عبد اللطيف البوني

طيارة دارفور


[ALIGN=CENTER]طيارة دارفور [/ALIGN] رحم الله الكومديان الفذ محمود سراج الشهير بأبي قبورة وصاحب المصطلح (اررركب الهوا . اقلبك ..) فركوب الهواء في سوداننا المعاصر لم يعد في نكات أبوقبورة إنما أصبح في أعوص وأخطر مشكلاتنا، فمشكلة دارفور التي بدأت تتفاقم منذ 2003 (ركبت الهوا) منذ عام 2005 وما زالت متصاعدة في سرعتها إلى أن وصلت الأسبوع الماضي إلى مرحلة مطالبة حركة العدل والمساواة بتقرير المصير ليس لدارفور وحدها بل كردفان كذلك. لم يقل الناطق الرسمي باسم حركة العدل والمساواة هل سيكون حق تقرير المصير لإقامة دولة مستقلة أم للانضمام لإحدى دولتي السودان بعد انفصال الجنوب. فتقرير المصير الذي سيقود الجنوب للانفصال (9 يناير) القادم وتطالب به حركة العدل الآن وقد تطالب به حركة شرقية غدًا يجعلنا في انتظار باشا جديد فإن كان محمد علي باشا جاءنا غازيًا في 1821 فبعد قرنين أي في 2021 سنكون في انتظار باشا جديد قد يكون قادمًا من غير جهة الشمال هذة المرة و(ربك يكضب الشينة) فهذه الدويلات السودانية دومًا في حاجة لغازٍ يوحدها (مؤكد أنه ليس غازي صلاح الدين). وصلت مسألة تقرير المصير في الجنوب منتهاها بعد مسيرة تاريخية طويلة، فللجنوب خصوصيته التي جعلت المطالبة بالانفصال منطلقة مع أول طلقة في أغسطس 1955 وهذا الأمر لم ولن يتوفر لدارفور أو كردفان فهاتان الولايتان إن كانتا في غرب السودان جغرافيًا إلا أنهما بمثابة القلب من ناحية ثقافية فأهلهما منتشرون في كل السودان كما أن مكوناتهما تتوفر فيها كل ثقافات وعناصر السودان الكبير، فالبالتالي تكون المطالبة بتقرير المصير قفزة في الظلام كما قال الأستاذ كمال الصادق في (أجراس الحرية) أو طائرة جديدة غير مأمونة وضعت فيها مسألة دارفور. ربما كان ذلك ردًا على محاولة الدكتور غازي صلاح الدين المستشار الرئاسي المُمسك بملف دارفور الذي وضع المسألة في طائرة محلية (مهلهلة) هي الأخرى، فالدكتور طرح مسألة الحل من الداخل لمسألة دارفور ورغم أن الصورة لم تظهر لنا كاملة إلا أن كل حركات دارفور قد رفضت الفكرة واعتبرتها إقصائية ومحاولة إنقاذية للانفراد بالقضية. وفي تقديرنا أن مسألة دارفور أصبحت أكبر من المواعين المحلية؛ فالجنائية والرأي العام الغربي واليوناميد كلها أصبحت من مكوِّنات هذه المشكلة. عليه فإن الحل من الداخل مثله مثل حكاية تقرير المصير سوف يصعدان بالقضية إلى طبقات جوية كثيرة المطبات وفي طائرات تفتقر للحد الأدنى من مطلوبات السلامة الجوية. اذا اجتمعت زعامات دارفور التي لم تخرج من البلاد مع تلك التي خرجت ربما يسهل توطين القضية ولكن هذا الأمر ليس سهلاً فالمصالح الخاصة جدًا لهذه الزعامات تقاطعت مع مصالح إقليمية وأخرى دولية فأصبحت (عايرة وأدوها سوط)، قضية دارفور معلقة في الهواء خيطها بيد جهة لها أهداف ومرامٍ لا تهم أهل دارفور لا من قريب ولا من وبعيد ولكن للأسف سوف يدفع أهل دارفور وبالتالي كل السودان ثمن التدافع والتحارب لتحقيق تلك الأهداف الإستراتيجية وليت لنا كاهنًا أو أنطونًا ليتعرف على تلك الجهة. أم أنها معروفة؟

صحيفة التيار – حاطب ليل- 8/8/2010
aalbony@yahoo.com