تحقيقات وتقارير

الجندر: كفر أم فسوق أم فجور

[JUSTIFY]ما علاقة الصرح التعليمي الأعظم في السودان «جامعة الخرطوم» بنسوة سيداو، بل ما علاقته بهيئات تغريب المجتمع وسلخه عن جذوره الثقافية والحضارية والتابعة للأمم المتحدة حتى تسلمها ظهرها لتمتطيه بثمن بخس بل ربما بالمجان؟!.
عندما تصدر مجموعة من النسوة بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة كتيبات ذات منحى ومضمون فكري وحضاري يتعارض مع توجُّهات هذه الأمة بل عندما تصدر تلك الكتيبات تحت اسم جامعة الخرطوم يحق لنا أن نتساءل: لماذا تدخل جامعة الخرطوم في هذه المغامرة الخطيرة مشوِّهة من مسيرتها الناصعة وملطِّخة من تاريخها الحافل بالعطاء والإنجاز، ثم مقابل ماذا ترتكب الجامعة هذه الحماقة وكيف ولماذا يقوم مجلس شؤون الأحزاب بعقد ورشة في داره تُعرض فيها هذه الكتيبات ويتبناها كما لو كانت أمراً متفقاً عليه؟!!
كان الأولى بجامعة الخرطوم أن تترك هذا الأمر لجامعة الأحفاد التي تنحدر د. بلقيس بدري مقدِّمة أهم الأوراق في تلك الورشة من الأسرة التي أنشأتها ولا تزال تدير شؤونها بالتعاون مع هيئات الأمم المتحدة التي دأبت على دعم تلك الجامعة وعلى منحها عناية خاصة بغرض تسخيرها للعب دور معلوم.
في هذا الصدد كتب الأستاذ سعد أحمد سعد عدداً من المقالات اخترت أولها لأفتح شهية القراء لمتابعة هذا القلم الذي تستضيفه «الإنتباهة» يومياً في صفحاتها الداخلية.
الجندر: كفر أم فسوق أم فجور
جامعة الخرطوم أنموذجاً

