جعفر عباس

اعطني حريتي

[ALIGN=CENTER]اعطني حريتي [/ALIGN] عجيب أمر النساء، إذ البيضاوات منهن يعرضن انفسهن للاشعة فوق البمبية التي تسبب الإسهال والسرطان لاكتساب السمرة، وإذا تقدم شخص مثلي لديه السمرة بكميات تجارية ولديه فائض منها للتصدير، طالبا يدها (ماهذا التعبير الابله؟ الراغب في الزواج يطلب الفتاة كاملة وليس فقط يدها، بل ان يدها هي آخر ما يريد، وتحضرني هنا حكاية معلمة في إحدى مدارس البنات الابتدائية حاولت أن تغرس فيهن القيم الرفيعة وسألتهن: إذا ادخلت يدي في جيب رجل وسرقت محفظة نقوده فماذا أكون: أجبن عليها بالاجماع: تكونين زوجته)، المهم إذا طلبت يدها او أي جزء آخر من جسمها بالحلال صرخت حتى يجتمع حولي الجيران ويوسعونني ضربا لانني جرحت بطلبي ذاك شرفها، اما السمراوات فأمرهن أعجب لأنهن ولا غيرهن من يعطين البيضاوات الاحساس بالتفوق والتفرد، وذلك بعد أن ركبهن هوس اكتساب اللون الفاتح، فأصبحت تجد الفتاة ذات وجه حنطاوي وذراع كالفحم الحجري وكلها على بعضها كقرد من مدغشقر.
ما البأس في أن يكون الإنسان اسود أو اسمر اللون؟ جميع الرجال عندنا في السودان سود ومتزوجون بسمراوات وسوداوات وانجبن منهن اطفالا عاديين، ألوانهم سوداء مثل الزفت وعقولهم توزن بلادا بحالها واحوالها، ولكن الاجابة معروفة: نحن عنصريون حتى النخاع، ولكننا لا نصرح بذلك لأن التصريح يحرمنا من سب امريكا واوروبا ووصمها بالعنصرية . حتى في السودان الذي اشتق اسمه من السواد يمارس البعض التمييز ضد ذوي الاصول الافريقية، وعرب شرق المتوسط يسمون الفول السوداني فستق العبيد وليس المقصود بذلك أهل جمهورية السودان فقط، بل عموم الافارقة الذين ينتجون ذلك النوع من الحبوب الزيتية. وعلى المستوى الشخصي فقد تعرضت لاساءة عنصرية أتتني من امرأة مناضلة تدافع عن حقوق المرأة، فقد كتبت في مجلة المجلة قبل نحو عشر سنوات مقالا عنوانه “عقوق المرأة”، ويبدو أن تلك المناضلة قرأته وهي تقف على رأسها لأنها حسبته هجوما على النساء فثارت ثورة عارمة، ولأنها منافحة عن حقوق النساء وتتخذ من حقوق متساوية Equal Rights اسما لها في البريد الالكتروني فقد تصدت للعدوان الجعفري الغاشم على النساء وبدأت رسالتها إليّ ببيت من الشعر الرصين:

لا تشتر العبد إلا والعصا معه
إن العبيد لأنجاس مناكيد

وبما أنني ذلك العبد فقد أصبت بخيبة أمل، لأنني كنت أعول على دفاع مثيلاتها وامثالها عن حقوقي، لأن حقوق الاقليات المضطهدة كل لا يتجزأ، يعني لا يجوز أن تناضل من أجل حقوق السود في امريكا وأن تتحامل في الوقت ذاته على الهنود الحمر، وفات على تلك البائسة انني لا أفتأ أن اذكر القراء بلوني الأبنوسي الذي جعلني فريسة لاطماع ناوومي كامبل العاطفية، ولا أفوت فرصة من تأكيد اعتزازي بالانحدار من صلب عنترة بن زبيبة (أفعل ذلك في حقيقة الامر على أمل أن تعطيني السلطات السعودية مكافأة نهاية الخدمة لعنترة لأنه كان بصفة خبير عسكري منتدب)، واعتزم مخاطبة السلطات المصرية قريبا للاعتراف بي وريثا لكافور الاخشيدي على أمل أن تقوم بمنحي مكافأته التقاعدية منزلا في منتجع شرم الشيخ.
وحقنا للدماء واظهارا لحسن النية تجاه المناضلة المذكورة أعلاه فانني أعلن استعدادي للاسهام العقلاني في دعم حقوق النساء المتطلعات إلى الجمال، اللواتي ينفقن الملايين لتكبير شفاههن بحقنها بمواد كيمائية . فالمعروف أن الافريقي يملك شفتين تزنان ما بين اربعة إلى ستة كيلوجرامات مربعة في المتوسط، وطالما أنه لا يمانع في بيع احدى كليتيه لإعالة أطفاله فما من بأس في أن يبيع لي شفتيه اللتين لا يستطيع استخدامهما للأكل أو للكلام، فأقوم بتصدير الشفاه إلى الراغبات في امتلاك شفاه تتيح لهن ممارسة البوس بالجملة، ويصلح هذا العرض لمذيعات التلفزيون العربي السخيات في توزيع البوسات، كما ألفت نظر الباحثات عن الجمال الى تقرير قديم في مجلة “روز اليوسف” المصرية يقول إن السلطات أغلقت نحو 23 مركزا وشركة للتجميل بعد أن اتضح أن الاختصاصيين في بعضها كانوا يحملون دبلومات في الجمباز والتربية البدنية، ويكفي إلقاء نظرة عابرة على نتائج أمة الاعاريب في الاولمبياد الاخير لنكتشف حجم خيبة الرياضيين العرب في مجال تخصصهم، فما بالك إذا أتوا بتلـــك الخيبـــة إلى ميـــدان تكبـير وتصــغير النهود وتطــوير الأرداف .. يا خفي الألطاف نجنا مما نخاف.

أخبار الخليج – زاوية غائمة
jafabbas19@gmail.com