جعفر عباس
متى يكون سامر.. سامية؟
المهم أنني أحس بأنني قادر على كتابة شيء يقرأه الاطفال ويستسيغونه، لا لشيء سوى أنني، فيما أحسب، أجيد التعامل مع الأطفال واستطيع مجاراتهم في طفوليتهم، فمن هواياتي العجيبة قراءة الكلام المكتوب بخط رديء، ومنها ايضا محاولات ترويض الاطفال كثيري البكاء والطنطنة، واذكر أنني كنت مسافرا ذات مرة من لندن، وكان زوجان بريطانيان يجلسان إلى جواري في الصالة، ومعهما طفلة تجاوزت عامها الأول بقليل، وفتحت الطفلة حلاقيمها وبلاعيمها بالبكاء، ولم تجد هدهدة ابويها لها في إسكاتها، فاقتربت منها حاملا سلاحا أعرف أن الصغار لا يستطيعون مقاومته: نظارتي الطبية، مددت إليها النظارة وانا اهزها يمنة ويسرة، فمدت يدها إليها فسحبتها منها، فقدمت عرضي مجددا لأسحبه بمجرد مدها لها، وانتهى الأمر بأن رضيت بأن احملها مقابل حصولها على النظارة، وتحايلت عليها حتى استرددت النظارة، وحملتها على ظهري وطفت بها أركان الصالة وهي تقهقه إلى أن طلبوا منا ركوب الطائرة، وحاول والدا الطفلة استردادها ولكنها رفضت تركي، ولم يكن من مناص سوى أن تبقى معي، وأحس والدا الطفلة بحرج بالغ لأن ابنتهما ارهقتني، ولكنهما لمسا مني رغبة صادقة في ملاعبة البنية فاستسلما للنوم، وخاصة انهما كانا قادمين من ادنبرة، وما أدراك ما أدنبرة، التي يتحول أهلها إلى حمر مستنفرة من فرط تعاطي بعض المشروبات الموسككة.
تلك الطفلة هدت حيلي وقواي، فهي وإن كانت دون الثانية الا أنها كانت تزن قرابة 15 كيلوغراما: تخيل نفسك في مقعد ضيق في طائرة، حاملا جهاز تكييف هواء او تلفزيون 18 بوصة نصفه الأسفل ملفوف بالبامبرز (لا تخافوا عليها من عيني لأنها ليست عين حسود، كما أن أباها رأف بحالي ونبهني إلى أن البنت سترهقني لأنها “فات fat” على حد تعبيره، فقلت في سري: هذه فاتت “فات” بعدة كيلوغرامات).. على كل حال حصل خير ونامت البنت وتسلمها أهلها نحو ساعتين مارست خلالهما الرياضة لتسترد عضلاتي مرونتها تأهبا لحملها بعد استيقاظها.. ولكنها لم تبق معي طويلا خلال الجولة الثانية: فكلما مدت يدها إلى نظارتي صحت فيها بهدوء: نو.. نو وإذا حشرت رجلها في فمي صحت: نو.. نو، فاضطرت الى العودة إلى ذويها لتمارس معهم الحركات التي تعلمتها مني.
وكسب ود الأطفال امر ممتع وسهل إذا تعاليت عن التعالي والتجهم. افترض ان طفلا اسمه سامر يرفض ان تداعبه لأنه عنيد بطبعه أو دلوع.. بادره بالتحية: أهلا سامي، سيحتج على الفور ويذكرك بأن اسمه سامرفتستدرك وتقول له: آسف ياسامح!! سامر يا عمو سامر.. واصل استفزازه: سامية؟ هنا سيقترب منك ليحتج: أنت أطرش؟ اسمي سامر، وتتصنع الأعذار: يا سلام.. فعلا اسمك جميل.. سامط.. بياع السميط.. في هذه المرحلة تنهار دفاعاته بالكامل بعد أن يدرك تماما انك مستهبل فينفجر ضاحكا ويقبل عليك منفرج الأسارير، وبعدها يعتبرك صديقا.
أخبار الخليج – زاوية غائمة
jafabbas19@gmail.com