أرسل لي أخ عزيز ثلاث إصدارات نشرتها جامعة الخرطوم بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة.
هذه فقط أربع عشرة كلمة.. وهي وحدها تكفي لبيان أن هذا الأمر تحيطه كثيرٌ من الريب وتحفُّه كثيرٌ من الشكوك والظنون.. ولكن إذا غُصتَ في ثنايا الإصدارات ونظرتَ في فحواها بتبصُّر وتفكُّر وتدبُّر أيقنتَ أن الأمر لا يقل عن مؤامرة وكيد يستهدف الوجود الحسي والمعنوي لكل ما يمتُّ إلى العقل وإلى الدين بصلة.
وقبل أن نعرض للقدر الكبير من الإسفاف والتعسُّف والتخبُّط الذي قد يصل إلى درجة الغباء وإلى الكيل بمكيالين.. قبل كل ذلك لأن جامعة الخرطوم هي المسؤول الأول والأخير عن هذه السقطات الثلاث إذ لم يدّعِ أحدٌ المسؤولية عن تأليفها.. والأمم المتحدة كالعهد بها تقف مختبئة وراء الجامعة أو وراء اللجنة المكوَّنة من حوالى اثنين وعشرين أستاذًا وأستاذة.
الأخ مدير جامعة الخرطوم
لعلك تعلم وتدرك أن جامعة الخرطوم هي أول وأعظم صرح تعليمي تربوي في السودان.. ولعلك تعلم وتذكر أن جامعة الخرطوم «كانت» إحدى المفاخر التي يتيه بها السوداني على الدنيا كلها.. ولعلك تعلم أن الالتحاق والتخرج في جامعة الخرطوم كان هو «الواسطة» و«التزكية» لكل من رغب في وظيفة من خريجيها.. بل حتى لو كان فاقداً تربوياً منها..
في عهد قريب كان على خريج جامعة الخرطوم إذا رغب في وظيفة خارج السودان أن يحزم حقائبه ويودع أقاربه ويحمل شهاداته ويختار العاصمة التي تشتهيها نفسه.. ليجد أن الوظيفة جاهزة وكأنها تترقب قدومه.. هل تعلم أن الطبيب المتخرج في جامعة الخرطوم كان في إمكانه أن يفعل ذات الشيء ويتوجه تلقاء لندن ويستلم وظيفته فورًا وربما بغير معاينة.. أو اختبار.. وهل تعلم يا سيادة المدير أن العبارة المتداولة بين أهل الطب في عاصمة الضباب في ذلك الوقت ما كانت؟!
If he is Sudanese take him
ولكن يبدو أن الوهن قد تغلغل في أوصال الجامعة واستشرى الداء في جسدها وغزا المخيخ والبصيرة واللبّ والفؤاد.. حتى أصبحت الجامعة الرمز والصرح والفخر والعزة والكبرياء.. أصبحت تطأطئ رأسها لدولار الأمم المتحدة المتسخ القذر.. وتبيع أمجادها وتاريخها.. بل وتاريخ الأمة.. بل ودينها.. في مقابل كم من الدراهم والدنانير؟ لا شيء.. تبيع بلا مقابل.. وبلا عوض.. تبيع الدين والمجد والشرف.. بالوهم والسراب والريح.. إن لم يكن الأمر كذلك فما هذا الذي تولت كبره جامعة الخرطوم وهي تصدر ثلاث إصدارات.. مطبقاً واحداً وكتابين.. وكل واحد من الثلاثة يحمل في صدره جامعة الخرطوم ـ معهد الدراسات والبحوث الإنمائية ـ وحدة النوع والتنمية ـ بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة.
وتحت كل هذا.. سطران:
الأول: المرأة السودانية وقضايا ما بعد الاستفتاء
الثاني: سلسلة المرأة السودانية والدستور المرتقب.
كل هذه العبارات موجودة في ستة أسطر في واجهة كل إصدارة.
ومجرد مطالعة هذه العبارات الست يؤدي بأكثر الناس ضحالة في الفكر وغفلة وغباء إلى اليقين بأن هيئة الأمم تمارس تدخلاً سافرًا في الشأن الداخلي لدولة مستقلة وأن الجهة السودانية التي سمحت بمثل هذا التدخل تصلح مثالاً وشاهداً لتفسير العبارة التي وردت في الحديث الشريف «بل أنتم كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل»
إذا كنت تريد أن تعرف وتلمس معنى وقدر الغثائية التي تمارسها جامعة الخرطوم فهيت لك.. اقرأ هذه الإصدارات ثم احكم بنفسك…
إن السقطات والزلات الأكاديمية البحتة المتعلقة بمنهج التفكير والاستدلال تكفي وحدها لمصادرة هذه الكتيبات التي شوّهت سمعة الجامعة الرمز والصرح والمفخرة.
إن جامعة الخرطوم تجعل من نفسها مخلب قط للأمم المتحدة سيئة السمعة.. وعديمة الشرف.. وقليلة الحياء.. ورقيقة الدين «لا تندهش أيها القارئ.. ولا تعجب.. فأنا أعني رقيقة الدين بمعناه الواسع الفضفاض.. الذي تدخل فيه حتى الوثنيات وما يسمى بالديانات العرفية.. الطوطمية»
وإذا استمر الحال على هذا المنوال فستجعل جامعة الخرطوم من نفسها أضحوكة العالم ومسخرة الدنيا.. وسيخجل المواطن السوداني من الانتماء إلى السودان أو نكران أن في السودان جامعة اسمها جامعة الخرطوم..
وحتى نبدأ في كشف عوار وسوءات هذه الإصدارات وبيان فداحة الجرم الذي ترتكبه جامعة الخرطوم فهاك عناوين هذه الإصدارات الثلاث.
1/ قضايا المرأة السودانية في الدستور الانتقالي.
2/ مشروع وثيقة دستور يراعي مفهوم النوع الاجتماعي «الجندر».
3/ وضع المرأة في الدستور المقبل: النوع وقضايا الحكم الراشد.
فإذا أردنا أن نستخرج المفردات المفتاحية في هذه الإصدارات الثلاث فسنجد الآتي:
جامعة الخرطوم ـ الأمم المتحدة ـ الدستور الانتقالي ـ الدستور القادم ـ المرأة ـ الجندر ـ النوع الاجتماعي ـ الحكم الراشد..
وسنكتشف أن هناك ثلاث مفردات أو عبارات مقحمة وتمثل نشازًا وتنبو على السمع.. وتحس وكأنك التقمت لقمة ثم شعرت بأن فيها جسماً غريباً لابد من التخلص منه حتى تزدرد طعامك بسهولة ويسر.. المفردات الثلاث هي «1» الأمم المتحدة «2» الجندر «3» النوع الاجتماعي
إذا خرجت هذه العبارات الثلاث فستجد أنه لا بأس أن تناقش جامعة الخرطوم وتقترح ما تراه حول الدستور القادم وتحلِّل دستور 2005م وتؤصِّل لدور المرأة ومكانتها وحقوقها في المجتمع وتطالب الدستور برعايتها.
لا بأس في ذلك.. ولا مشاحة في أن تقوم به الجامعة وتراعي فيه النواحي الأكاديمية.. والمنهج العلمي في البحث وتلتزم بأصول الأحكام الشرعية.. أو تعرض الفرعيات على الأصول.. أو ترجح رأياً على رأي.. أو توفق بين اجتهادين.. وغير ذلك.. وكله متاح للجامعة.. ومقبول منها وتتهيأ الجامعة للحوار والنقد وأن يؤخذ من قولها ويُرد.. وأن يقال لها أصبتِ أو أخطاتِ.. بلا مشاحة في أن تستعين الجامعة بالخبرات الدستورية والفقهية والفكرية من أهل الإسلام من داخل السودان وخارجه..
أما الأمم المتحدة.. فتضرس
وأما الجندر.. فيصيبنا بالغثيان
وأما النوع الاجتماعي.. فيجعلنا نحس بأن الجامعة أصبحت هزْأة بسكون الزاي وهزَأة بفتح الزاي.. أي أنها تسخر من الناس والحقيقة أنها هي التي تجعل من نفسها موضعاً للسخرية.
وأول ما نبدأ به من فضح عوار الجامعة هو السؤال المفتاحي: ما هو الجندر؟ وما مفهومه؟ وما هو رأي الشريعة الإسلامية في مصطلح الجندر؟ وبأى لغة تأتي مفردة الجندر؟ وما هو معناها في لغتها الأصلية؟ ولماذا تُرجمت بالنوع الاجتماعي؟ وهل الترجمة الصحيحة النوع أم النوع الاجتماعي؟
سعد أحمد سعد[/JUSTIFY]

الطيب مصطفى
الانتباهة