلت جزءاً من سلسلة اجراءات دبلوماسية وسياسية اتخذتها الحكومة السودانية منذ ان تقدم لويس اوكامبو بمذكرته لقضاة المحكمة الجنائية الدولية في يوليو المنصرم وقد قام البشير بزيارة لولايات دارفور حظيت باهتمام فائق واظهرت كلماتها في اللقاءات الجماهيرية عزمه الاكيد لحل الازمة سلميا.
وفي مطلع اغسطس ايضا قام وزير الدفاع الفريق عبد الرحيم محمد حسين يرافقه وزير الداخلية ابراهيم حامد محمود ومدير جهاز الامن والاستخبارات الفريق صلاح عبدالله قوش ومفوض العمل الانساني حسبو محمد عبدالله للوقوف على الوضع الامني بالاقليم.
يضاف الى ذلك فإن الحكومة اظهرت السعي للاعدد لاجراء تحقيقات في الاقليم ففي الخامس من اغسطس اعلن وزير العدل عبد الباسط سبدرات تعيين نمر ابراهيم محمد مدعٍ خاص لجرائم دارفور منذ العام 2003 وفي موازاة ذلك واصلت الحكومة حملتها الدبلوماسية الخارجية لكسب القضية وقد حققت نجاحا مقدرا في ذلك حيث اعلن الاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي والعديد من الدول كمصر وجنوب افريقيا مساندتها للحكومة السودانية وحذرت من ان اتهامات مدعي المحكمة الجنائية الدولية من شأنها تقويض الامن والاستقرار في السودان ونتيحة للضغط المتواصل للدبلوماسية السودانية اعرب مجلس الامن الدولي في قراره الخاص بتمديد ولاية قوات اليونميد في دارفور اعرب عن قلقه من التداعيات التي يمكن ان تنجم عن مذكرة اوكامبو.
وبعد صدور هذا القرار ومع استمرار الاصوات المطالبة بالغاء او تجميد خطوات مدعي محكمة لاهاي قال مجلس الامن ان موضوع المحكمة لم يكن مدرجا في اجندة اعماله لشهر اغسطس وقد ينظر فيها لاحقا.
ان وعود الحكومة السودانية بحسب التقرير ستحدث تقدما في الاقليم وعلى وجه التحديد في مسار السلام وتسهيل عملية نشر القوة الهجين وتحسين الوضع الانساني كما لا يبدو أن قضاة المحكمة سيتخذون قرارا حول مذكره اوكامبو خلال الاشهر القليلة المقبلة بجانب ذلك فإن مجلس الامن الدولي ما زال منقسما على نفسه. فالصين وروسيا تدعمان تجميد مذكرة اوكامبو بينما تعارض بريطانيا وروسيا والصين أية خطوة في هذا الاتجاه.
ان التقدم الحقيقي في مسار السلام في دارفور ـ بحسب التقرير ـ لا يمكن ان يتحقق الا في حالة امتناع بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الامريكية من استخدام حق النقض الفيتو ضد مشروع قرار تطرحه الصين وروسيا امام مجلس الامن الدولي تحت المادة (16) من ميثاق روما الذي أسست على ضوئه محكمة الجنايات الدولية او طلب تأجيل إصدار مذكرة التوقيف عبر مجلس الامن لكن الولايات المتحدة التي تنتابها الشكوك حول المحكمة الجنائية الدولية كمؤسسة قد تتخذ اجراءات في حق الرئيس البشير مضغوطة من اللوبي الذي تشكله مجموعة انقذوا دارفور.
الوليد مصطفي :الراي العام [/ALIGN]