تحقيقات وتقارير

الضربات تنهال على المشروع الأمريكي الإمبريالي


[ALIGN=JUSTIFY]رهانات الآخر .. والمكر الإلهي…
جماهير دارفور برأت البشير والتحديات تخلق الأمم العظيمة
«يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين».. ومع أن الأوضاع الحالية فيها قدر كبير من المكر والدهاء للإحاطة بالرمز الوطني ممثلاً في رأس الدولة ورئيس الجمهورية الرئيس عمر البشير لكن ليس هناك من يستطيع الاحاطة بالمكر الالهي، أو يتوقع مفاجآت الاقدار الالهية..
ومن العجيب ان الرئيس البشير الذي يحاولون ان يسددوا إليه الطعنات.. والذي يقولون انه وراء أحداث دارفور.. من كان يتوقع ان تخرج كل دارفور بمدنها الثلاث الرئيسية لاستقباله.. حيث جاءت براءته من أهل دارفور انفسهم كبراءة الذئب من دم ابن يعقوب.
ومن عجب ان الذين يسددون رمياتهم ضد السودان ويصوبون سهامهم تجاه النخبة الاسلامية الحاكمة، لا يدرون ان النخبة الاسلاميمة الحاكمة هي سهم الاساس في بناء السودان الحديث.. وانها اساس الوحدة الوطنية..
.إنتاج الفشل
ومن عجب ان الذين يزاودون على الأجنبي ويزاودون على امريكا ويزاودون على محكمة الجنايات الدولية.. والذين باتوا يعيدون انتاج فشلهم في ادارة أمر السودان، نراهم الآن يخرجون من تحت عباءة التبعية للكتلة الشيوعية الى التبعية لأهل المال ورأس المال.. ولكن، نقول لهؤلاء وهؤلاء انه مهما تكاثرت السهام والنصال ضد النخبة الاسلامية الحاكمة، إلا ان على كل الآخر الذي يستعين بالاجنبي ان يعلم ان التحديات العظيمة هي التي تخلق الأمم العظيمة.. وأن العظائم كفؤها العظماء. ولعل في اشكالات السودان الكبيرة أن العلم السوداني رفع في 1/1/1956م قبل أن تبرز أمة سودانية متجانسة ولذلك يمكننا القول انه في لحظة رفع العلم الوطني كان التجانس القومي واللساني والوطني لا يتجاوز وسط السودان. أو المنطقة الوسيطة من النيل حيث نبعت الحركة الوطنية ممثلة في مؤتمر الخريجين الذي خرجت من رحمه النخب السياسية.. ومن ثم الاحزاب السياسية السودانية. ومن العجيب أن تمرد (توريت) إندلع في أغسطس 1955م قبل رفع العلم واعلان الاستقلال.. وكان جل ضحاياه من المدنيين.. ويحاول كثيرون التبرير لتمرد (توريت) الذي لم يكن أكثر من طعنة نجلاء في خاصرة الحركة الوطنية.. وإلاّ فإلى من وجه تمرد توريت اصلاً والسودان لم ينل استقلاله بعد ولم يرفع علمه..
واذا كان هناك ظلم في مسألة (السودنة) وقسمة الوظائف فهل تقع الجنية على التجار والمعلمين الشماليين الذين ذهبوا واستقروا في الجنوب لبذر بذور الحضارة وبسط النور ونهضة التعليم.. وماذنب الاطفال الذين قتلوا والنساء اللاتي ذبحن.
رمزية الحضور
وننظر لنشاهد محاولات سب النخبة الشمالية كل يوم وتسب في إطارها كذلك الحضارة العربية والاسلامية ليست مسؤولة عن (خياطة) السودان الحالي، فالسودان الحالي (حياكة) مصرية اكدت عليها فيما بعد الادارة الانجليزية..
وحتى مؤتمر جوبا العام 1947م الذي أدى الى وحدة السودان الحالية، كان تمثيل الشمال فيه فقط ثلاثة أشخاص.. بينما مثل الجنوب بسبعة عشر جنوبياً بالاضافة الى عدد من الاداريين الجنوبيين والانجليز.
