عبد اللطيف البوني

قمنا على اللكلكة؟


[ALIGN=CENTER]قمنا على اللكلكة؟ [/ALIGN] نحن في السودان نهوى أوطاننا، هذه واحدة، وإن رحلنا بعيد نطرى خلانا، هذه الثانية، ورحم الله أحمد المصطفى الفنان السمح، أما الثالثة فنحن ملكلكين، لسنا من هواة اللكلكة بل اللكلكة أصبحت جزءًا من طبيعتنا وكأنها تجري في دمائنا، وخرجت هذه اللكلكة من ذواتنا الفانية إلى دولتنا المؤسسة الاعتبارية الكبرى وإلا فقل لي بربك بماذا تفسر المواقف التالية: في تصريح للسيد رئيس نقابة العاملين بالتربية والتعليم قال إن العام الدراسي قد بدأ أعرج، ونفس الشيء قال به الذين يعملون في الحقل الزراعي، فالموسم الزراعي لم يبدأ أعرج بل بدا بدون ساقين والحمد لله على نعمة المطر التي سوف تنقذ الموسم إن شاء الله، أما في الحقل الطبي حيث لا يوجد موسم لأن المرض لا يعترف بالمواقيت فالعرجة مستدامة إن جينا للحق علينا نسأل ماهو الشيء الذي لا يشكو من العرجة في بلادنا نحن أيها السادة قومٌ ملكلكون، وبهذه المناسبة نحكي طرفة حزينة نكسر بها حدة هذا الموضوع فأحد أعمامنا وهو رجل فارس رحمه الله رحمة واسعة كان منوَّمًا في مستشفى الخرطوم في عنبر يكثر منه الراحلون إلى الدار الآخرة فكان كلما سمع صراخًا يدل على أن أحد المستشفين في العنبر رحل يقول (تاااني قمنا على اللكلكلة؟). عودة للموضوع وإن لم نخرج عنه فالعام الدراسي قد بدأ ملكلكًا بصورة فوق العادة فأن يكون هناك نقص من الكتب أو المعلمين أو الأدوات الدراسية من أدراج وكنب وطباشير فهذا أمرٌ طبيعي لكن هذا العام كان النقص في معرفة المقرر نفسه؛ فعلى حسب علمي أن هناك مقررات جديدة وكُتبها معدومة لا بل هناك اختلاف في محتويات الكتب التي أصدرت الوزارة قرارًا بأنها كُتب المقرر؛ ففي الجزيرة تختلف محتويات الكتب عن الخرطوم، أما أسعار الكتب فهي متفاوتة حتى داخل العاصمة أكثر من التفاوت في أسعار الجرجير، كل هذا لأن الوزارة قررت فجأة تغيير بعض المقررات ولم تطبع الكتب المقررة لأن دار النشر التربوية لحقت أمات طه وعهدت بذلك للمطابع الخاصة وبلَّغتها بالأمر متأخرة وكبَّلتها بالإجراءات الروتينية، علمت من أحد الآباء أنه اشترى كتاب الكيمياء لثالثة ثانوي بمبلغ خمسة جنيهات أي خمسين بالقديم، وكان ردي الطباعة كثيرة الأخطاء وهو يخشى أن لا يكون مطابقًا للمقرر. في الزراعة بالطبع الأمر أكثر روتينية فالتحضير للموسم الزراعي دومًا متأخر، وفي هذا الموسم تأخر وصول المياه لعدة أسابيع كما ذكرنا هنا من قبل، وفي بعض مناطق الزراعة المطرية يشكو المزارعون من تأخير إجراءات التمويل المصرفي، وفي بعض مناطق الزراعة المروية مازال المزراعون يبحثون عن التقاوي الجيدة وبعضهم توكل على الله واعتمد على مخزنه في تقاوية (بيني وبينكم كدا أفضل مش كفاية تقاوي القمح المضروبة التي أحضرها ذلك البنك المسؤول عن الزراعة ولم تنبت منها ولاسنبلة واحدة) قديمًا كان تبديل المقررات يتم في سلاسة ويسر، فعندما يعتمد المقرر الجديد يتم تجريبه لعدة سنوات ثم يوضع المقرر بصورة نهائية وينقح وتطبع منه الكميات المطلوبة ثم توزع حتى بعد ذلك يعلن عنه، وكذا في الزراعة كانت البحوث الزراعية عندما ترى ضرورة وجود تقاوي جديدة تقوم بتجريبها في مزرعتها ثم تجربها في مناطق مختلفة من المشاريع المروية ثم بعد ذلك تسمح للمزارعين بزراعتها، أما اليوم فلا تجريب في المناهج ولا تجريب في تقاوي المحاصيل وكلها (ضربة رماة) فكانت اللكلكة البادية الآن.

صحيفة التيار – حاطب ليل- 26/7/2010
aalbony@yahoo.com