زهير السراج
اعلان حرب..!!
لا يخفى على احد المشاكل الكبيرة التى تكتنف علاقة الشمال والجنوب ــ او علاقة الحركة التى تحكم الجنوب وحزب المؤتمر الوطني الذي يحكم الشمال ومنها على سبيل المثال لا الحصر مشكلة أبيي ومناطق المسيرية، ومشكلة لجان المشورة الشعبية في جنوب كردفان والنيل الأزرق، ومشكلة ترسيم الحدود..إلخ.
مشكلة واحدة من هذه المشاكل كفيلة بإشعال فتيل الحرب بين (الدولتين) إذا قرر الجنوبيون الانفصال، وعندها سيعود الوضع أسوأ بكثير مما كان عليه قبل نيفاشا، لان الحرب فى هذه الحالة ستكون بين دولتين لهما مؤيدون ومعارضون وصائدون فى الماء العكرة، وليس بين متمردين وقوات حكومية كما كان الوضع سابقا، فضلا عن توتر الاوضاع ووجود صراعات داخل كلا الدولتين بالاضافة الى المشاكل الاخرى..!!
وحتى لو افترضنا ان الحزبين الحاكمين قد تعقلا وسعيا الى حل هذه المشاكل بهدوء وحكمة وتوصلا الى الحل قبل الاستفتاء ـ وهو أمر مستحيل حسب معطيات الواقع الحالي وطبيعة العلاقة المتنافرة بين الطرفين وحرب التصريحات المشتعلة بينهما والصراعات الطاحنة التي تدور داخل كل منهما ــ فان مجرد احساس احدهما بانه انهزم في معركة الاستفتاء قد يقود الى حرب طاحنة.. بمعنى أن قرار الوحدة قد يقود الى نفس النتيجة المأساوية التي قد يقود اليها قرارالانفصال، إذ هنالك الكثير من الجنوبيين المتعصبين الذين لن يرضوا بخيار الوحدة ومنهم جماعات مؤثرة ومسلحة تسليحا عاليا داخل الحرب الشعبية وغيرها.!!
إذن فمن الخطأ الفادح أن نهيئ النفوس للوحدة فقط في هذا الجانب أو للانفصال فقط في الجانب الآخر، وانما يجب أن تكون الرسالة التي يجب أن يعمل الطرفان لترسيخها في الشمال والجنوب هي أن يتقبل الجميع القرار الذي سينجم عن الاستفتاء مهما كان مؤلما او مرفوضا من البعض، وبالضروة ان يتزامن ذلك مع تغليب العقل والحكمة ومحاولة حل المشكلات العالقة او الاتفاق على خريطة طريق لحلها فيما بعد بقناعة كاملة من الطرفين ومساعدة من القوى الداخلية وشركاء الخارج..!!
لا يعني هذا بأي حال من الأحوال أن لا ندعو أو نعمل من أجل الوحدة ولكن يجب أن نفهم أن الانفصال لا يعني الهزيمة، وهو ما يجب ان يفهمه الاخوة فى الطرف الآخر ايضا إذا جاء القرار لصالح الوحدة !!
أما أن نجعل من الاستفتاء معركة اخرى بين الشمال والجنوب كما يحدث في الوقت الراهن، فهو اعلان حرب في انتظار التنفيذ..!!
مناظير – صحيفة السوداني
drzoheirali@yahoo.com
30 أغسطس 2010