إذاً، الصوت الشمالي في تقرير أمر الوحدة بمؤتمر (جوبا) كانت له رمزية الحضور فقط، وليس مسؤولاً اطلاقاً عن اتجاه الجنوب نحو خيار الوحدة.. وحتي المشاركين الشماليين الثلاثة في مؤتمر جوبا 1947م قد تم إختيارهم من قبل الادارة الانجليزية.
ولماذا نقول هذا الآن؟.. لأنه تتم بالحوار مع الذين يسودون الصفحات كل يوم، وجوهر ما يسودونه أن هناك ظلماً واقعاً عليهم من الشمال.. ثم يقومون بإسقاط هذا الظلم على النخبة الاسلامية الحاكمة.. وهذه النخبة الاسلامية الحاكمة هي التي سعت الى سلام الداخل والخارج.. الى أن وقعت على بروتوكولات (نيفاشا) الستة في يناير 2005م بنيروبي.. والتي وقعت كذلك اتفاقيتي أبوجا وأسمرا.. وهي التي دفعت بالآف الشهداء من أجل الوحدة والسلام.. ثم لم تعمها وتحجبها ظروف الحرب والدماء عن الأفق الاستراتيجي لكل حرب، وهو الجلوس للحوار والسلام والتعافي من آثار الحرب بالتنازلات وبذلك الود والحب والتصالح، ثم اقامة حكومة الوحدة الوطنية.
تركيبة شكلية
ولكن للأسف الشديد برزت حكومة الوحدة الوطنية مجرد تركيبة شكلية دون سياسات حقيقية للوحدة الوطنية.. ولا يمكن أن تكون هناك سياسات وحدة وطنية، دون حس وطني، ودون رفض للاجندة الخارجية وجدول الاعمال الاجنبي.. وكذلك دون ترك المطالب الآنية الذاتية والصراعات قصيرة النظر..
ومن العجيب انه ما من معارضة قطعت وأبعدت النجعة كالمعارضة السودانية التي تحالفت مع اسرائيل وتحالفت مع الاستخبارات الاجنبية وعملت على حرق المجتمع.. ولو حدث ذلك في أية دولة اخرى غير السودان.. ومع أية نخبة غير النخبة الاسلامية الحاكمة لتم نبذ هذه المعارضة على الصعيد الداخلي والخارجي، ولتم وصمها بالخيانة الكبرى.. لأن من يتآمر على وطنه وشعبه ومن يشعل الحريق ضد حركة التعليم والصحة وضد الانسان ويدمر بنيته التحتية لا يقابل إلاّ بالاحتقار حتى من الذين يرون فيه صديقاً يوظفونه أو يستخدمونه.
القواسم الوطنية
ومع ذلك فإن القواسم الوطنية المشتركة.. والسياسات الوطنية المطلوب تنفيذها في هذه المرحلة لا تؤمم الآخر، ولا تلغي التنافس السياسي المشروع.. والحق المشروع في التنافس على السلطة.. دون فجور في الخصومة السياسية.. ودون تعويق لمصالح الامة.. ودون رهانات على الدور الاجنبي.. ولكن للأسف فإن بعض مكونات حكومة الوحدة الوطنية تخلط بين تصفية الحسابات ومطلوبات المرحلة.. وبين حرق البلد وتجاوز النظام.. وللاسف فلقد عشنا الى أن رأينا البعض يعتز بجواز سفره البريطاني أو الامريكي أو الاثيوبي اكثر مما يعتز بوثائقه السودانية أو بهويته القومية.
صراع أبيي
وللأسف فقد طرب البعض من اشتداد الصراع في (أبيي)، وموت الابرياء والمظلومين في دارفور.. وهلل البعض لتدفق دماء السودانيين.. كما شمت البعض من وضعية الرئيس المحبوب والوطني الغيور المشير عمر البشير بعد ادعاءات (اوكامبو) الفارغة.. والسعي لخلق فراغ سياسي ودستوري بتوقيف الرئيس البشير، ومن ثم اشعال حريق يغطي على انجازات المرحلة ومعالمها ومطلوباتها.. وصحيح أن (اوكامبو) يمثل ارادة دولية تريد أن ترى المشروع الاسلامي جثة.. والحركة الاسلامية (فطيساً) وتريد أن تجعل من حركة الاسلام في هذا البلد الطيب أهله، أمثولة لكل حركة اسلامية في العالم تريد أن تتقدم للسلطة.. وتريد أن تتقدم بمشروع اجتماعي.. وكذلك تستهدف ادعاءات (اوكامبو) ان تجعل من المؤتمر الوطني ونخبته الحاكمة (أمثولة) لكل تيار وطني صميمي يرفض التبعية والهيمنة ويرفض اسرائيل.
