زهير السراج

متى يا سيدى تفهم..؟!


[ALIGN=CENTER]متى يا سيدى تفهم..؟![/ALIGN] * بدون سابق إنذار صدرت تعليمات لطلاب مدرسة (أم القرى) الثانوية بمنطقة الكدرو، شرق النيل بإخلاء مدرستهم والانتقال منها إلى مدرسة (السائح) الثانوية للدراسة فى فترة ما بعد الظهر.. هكذا بدون إخطار مسبق وبدون ترتيب وبدون نظام وبدون أي قواعد للتعامل التربوي السليم الذي يفترض أن تغرسه وزارة التربية في نفوس طلابها، ولكنها للأسف فإنها ــ مثل أية جهة حكومية أخرى ــ تتعامل مع الطالب كأنه خادم عليه أن يسمع الأوامر ويطيع، بينما تنتظر منه أن يكون في المستقبل أحد العقول أو السواعد المبدعة التي تنهض بالبلد..!!
* كيف يفعل ذلك وهي تنزع من نفسه روح التحدي والطموح في هذه السن وتغرس فيه روح الاستسلام وطاعة الأوامر وتعامله معاملة العبد والخادم.. وكيف لبلد أن تنهض وكل مواطنيها عبيد وخدم لحكوماتها ورغباتهم؟!
* قد لا يرى البعض في هذا السلوك نوعاً من الخطأ، بل ربما لا يلفت نظره، أو قد ينظر إليه من الزاوية الضيقة الخاصة ببعد المدرسة ومشقة المواصلات وتغيير مواعيد الدراسة من الفترة الصباحية إلى ما بعد الظهر، وهي جوانب لها أهميتها أيضاً وتأثيراتها السالبة الكثيرة والمتنوعة، ولكن كيف يفوت على الوزارة المسؤولة عن التربية والتعليم الأبعاد الأخرى الخطيرة لمثل لهذا السلوك المتعلقة بغرس روح المشاركة والمبادرة والقيادة واتخاذ القرار في نفوس الطلاب وهي الأسس الحقيقية التي يجب أن تبنى عليها أجيال المستقبل وليس فقط (جدول الضرب) وقواعد الإعراب ونظرية فيثاغورث..!!
* أهم ما في العملية التربوية هو أن تزرع في نفس الطالب القيم العليا بكافة أشكالها وأنواعها التي تصنع منه إنساناً صالحاً لنفسه وأسرته ومجتمعه ووطنه والإنسانية جمعاء، ليس بالنصائح والمواعظ والتعليمات والأوامر، وإنما بالسلوك التربوي العملي السليم الذي يضعه في مركز الحدث ويستحثه على المبادرة والاجتهاد ويدفعه إلى التغيير نحو الأفضل ليس بدافع الخوف من العقاب أو الفشل أو الحصول على وظيفة محترمة في المستقبل تدر عليه المال أو تعطيه البريق الاجتماعي وإن كان هذا طموحاً مشروعاً، وإنما بدافع التطور والتطوير!!
* أحد أهم الأسباب التي جعلت الكثير من المجتمعات تتقدم هو المنهج التربوي الصحيح الذي لا يجده الطفل أو الطالب في الكتب أو الحصص المدرسية فقط، وإنما يحسه في كل تعاملاته مع البيئة المحيطة به التي يشكل هو نفسه جزءاً أساسياً منها ويشعر باحتياجاتها ويشارك في تطويرها.. بدافع المشاركة في التغيير لا خوفاً من العقاب!!
* وأحد أهم أسباب تخلفنا هو المنهج الأبوي الصارم الذي يسيطر على حياتنا ويجعلنا ننشأ على الخوف من العقاب أو الفشل ويقتل فينا روح المبادرة والطموح ويجعل أقصى أحلامنا هو وظيفة توفر لنا البريق الاجتماعي والمال!!
* ألم يحن الوقت بعد للنظر بعمق إلى أسباب مشاكلنا وتخلفنا والعمل على التخلص منها؟!

مناظير – صحيفة السوداني
drzoheirali@yahoo.com
5 يوليو 2010