[ALIGN=CENTER]عاشق عابر للقارات [/ALIGN]
قلت من قبل إنني لم أجد في الجامعة زميلة “تقتنع” بي، فرغم أنني كنت على علاقة طيبة بالعشرات منهن، فإنهن كن أعقل من التورط معي في “قصة حب”، ولكن ذلك لم يكن “يفرِق” معي، فحتى بعد ان هجرت سعاد حسني بعد ان ضبطتها تقبل المطرب الراحل عبدالحليم حافظ، كنت واثقا من “جاذبيتي”، وبحكم وجود سينما النيل الأزرق في النطاق الجغرافي لجامعة الخرطوم وبحكم أنها كانت متخصصة في أفضل أفلام هوليوود، وبسبب ضعف جيناتي العربية، (بحكم أنني نوبي على السكين.. بالمناسبة عبارة “على السكين” جاءت من تجارة البطيخ، وعندما يقول لك البائع: على السكين فمعناها “على ضمانتي.. نقطعها وسترى كم وكيف هي حمراء ولذيذة الطعم”، وهكذا صارت العبارة تطلق على الشيء المضمون او القاطع/الحاسم، فتقول عن شخص ما مثلا أنه “بعثي على السكين”.. من دون أن يعني ذلك أنه إرهابي).. بحكم كل ذلك كنت من زبائن تلك السينما التي لم يكن يدخلها إلا من يجيد الانجليزية، وبالتالي كانت شبه مخصصة لطلاب جامعة الخرطوم، وكنا ندخلها بتذاكر مخفضة.. وفي تلك السينما حدثت لي الطفرات العاطفية التي اعترف بأنني تباهيت بها كثيرا في مقالاتي، فقد أحببت الممثلة الراحلة ناتالي وود حد الجنون، وبادلتني حبا بحب، وكانت تستغل أن منطقة جلوس الجمهور مظلمة وترسل إلى نظرات وغمزات ذات معنى بل كانت تبتسم لي حتى لو كان الموقف في الفيلم يتطلب الحزن، ولكنني اعترف بأن عيني كانت “زائغة” ففي أول لقاء بيني وبين الممثلة الايطالية كلوديا كاردينالي، كان الحب من أول نظرة.. تعلق قلبي بها ونسيت ناتالي وود، وكان ذلك في ما قالت مصادر في هوليوود سبب انتحار ناتالي وهي في عز الشباب،.. حزنت عليها كثيرا وأحسست بالذنب، ثم حزنت على نفسي عندما اكتشفت ان كلوديا خائنة وغشاشة، فقد انجبت طفلين من دون ان تكون متزوجة، وهكذا هجرتها الى الأبد، ورددت مع الصديق الشاعر الراحل علي عبد القيوم: يا قدرتي على الصمود (يا تماسكي) مدد، مدد كانت دور السينما في الخرطوم مقسمة الى فئتين: واحدة متخصصة في الأفلام العربية والهندية، وإذا دخلت أيا منها تكتشف ان الجمهور يحفظ الحوار والأغاني التي في الأفلام عن ظهر قلب ويرددها مع الممثلين والممثلات، وبالتالي لم يكن ممكنا لمن يدخل تلك الفئة من السينمات فهم شيء مما يدور في الأفلام التي تعرضها (ولكن أحيانا كان هناك فاعلو خير يتطوعون لطمأنة المشاهدين بأن بطل الفيلم لن يموت بسبب الإصابة التي لحقت به، أو بأن سوسو ستتزوج حمودة رغم الجفاء الظاهر بينهما وبأنهما سيأكلان فرخة كاملة بمفردهما) وكانت الفئة الثانية هي سينمات “الخرطوم غرب” بالقرب من استاد الخرطوم وسينما كوليزيوم وسينما النيل الأزرق، وتعرض دائما أحدث أفلام هوليوود الناجحة.. وكنا نذهب الى سينما الخرطوم غرب جيئة وذهابا سيرا على الأقدام قاطعين نحو 15 كيلومترا، فلم تكن مواردنا المالية تسمح بترف استخدام المواصلات العامة بانتظام.. كانت تلك أيام الأفلام اللي “هي”: مدافع نافرون وصوت الموسيقى وماي فير ليدي ومحاكمات نورمبيرغ، وسبليندر إن ذا قراس وسقوط الامبراطورية الرومانية.. (كان آخر فيلم عربي شاهدته في حياتي هو فيلم الأرض للمخرج يوسف شاهين بطولة محمود المليجي وعزت العلايلي.. ولكن وخلال المراهقة الثانية عشقت ليلى علوي ثم حولت عواطفي الى نبيلة عبيد وكتبت المقالات الطوال طالبا يدها وجاء ردها البايخ في مقال نشرته باسمها تعبر فيه عن تقديرها لعواطفي، ولكن “أحسن نكون أصحاب وبس”.. والله هذا ما حدث بالفعل عندما كنت أكتب في مجلة “المجلة” ونشرت هي مقالها ايضا في المجلة، وحاولت أن تكحلها بأن قالت إنها “حاليا في سويسرا وإيه رأيك أنت والمدام تكونان ضيفي أسبوعا؟”.. وبسبب ذلك منعتني المدام نهائيا من مشاهدة حتى القنوات الفضائية العربية!!).
أخبار الخليج – زاوية غائمة
jafabbas19@gmail.com