تحقيقات وتقارير
ستبقى «محكمة أوكامبو» جائرة..حتى تجرؤ على محاكمة مرتكبي الجرائم ضد الفلسطينيين
هذه القضية المفتعلة، بادعاءاتها الباطلة، لا بد من تفنيدها، قبل تنفيذها، وإجهاضها، قبل أن يكتمل «جنينها» غير الشرعي، في رحم «الجنائية الدولية».
في هذه القضية المصيرية، لا يمكنك كصحفي أو ككاتب عربي الجلوس في مكتبك، والاختباء خلف قلمك، أو إصبعك، ولكن ينبغي أن تسجل موقفك، أمام قرائك، فلا مجال للتردد، أو التحفظ، أو التهاون، أو التزام الموقف الوسط، أو تبني اللا موقف.
في هذه القضية إما أن تكون مع «البشير»، أو تكون ضد السودان، وقد اخترت من موقعي في الوطن القطرية، أن أكون مدافعًا عن السيادة السودانية، التي تشكل امتدادًا للكرامة العربية، المهددة، بل المهدورة يوميًا في العراق وفلسطين.
في قضية «سودان البشير» أو «بشير السودان» – لا فرق بين الاثنين – لا يمكن أن تكون محايداً أو تقف متفرجًا، خصوصًا إذا كان ضميرك الصحفي العربي حياً أو صاحيًا أو نابضًا بالإحساس القومي.
وعندما أكون في هذا الاختبار، ويكون لا بد من الاختيار بين «البشير» أو «أوكامبو» حتمًا سأختار الأول بلا تردد، لأن الثاني يمثل «العجرفة»، و«العنجهية»، والعنصرية الغربية التي سئمنا منها، ومن استفزازاتها لنا، وتدخلاتها السافرة في شؤوننا الداخلية.في كل شيء يحدث على امتداد هذا العالم، يزعمون بأنهم «الصح» ونحن «الغلط» !
فهم في مسألة «العدالة» يزعمون بأنهم وكلاؤها على سطح الكرة الأرضية، يحملون ميزانها، ويملكون مقياسها، رغم أن «عدالتهم عوراء» لا ترى العالم إلا بعين واحدة ، فهي ترى «الظلم» جلياً في عالمنا العربي، ولكنها لا ترى الاضطهاد الواضح الفاضح في «إسرائيل»، وكأنه لا يمكن رؤيته بالعين المجردة!
وفي قضية «الديمقراطية» يزعمون بأن «ديمقراطيتهم» هي الأساس، رغم أنها عرجاء، والدليل أنه عندما وصلت «حماس» إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع، حاربوها بلا هوادة، وحاصروها بلا رحمة، وأجبروها على «التطرف»، ثم عاتبوها على هذا «التصرف» !
أما ما يتعلق بذلك الشيء الهلامي، الذي يسمونه «حقوق الإنسان»، فنجدهم يزعمون بأن «إنسانهم» يعيش ظروفاً أفضل من «إنساننا»، ولو كانوا كذلك لما امتلأت مجتمعاتهم بالمفسدين والمجانين والمنحرفين والشاذين، فهل هذه هي «الحقوق» التي ينادون بها ويريدوننا أن نقتدي بها؟
وحتى لو سلمنا – جدلاً – بأنهم يحرصون على «حقوق الإنسان»، ويحترمون آدميته، ويقدرون «شذوذه»، ولكن عندما تصل المسألة إلى «حقوق الإنسان الفلسطيني» نجدهم «صمٌ بكمٌ عميٌ فهم لا يعقلون» (البقرة 171)، ونجد أن هذه الحقوق الضائعة تنتهك وتهدر وتداس بـ «الكندرة» أو «الجزمة الإسرائيلية» !
