تحقيقات وتقارير

بنك السودان (5%) للعمالة الأجنبية :العمالة المحلية حالة ترقب

[ALIGN=JUSTIFY]دخلت العمالة الأجنبية كمهدد جديد لتقليص فرصة الحصول على العمل للعمالة الوطنية. وأصابت عدوى توافد العمالة الأجنبية قطاع المؤسسات المالية والصرافات والبنوك التجارية. وهناك الآن عدد لا بأس به بهذه المؤسسات الأمر الذي اضطر بنك السودان للتدخل بتوجيه تلك المؤسسات المالية لتخفيض نسبة العمالة الى (5%) وحدد فترة لاتتجاوز الـ (6) أشهر لتقوم تلك المؤسسات المالية بتوفيق أوضاع عامليها.
………………………………………………………………………………………………………………
ويبدو أن التوسع الاقتصادي الذي شهدته البلاد خلال السنوات الماضية ونسبة لتنافس حركة الاقتصاد دخلت البلاد العديد من العمالة الأجنبية التي انتشرت بمختلف مواقع العمل وهناك مستثمرون أجانب دخلوا قطاع المؤسسات المالية غير المصرفية مثل الصرافات وشركات الخدمات المالية فأمر التعاقد على جلب هذه العمالة عبر مكتب العمل حيث تقوم الجهة المخدمة بتقديم طلب عن طريق مكتب العمل السوداني تطلب منه أعداداً من العمالة الأجنبية لتسيير دولاب عملها، وكان لهذا الأمر آثاره السالبة على العمالة الوطنية التي تتخرج منه سنوياً أعداد هائلة من الطلبة والطالبات من أميز الجامعات السودانية ولكنهم يفشلون في إيجاد فرصة عمل تعينهم على متطلبات الحياة المعيشية. ولكن لماذا توجهت هذه المؤسسات المالية لجلب هذه العمالة على الرغم من كفاءة العامل السوداني.
الأمين العام لاتحاد الصرافات السوداني عمر عبد الله يرى أن توافد هذه العمالة الأجنبية أفقد الفرصة للعامل السوداني، الملاحظ أن طلبات جلب العمالة الأجنبية تكمن في إيفاد أعداد من الصرافين أو المحاسبين وهذه المهن يمكن أن يقوم بها العامل السوداني الذي يتميز بالكفاءة والمقدرة لإنجاز هذا العمل، ولكن لأن أغلب العاملين في المؤسسات المالية غير المصرفية هم أجانب لذلك يلجأون لجلب عمالة أجنبية. واعتبر أن الضوابط التي أقرها البنك المركزي قصد منها تنظيم وترتيب دخول هذه العمالة الوافدة لخلق وفتح المجال أمام العمالة المحلية وإننا الآن لدينا (20) صرافة لديها فروع بالولايات وتعمل في مجال الخدمات المالية ولابد أن تكون هناك ضوابط محكمة لتنظيم توافد العمالة تفادياً لآثارها السالبة.
غير أن البعض اعتبر قرار بنك السودان بتحديد نسبة الأجانب بـ (5%) من الظواهر السالبة التي سيكون لها تأثير سلبي على توافد الاستثمارات للسودان، ويتعاوض معه قانون وزارة العمل لسنة 2001م الذي منح الجهة الحق في استخدام عمالة أجنبية لمدة عام قابلة للتجديد ويمكن لهذه الجهة في خلال العام من تدريب الكادر البشري والاستفادة من خبرة العامل الأجنبي في حالة تم الاستغناء عن العمالة الأجنبية والاستعانة بالعامل السوداني. ويبدو أن هناك عدم تنسيق وتعاون بين وزارة العمل وبنك السودان خاصة وأن غالبية المؤسسات المالية المصرفية وغير المصرفية والصرافات وغيرها أصبحت تقوم بجلب أعداد هائلة من العمالة الأجنبية بدون دراسة وافية، واعتبرها من إفرازات العولمة الاقتصادية ليس في السودان فحسب بل في مختلف دول العالم باعتبار أن استجلاب العمالة الأجنبية هي الأكثر كفاءة وحرصاًَ على إدارة شؤون العمل بالإضافة الى أن أسعارها أقل من العمالة المحلية وإذا استمرت حالة التوافد خلال السنوات الخمس القادمة بهذا الحجم سيؤدي ذلك لآثار سالبة على الاقتصاد.
وبدا واضحاً ان تنامي ظاهرة العمالة الأجنبية على الأجهزة المصرفية والمؤسسات المالية سرعان ما وجدت مكانها، فالتعامل اليومي والمباشر للمواطنين مع هذه المؤسسات كانت محل ردود فعل أمام الكم الهائل من الخريجين الذي طال انتظارهم لتحقيق احلامهم للحصول على وظيفة، ولكن هيهات بعد أن ضاعت هذه الآمال وأصبحت سراباً، فالاستثمارات الأجنبية التي توافدت للقطاع المصرفي والمؤسسات المالية جلبت معها عمالة أجنبية استفادت بهذه الشروط والمزايا التي حُرم منها العامل السوداني وشردته إجراءات الخصخصة!
الخبير المصرفي د. محمد سر الختم يدرك كذلك خطورة جلب أعداد من العمالة الأجنبية على حساب العمالة الوطنية باعتقاد أصحاب هذه المؤسسات المالية الاستثمارية ان العامل الأجنبي الأكثر كفاءة ومقدرة على إدارة شؤون مؤسسته، كما أن هناك تخوفاً من شكوى العامل المحلي في حالة حدوث أية مشكلة باللجوء لمكتب العمل أو غيره من الجهات. أما العامل الأجنبي لا يذهب في الغالب لمثل هذا الاجراء فمجرد حدوث مشكلة يتم إرجاعه الى موطنه. وهناك مشكلة جديدة ظهرت في السنوات الماضية من تزايد مشاكل عدم الشفافية والفساد والتعثر التي تزايدت في الآونة الأخيرة وأضرّت كثيراً بسمعة الأجهزة المصرفية بجانب تزايد ظاهرة الشيكات المصرفية التي تعتبر في السودان أداة ضمان وليست أداة دفع، وهذا الأمر أحدث خللاً في التعامل لهذه المؤسسات المالية التي ترى أن التعامل التجاري والأنشطة الاقتصادية والاحتكارات بواسطة بعض التجار وغيرها من الممارسات الضارة يمكن ان يكون العامل أو الموظف السوداني سبباً رئيسياً في تزايدها، أما العامل الأجنبي فيتخوف من ممارسة هذه الأنشطة ويمكن القول إن الأداء الاقتصادي والبيئة الاقتصادية أصبحت غير ملائمة لذلك زادت الحاجة للإستعانة بالعمالة الأجنبية. ولابد من التحوط ووضع الترتيبات اللازمة لإدارة الاقتصاد الكلي بشكل منظم لأن هناك غياباً تاماً في المعلومات على المستوى القومي، وتأثر كذلك القطاع الخاص وفقد القدرة على إدارة العمل الاقتصادي بالشكل المطلوب، فالاحتكار وعدم التسويق للمنتجات وغيرها من المشاكل أصبحت أكبر مهدد للإقتصاد.
عواطف محجوب :الراي العام[/ALIGN]