مباراة صفرية
ولكن من يكسب في هذه المباراة (الصفرية) الجميع خاسر.. والوطن هو الخاسر الأكبر..
فرئيس البلد حتى وإن اخطأ، فالمطلوب أن يقوم بمحاسبته أهل البلد بمحاكمهم وبرلمانهم ومجالسهم ونصائحه، وانتخاباتهم القادمة .. ولكن يوم يصبح أمر اقامة حكومة.. وتجديد حكومة .. وزراعة حكومة.. شأن الاجنبي، وبإرادة الاجنبي، تسقط الارادة الوطنية، وتذبح الهيبة القومية، وينخلع امر السيادة ويصبح أمر السودان هو الاجنبي.
وصحيح أن موازنة القوى متباينة، وانه في هذه اللحظة الراهنة كأن أمريكا تنفرد بإدارة الامور الكونية.. ولكن رغم ذلك فإن على الارادة الوطنية ان تتكامل وتتحالف وتنهض سوياً.
وها نحن نرى الادارة الامريكية والمشروع الامبريالي تنهال عليه الضربات في افغانستان والعراق وأنجازيا واوسيتيا الجنوبية وكوريا الشمالية وايران وحزب الله.. وفي كل هذه الدول تم ذلك بالوحدة الوطنية والسياسات والوطنية.
والسودان بلد قاري متكامل، والذي كما قلنا في مقالات سابقة ليس كـ (غزة) ولا يمكن حصاره.. لأن محاصيله تتكامل.. ومزارعه تتكامل.. وحدوده مفتوحة على تسع دول.. فالسودان بهذا العمق والتكامل هو الاقدر على مجابهة الحصار الامريكي.. وهو الاقدر على مجابهة تحدي أوروبا واسرائيل.
درس للعالم
والسودان بهذه المؤهلات قادر على تقديم درس الى العالم.. وتقديم نموذج للادارة الوطنية والتحالف الوطني والالتفاف الداخلي.. وذلك لا يتم إلاّ بالقراءة الموضوعية والمنطقية وتقديم البدائل وفقه المرحلة من خلال رؤية كاملة ومتكاملة وافق استرتيجي يتماشى مع مصلحة السودان ومع خطة عامة تتفق عليها مكونات حكومة الوحدة الوطنية.
وفي هذا، لا بد أن تكون النخبة الاسلامية الحاكمة على رأس الامر، لانها هي التي تدير المعركة.. وهي التي تتكامل عندها التقارير والاتصالات.. ولا بد أن تكون على قدر المسؤولية حتى لا تقع في (فخ) النظام الدولي.. وحتى تجنب البلاد والعباد حرائق الفوضى غير الخلاقة.. لأن الفوضى التي تريد ما أمريكا فوضى غير خلاقة وغير فعّالة.. لأنها فوضى تستهدف أكل الاخضر واليابس.. وتريد أن تجعل السودان كالصومال.
وقفة للوطن
وقد رأينا ماذا فعل التدخل الخارجي في الصومال.. حيث احال الصومال الى أمراء حرب ومليشيات متخاصمة.. ومناطق نفوذ للاجنبي. ولكن السودان لن يكون على نموذج الصومال، فالسودان بلد الحضارات القديمة، بلد نبتة وكوش ومروي والممالك المسيحية والسلطنة السنارية والمهدية ومؤتمر الخريجين وحركة الاحزاب السياسية.. السودان الذي أثمرت ارضه البترول واثمرت حقوله الذهب .. ويثمر في مشاريع الاتصال ومشاريع البنى النحتية والكهرباء. ويجري فيه اكبر مشروع للتكامل السياسي، وتم فيه الاحصاء السكاني وغداً في يوليو القادم بإذن الله تعالى ستكون الانتخابات..
لذلك فإن هذا السودان يستحق منا كل الوقفات.. وقفة مع الرئيس البشير.. ووقفة مع النخبة الحاكمة.. ووقفة مع مشاريع النهوض والتنمية، ووقفة مع الذات (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون).
تحت الضوء :على أسماعيل العتبانى :smc[/ALIGN]