والغريب أنهم «يتفننون» في تجميل هذه «الحقوق» بالمكياج وتزيينها بمساحيق التجميل، فنجد أن هناك حقوقًا للمرأة، وأخرى للطفل، وغيرها للحيوان، إلا «الفلسطيني» لا حقوق له، وكأنه لا ينتمي إلى البشر، وبعدها يتحدثون عن «حقوق الإنسان» ويملأون الدنيا ضجيجًا، أو «خريطًا» عنها !
وهكذا نجد أنهم يخترعون «حقوقًا» لكل شيء في قاموسهم إلا «المواطن الفلسطيني»، حقوقه مهدرة ومنتهكة، وتكتشف بعد هذا المهرجان المزعوم عن «حقوق الإنسان» أن المسألة عندهم «انتقائية»، وكلها «خرطي في خرطي» !
إنهم باسم «العدالة» الزائفة المزيفة نجدهم يتدخلون في شؤوننا الداخلية، رغم أن عدالتنا سبقت عدالتهم بمئات السنين، عندما بعث الله رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم، ليحمل رسالته السماوية إلى البشرية.
لقد جاء هذا الرسول البدوي الأمي من أعماق الصحراء العربية، ليتمم مكارم الأخلاق، ويشيع العدل بين البشر، وينشر العدالة في ربوع الإنسانية.
وعلى أساس هذه الحقيقة الواضحة الثابتة، فقد عرفنا «العدالة» قبلهم، وطبقناها قبلهم. وإذا كان مدعي المحكمة «الجنائية الدولية» يريد أن يكون عادلاً، فينبغي أن يكون سجله ناصعًا، وملفه نظيفًا لا تشوبه الشبهات، وهذا – للأسف – مفقود وغير موجود في سجلات «أوكامبو» الملوثة بقضية «التحرش الجنسي».
إن مشكلة هذا المدعي أنه ينسى نفسه، ويتقمص شخصية المحقق «كولومبو»، فيتهم «البشير» بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وينسى الالتفات إلى الجرائم الصهيونية التي ترتكب كل يوم على الساحة الفلسطينية، وهذا يجعلنا نتساءل بحيرة:
لماذا لا يستعرض «أوكامبو» عضلاته القانونية على المجرمين قادة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، الذين يرتكبون يوميًا جرائم ضد إنسانية الشعب الفلسطيني؟
إن قائمة هؤلاء المجرمين طويلة، تبدأ بالوزير المجرم «بنيامين بن اليعازر»، ومستشاره «مايكل هيرتسوغ»، ولا تنتهي عند رئيس الأركان الأسبق «موشيه يعالون»، ووزير المواصلات الحالي «شاؤول موفاز» المتخصص في هدم البيوت في قطاع غزة، وقائد سلاح الجو السابق «دان حالوتس»، الذي ارتكب العديد من الجرائم الوحشية ضد الفلسطينيين الأبرياء العزل، والتي يتفاخر بها قائلا: «مشاعري كجناح الطائرة حين تقصف الأهداف الفلسطينية لا تهتز ولا تتأثر»!
نعم نريد تطبيق العدالة دون أن تكون هناك ازدواجية في المعايير، نريد تطبيقها في «دارفور»، وغيرها من بؤر الصراع المفتوح في العالم ولكن…
قبل ذلك نريد أن نلمس وجود هذه «العدالة» وهي تخلع أقنعتها الزائفة المزيفة، نريد أن نرى شكل وجهها، ونشم رائحتها ونصافح يدها عندما تطبق سلطاتها على المجرمين الصهاينة، الذين ارتكبوا وما زالوا يرتكبون أبشع جرائم الحرب ضد الأبرياء الفلسطينيين العزل.
وبعدها أو عندها سنقتنع بعدالة ذلك المدعو «أوكامبو.. كولومبو»، وبمحكمته التي ستبقى من وجهة نظرنا محكمة دولية «جائرة»، لأنها لا تجرؤ على محاكمة مرتكبي الجرائم البشعة ضد الفلسطينيين، وتحقيق العدالة المفقودة وغير الموجودة في فلسطين.
احمد على:الوطن[/ALIGN]