[ALIGN=CENTER]مليارات صابر [/ALIGN]
السيد صابر محمد الحسن، محافظ بنك السودان، أي (أمين بيت المال) قال في ندوة عامة وليس في غرفة مغلقة إنه في حالة الانفصال وذهاب الجنوب ببتروله سوف تفقد الخزينة العامة لدولة الشمال الباقية سبعة مليارات من الدولارات (حتة واحدة)، أما الشيخ المك، وكيل المالية السابق فقد قال (ستة وشوية)، وعلى العموم الفرق ليس كبيراً بين الرجلين الماليين. هذا المبلغ أصاب الكثيرين بالذعر، فأهل الشمال هذا الخبر محزن ومخيف بالنسبة لهم، أما دعاة الانفصال في الحركة الشعبية قد سعدوا بهذه الأخبار السارة، فإن يقال لهم إنّ هناك سبعة مليارات دولار سوف تأتي لخزينة الدولة الجديدة ومن بترول الجنوب فإنّ هذا شيء مفرح، لا بل لن يتوقف الأمر عند النظرة المالية البحتة فسوف يزداد الشعور بالزهو نتيجة التخلص من الظلم، لأنّ هذا يعني أنّ الشمال فعلاً كان مغتصباً لحق جنوبي وبالتالي يصبح الانفصال ثورة حقيقية ومن كافة النواحي.. سياسياً عادت السيادة لأهلها، إقتصادياً تم استراداد حق سليب، إجتماعياً إنتهى عهد التهميش والمواطنة من الدرجة الثانية. سيبقى البترول تأسيساً على معلومة صابر هو المؤجج والمحرك الأول للانفصال، وإن كانت المطالبة بالانفصال قديمة قدم الحركة السياسية الجنوبية منذ أيام أقري جادين في مطلع ستينات القرن السابق. بالطبع ليس في إمكاني ولا إمكان أي مواطن عادي أن يدخل مع صابر في مغالطة وهل ما تفضل به من معلومة خطأ أم صواب، فصابر وبحكم المنصب هو سيد العارفين في هذا الأمر. ولكن يحق لنا أن نسأل صابر هل السبعة مليارات في حالة سعر البرميل والإنتاج الحاليين ؟ ألا يتغيّر هذا الرقم في حالة تذبذب الإنتاج والأسعار؟ هذه الأسئلة لكي نمهد للأسئلة التالية وهي: ما هو السر الذي جعل صابر يفضي بهذه المعلومة وعلى الهواء مباشرة ؟ هل أرادها فزاعة موجهة لدعاة الانفصال في الشمال (ناس الطيب مصطفى)؟ هل أراد أن يمهد لصفقة سياسية (نيفاشا ثانية)؟ هل أراد أن يدفع أهل الجنوب للإسراع بالانفصال؟ هل أراد أن يبرئ ذمته من ضائقة مالية قادمة؟ وهل… وهل؟ … الأسئلة تترى وقد لا يجيبنا مجيب الآن، لكن ياخبر بفلوس وباكر ببلاش. الأمر المؤكد أنّ الميزانية سوف تتأثر بالخطوة السياسية القادمة في حالة الانفصال أوحتى في حالة الوحدة، فلو ارتضى الجنوبيون الوحدة سوف يكون ذلك على أسس جديدة، وسيكون أول هذه الأسس إخراج البترول من قسمة نيفاشا، فقد قال الراحل جون قرنق من قبل للجنوبيين الذين قالوا له كيف تتنازل عن خمسين في المائة من بترول الجنوب للشماليين فأجابهم بالقول: أنتم أصلاّ لم يكن لكم فيه أي نصيب، فأنا قد أتيت لكم بخمسين في المائة ولنناضل كلنا من أجل الخمسين الباقية. فالفرصة الآن جاءت لعودة الخمسين بالوحدة أو بالانفصال. عليه على أهل الشمال او بالأحرى حكومة الشمال في حالة الانفصال، أو الحكومة الاتحادية في حالة الوحدة وإن (كانت مستحيلة) أن تفكر الآن في سد النقص في الميزانية، وذلك الذي أشار إليه صابر. فاسمعونا منذ الآن؛ لم يعد في جسد هذا الشعب مكان لضريبة أو رسوم جديدة، استنباط مورد جديد حتى ولو كان بترول يحتاج لزمن، مستثمر خارجي لن يأتي في ظل عدم الاستقرار السياسي الحالي، والمتاح حاليا هو أن (تكرب) الحكومة بطنها. أعيدوا النظر في الأجهزة الحاكمة وزراء وبرلمانيين، بطلوا السفر، أعيدوا النظر في ميزانيات التسيير من عربات ومكالمات وأثاثات، أتركوا الاحتفالات، ثم اسألوا صابر.
صحيفة التيار – حاطب ليل- 8/7/2010
aalbony@yahoo.com