تحقيقات وتقارير

السودان وتشاد .. فرنسا هذه المره

[ALIGN=JUSTIFY]رغم رفض الحكومة المتواصل لكل ما تطرحه فرنسا في الفترة الاخيرة، الا ان باريس تقابل هذا الرفض بمزيد من المقترحات وبذات التواصل ،لكن قبول فرنسا مقترحا سوريا في استضافة قمة سودانية تشادية والمساهمة في عودة العلاقات بين الخرطوم وانجمينا، يضع الحكومة هذه المرة في محك صعب ،ففرنسا قطعا يمكنها لعب الدور لعلاقتها ونفوذها المعروف في تشاد ويبقى على الحكومة ابداء حسن النية وقبول العرض، رغم ان الحكومة بدت منذ فتره زاهدة في كل ما تقدمه باريس وهي تحن الى ادوار سابقة لفرنسا بعيدا عن التأثير الامريكي والبريطاني.
وفرنسا التي لاتخفي رغبتها الدائمة في المساهمة لحل قضية دارفور جددتها مرة اخرى عبر بوابة تطبيع العلاقات بين السودان وتشاد، حيث اكد وزير الخارجية الفرنسي دعم بلاده لخطوات الحكومة الرامية لتحقيق السلام والاستقرار في دارفور. وقال في تصريحات صحفية في العاصمة السورية دمشق ان بلاده تعمل خلال المرحلة القادمة من أجل تحقيق السلام في دارفور، وكتأكيد عملي للرغبة الفرنسية، كشف كوشنير في ذات التصريح عن قبول فرنسا لمقترح الرئيس السوري بشار الاسد واستعدادها لاستضافة قمة سودانية تشادية بباريس تهدف لتطبيع العلاقات بين السودان وتشاد. وقال إنها ستكون برعاية فرنسية ودعم سوري قطري تركي.
ولم يكتف الوزير الفرنسي الذي عرف بعلاقاته المميزة مع المسلحين خاصة عبد الواحد محمد نور رئيس حركة تحرير السودان بقبول المقترح السوري، بل حذر من سياسة ممارسة الضغوط على الحكومة السودانية خاصة فرض العقوبات، مبينا انها سياسة تقود الى مردود عكسي ولن تسهم في حل ازمة دارفور، واضاف على ما يبدو تمهيدا للدور الفرنسي القادم، ان باريس تقف مع وحدة السودان وترفض محاولات تقسيمه والتدخل في شئونه الداخلية.
لكن الدكتور حسن مكي الباحث في الشأن الافريقي بدا غير متحمس للفكرة من حيث المبدأ، وقال لـ«الرأي العام » ان السودان اكثر بلدان العالم به تدخلات خارجية. واضاف ان العلاقة بين السودان وتشاد يجب ان تحل بين الطرفين دون وساطة خارجية مشيرا الى ان كل التجارب حتى الآن اثبتت فشل التدخل الخارجي في السودان. وقال ان الاستمرار في الاستعانة بالآخر إعادة لانتاج ذات الفشل، بل ذهب ابعد من ذلك وقال ان السودان تأخر في معالجة الوضع مع تشاد، واضاف ما كان ينبغي اصلا ان يقطع علاقاته مع انجمينا.
واكد حسن مكي ان فرنسا في هذا الشأن ستركز على مصالحها بينما يجب التركيز في المقام الاول على مصالح السودان وتشاد والتي يمكن احتواء ما بينهما عبر السفارات والزيارات المتبادلة بين الجانبين، مشيرا الى ان هناك قنوات كثيرة يمكن عبرها احتواء الموقف.
مراقبون ومحللون سياسيون اكدوا ان الحكومة ستتأنى قبل اعلان موقف رسمي من الجهود الفرنسية في هذا الصدد، بعضها رجح عدم الاستجابة مشيرا الى قناعة الحكومة وانها لا تترقب دور فرنسي ايجابي منفصل عن الدور البريطاني والامريكي الذي يعتمد على سياسة الضغوط، بينما آخرون يرون ان الحكومة اذا رأت مصلحة في الجهود الفرنسية خاصة وهي راغبة فعليا الآن في عودة العلاقات مع تشاد ضمن جهودها لايجاد حلول عاجلة لازمة دارفور لذلك يمكن ان تتحمس للمقترح خاصة انه أتى من دولة صديقة لها مكانتها وهي سوريا التي ربما تشاورت مع الحكومة في الامر قبل طرحه على الوزير الفرنسي.
الدكتور ابراهيم ميرغني استاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين شكك في مدى نجاح القمة وقال لـ«الرأي العام » ان نسبة نجاحها ليست كبيرة. وربط ذلك بالظروف الآنية التي تمر بها الحكومة بعد طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية توقيف الرئيس البشير، واضاف ان الحكومة ايضا لا تنتظر من فرنسا دورا محايدا اذا توسطت بينها والحكومة التشادية، مشيرا الى ان الامر لا يخلو من تعقيدات الازمة التشادية نفسها. ففرنسا لعبت دوراً كبيراً في صد المعارضة التشادية وتمكين الرئيس التشادي ادريس ديبي والمعارضة التشادية محسوبة على الحكومة السودانية، لذلك من الصعوبة النظر لدور فرنسي ايجابي ومحايد، واضاف: لذلك اعتقد ان الامر ليس اكثر من ضغوط تمارسها فرنسا باعتبارها رئيسا للا تحاد الاوربي.
عموما يبدو ما بين السودان وتشاد واضح، تتحكم في مصيره المعارضة في كل بلد، بينما التوافق على حل مشكلة دارفوريظل مدخلاً رئيسياً لإنهاء التوتر في المنطقة.
أميرة الحبر :الراي العام [/ALIGN]