جعفر عباس

أحياء الشرائح الغنية وشرائح الحب الغبية

[ALIGN=CENTER]أحياء الشرائح الغنية وشرائح الحب الغبية[/ALIGN] مثل كثيرين من أبناء وبنات جيلي فقد ظللت معظم سنوات عمري وما زلت اقرأ بانتظام «الرأي العام» و«الأيام» و«الصحافة»، ولكنني أحرص على شراء الإصدارات الصحفية الجديدة، ومن ثم فإنني اشتري يوميا الاهرام والجريدة والحرة والتيار وإيلاف وأخواتهن، وأنتظر بتشوق عودة «السوداني» في ثوب «الوالي»… ولأن متابعتي لهذه الصحف لم تتعد أياما قليلة فإنني لم «أُشكِِّل» رأيا حولها من حيث المحتوى، ولكنني سعيد لكونها جميعا شديدة الاحتفاء بجودة الإخراج والطباعة ونوعية الورق،. هذا أمر شديد الأهمية لأن هناك صحفا مضى على صدورها سنوات وتطالع صفحاتها الأُوَل وتحس بأن إخراجها يتم بواسطة وابور زلط، يمر فوق زفت متعدد الألوان.. وعلى كل حال فان تعدد السلع في سوق الصحافة من مصلحة القارئ، ليختار الأجود ويترك الغث لباعة السندويتشات.
لفت انتباهي قبل أيام تحقيق في الزميلة الأخبار على صفحة كاملة، ولا يستغرق الإطلاع عليه اكثر من ثلاث دقائق،.. هذا لا يعني ان التحقيق لا يستحق اكثر من تلك الدقائق الثلاث، بل يعني أن إطلالة قصيرة عليه تكفي ل»الاستمتاع» به، وضاع مني العدد الذي ضم التحقيق واتصلت بهواتف الجريدة، لأسأل عن اسم الصحفية الذكية والمصور الفنان اللذين، أنجزا ذلك التحقيق الممتع، وكما توقعت فلم يتكرم أحد باستقبال مكالمتي… ما علينا فالتحقيق الذي شغل صفحة كاملة كان يتألف من نحو ستين كلمة فقط، ونحو «8» صور فوتغرافية كانت كل واحدة منها تنطق بنحو عشرة آلاف كلمة.. كانت جميع الصور لمبان وفنادق يفترض أنها فاخرة، في قلب عاصمتنا، ولكن عين الكاميرالتي لا تكذب أعطت الإنطباع بأن تلك المباني هي المكان الجديد الذي سينقل إليه المقيمون في معسكر كلمة الدارفوري.. أعنى ان ذلك التحقيق البديع البليغ قال إن أحياءنا المسماة بالراقية ليست أفضل حالا من حيث النظافة من معسكرات اللاجئين
واستوقفني في الزميلة الجريدة خبر في صفحتها الأولى عن شاب وقعت عينه على فتاة وأعجب بها وظل يتواصل معها هاتفيا ثم انتهى به الأمر برفع دعوى عليها بعد أن تلقى ضربة بشاكوش قيمته 11 مليون جنيه، هي كلفة شرائح الموبايل التي زودها بها كي تواصل معه الحب اللاسلكي، وكشخص درس القانون لثلاثة أشهر وأفهم في القانون أكثر من بعض من مارسوه لثلاثين سنة بموجب ماجستيرات ودكتوراهات من نوع الدكتوراة التي حصلت عليها ب119 دولارا في مجال المسالك البولية من جامعة هارفارد، (عندنا فقط يستطيع الإنسان أن يحصل على دكتوراة وهو لا يحمل الشهادة الثانوية، بل إن بعضاً ممن يوزعون تلك الشهادات، نالوها بالأونطة)، فإنني أقول لصاحبنا: يو هاف نو كيس.. ما عندك قضية حتى لو كنت تحوزالشرائح المفرغة التي أهديتها لها.. اسمع كلامي يا صاحبي واعتبر الـ «11» مليون «فداية عمرك».. ثم إنك بصراحة دايش!! ألم تسأل نفسك: لو كانت تكلفني كذا مليون نظير الكلام فقط فكم ستكلفني نظير المعيشة إذا انتهى الحب بالزواج؟ وعليك في المرة المقبلة تفادي الحب القائم على طق الحنك وقعدات الكافتيريات والمطاعم.. وأعمل ديليت لهذه الفتاة من الميموري التي حباك الله بها، فمن المؤكد أنها عثرت على بديل يوفر لها بدلا من الشرائح خطا هاتفيا شهريا ثابتا، وستستمر مع الدايش الجديد حتى تجد من يوفر لها لابتوب يعمل بالطاقة النووية.. المهم إنني كشخص يفهم القانون الإنساني أحذرك وأحذر أمثالك من الحب الترانزيت، فهو الذي يوقع الإنسان في المرأة الحسناء في المنبت السوء، فإياكم يا شباب ويا شابات واتخاذ الموبايل والفيسبوك «خاطبة».. وتخيروا لنطفكم فإن العرق دساس.. لا يخدعنكم الجمال والدلال وحركات الاستهبال فقد تكون وراءها «بلاوي» تجر عليكم الوبال.. ولا قيمة لجمال البنت او وسامة الشاب وحسن مظهره إذا كان قد نشأ في بيئة لا تعرف الأصول والعيب ومكارم الأخلاق!

الراي العام – زاوية حادة
jafabbas19@gmail.com