عبد اللطيف البوني

بأي ذنب أُسكتت ؟


[ALIGN=CENTER]بأي ذنب أُسكتت ؟ [/ALIGN] في صبيحة يوم الإثنين وكعادتي بعد أن تحركت العربة أدرت مؤشر الراديو نحو الموجة ال F M. 91 حيث القسم العربي لإذاعة (البي بي سي) فلم أجدها، ظننت أن هناك خللاً موقتًا فاتجهت إلى إذاعة ثانية ثم رجعت فلم أجدها فأيقنت أن (الجماعة) نفذوا تهديدهم وأوقفوا البث على هذه الموجة القوية والمحدودة فهذه الإذاعة كانت تبث على ال FM في أربع مدن هي الخرطوم ومدني والأبيض وبورتسودان وبما أن دائرة البث خمسون كيلومترًا فإن معظم أواسط السودان يمكن أن تسمع هذة الإذاعة على هذه الموجة القوية والحال هكذا أدرت المؤشر نحو الموجة القصيرة 25 كما كنت أفعل قبل عدة سنوات فاستمتعت بنشرات هذه الإذاعة الوافية وبالطبع كان من ضمنها أخبار السودان ومن مصادر مختلفة ومن وجهات نظر متعددة. ثم أخبار الرياضة الإفريقية بصوت كمال حامد. هنا تذكرت الذين لديهم راديوهات بموجة واحدة وكانوا يسمعون هذة الإذاعة من خلال الFM والآن حرمتهم وزارة الإعلام من هذا التطواف العالمي الجميل فقلت في نفسي والله حرام عليهم، إن إيقاف هذه الموجة لا يقل عن إغلاق جامعة شعبية يتثقف فيها الشعب مجانًا في دفوعها عن فعلتها هذة تقول وزارة الإعلام إن إذاعة البي بي سي خالفت شروط التأسيس وأدخلت أجهزة تلفزيونية حساسة بالحقيبة الدبلوماسية وأنها افتتحت محطة في جوبا بدون الرجوع إلى وزارة الإعلام الاتحادية. طيب ياجماعة الخير اليس في الإمكان معاقبة هذه الإذاعة بأي عقوبات أخرى؟ لماذا لاتصادر هذه الأجهزة؟ أو تحرم هذه الإذاعة من خدمات الحقيبة الدبلوماسية أو تخضع للتفتيش الدائم؟ إن إغلاق هذه الموجة عقاب للذين يستمعون إليها وليس عقابًا لهذه الإذاعة التي يسمعها كل العالم وبمختلف لغاته الحية حتى في السودان سوف يسمعها الناس مساء على الموجات المتوسطة ونهارًا على الموجات القصيرة بالإضافة إلى تلفزيون البي بي سي العربي المتوفر الآن وهو توأم لهذه الإذاعة ويشترك معها في أهم برامجها السياسية. فإذا كان متخذ هذا القرارقاصدًا ممارسة حظر إعلامي فنقول له إنك لن تفلح وكل ما أفلحت فيه أنك حرمت بعض الفقراء من أصحاب الراديوهات المتواضعة من سماعها لا نحتاج لدليل لإثبات أن إذاعة البي بي سي من أكثر الإذاعات استماعًا في السودان ومنذ أمد بعيد وقبل ظهور موجات ال FM ولكن هذه الموجات وفرت الخدمة لقطاع أكبر، والمعروف عن هذه الإذاعة أنها ليست إذاعة إخبارية أو سياسية فقط إنما تقدم خدمات ثقافية راقية أكاد أجزم أن إذاعة لندن نشرت اللغة العربية في السودان (هل ننسى قول على قول أم ننسى قل ولا تقل؟) بما لم يفعله أي وسيط إعلامي سوداني آخر هذا لا يعني أنه ليس لها أجندة فهي مموَّلة من الخزينة البريطانية ولبريطانيا أجندتها ولكن كما يقولون صاحب العقل يميز وإذا نظرنا لمجمل ما تقدمه هذه الإذاعة من خدمة سوف نجد أن نفعها أكثر من ضررها، وفوق هذا وذاك فإننا نشهد لهذه الإذاعة بالموضوعية والوقار وعدم الإسفاف. نناشد متخذ القرار في هذه البلاد ( الما معروف سيدها منو) أن يراجع أمر إيقاف هذه الموجة في هذه المدن السودانية لأن في هذا حرمان لفئة من الشعب السوداني من مصدر إخباري وثقافي وتنويري مجاني ونسأل القائمين بأمر الإعلام والثقافة في بلادنا (لا ترحموا ولا تتركوا رحمة الله تتنزل؟).

صحيفة التيار – حاطب ليل- 10/8/2010
aalbony@yahoo.com