فدوى موسى

ناقر ونقير


[ALIGN=CENTER]ناقر ونقير [/ALIGN] التشاكس الذي يعيشه الكبار، بعض من عادة طفولية قديمة عاشوها باكراً.

وصلتني هذه الكتابة بعنوان ناقر ونقير من الأستاذ (هنو عبدالرحيم) يقول فيها:

أولاً وجود طفل في أي بيت نعمة ومتعة ربنا ما يحرم أحداً منها، وثانياً إن النظرة في وجه طفل، أو بالأدق النظرة من وجه طفل، هي أروع ما في الدنيا من حلاوة ومن أحاسيس، لكن.. الطفل لا يبقى طفلاً حتى وهو يتحول أمامك مع مرور الأيام والشهور من مخلوق ساكن وديع، يصرخ فقط في الليل عند البلل أو الجوع أو المغص، ليحرمك من النوم، ثم ينام هو في النهار براحته.. أقول يتحول إلى مخلوق مشاكس، مخرب، لا يترك فازة إلا قلبها، ولا درجاً إلا فتحه، ولا فيشة كهرباء إلا مد أصبعه اليها! في سن ثلاث- أربع سنوات، يصير الطفل مصدراً للقلق.. وكثير من الآباء والأمهات يرفعون حالة الطواريء في البيوت، وهي حالة يتم معها رفع التحف والديكورات والقطع الصغيرة من اكسسوارات، لأن «المدمر» الصغير جعلها هدفاً للتحطيم!.. ومع الوقت يكبر ويكبر أخوه الذي يصغره عادة بعامين أو ثلاثة، ويبلغ الكبير 14 سنة والصغير 12 أو 11 سنة، وهنا تدخل الصراعات «المحلية» في مرحلة أعمق وأكبر، إذ يتنازع الأخوان على كل شيء، وينظر كل منهما إلى ما يأخذه الآخر من مال، أو ما يلبسه من ملابس، أو ما يناله من حنان، ويأخذ كل واحد في حساب ما حصل عليه، هل هو مساوٍ لما في يد أخيه، أم لا؟.. وليس في ذلك شيء غريب، فهذه طبيعة النفس البشرية.. وهي في سن الطفولة والصبا تظهر بعفويتها وتلقائيتها، قبل أن تدخل عليها يد المكر والضعة، فتنشأ الدراما التي نراها عادة في صفحات الحوادث أو على شاشات التفلزيون!.. فما دور الأب؟..و هل تمارس الأم وهو أب غائب طوال الوقت، حاضر بفلوسه فقط، دوراً في إقصاء أحدهما وتقريب الآخر؟

هل يفض الأب النزاعات بعد أن يصغي كل الإصغاء وبأذن محايدة، أم يستلهم بسرعة أن أحدهما ظلم أخاه.. فيشرع في الحكم لصالح المظلوم دون أن يرى الحقيقة كاملة من زاوية الظالم؟.. هل يعطي الأب الوقت الكافي للنظر فيما يراه من اشتجار بين الطفلين ويتأمله، أم يعتبر هذا «التشابك» بالأظافر وبالرغبات مجرد مرحلة للتفاعل؟

هل لاحظت أن أحد الطفلين يسعى لفرض شخصيته وإرادته على الآخر.. وأن هذا الآخر، وكنوع من المقاومة، يحارب جهود أخيه في إلغاء شخصيته؟

هل بذلت من الصبر ومن الأناة ومن العقل ما يكفي لتقريب المسافة والنزعات والإرادات؟.. هل أفهمت الأخ الأكبر أنه الأكبر، وأن عليه واجبات «تاريخية».. قدرية ملزمة تجاه الأصغر؟.. هل أفهمت الأخ الأصغر أنه كذلك ملزم بأن يكون مدركاً أن له أخاً أكبر، دونما إلغاء لمكانته ولا حقوقه؟

إن البيوت هي الحياة الصغيرة التي ينمو فيها أطفالنا، واذا تركنا المسائل اليومية التربوية نهباً للفوضى، انشأنا أطفالاً يعتقدون بأن القوة هي أداة تحقيق الأحلام، فإن تركنا الكبير يخطف اللعبة من أخيه، أو يصادر حقه الكافي في اللعب على الكمبيوتر، أو الجلوس على النت، أو القراءة في كتاب.. فإننا بذلك نكرس فكرة الظلم عند الصغير.. ونعمق فكرة السلب أو الاستيلاء عند أخيه الأكبر!.. ولا ريب قط أن الشعور خطر داهم، لأن الصغير الذي ينمو بعقدة المظلوم، سينظر لكل من هو خارج البيت ويقف ضد رغباته بوصفه ظالماً كأخيه الأكبر، فيعمل على رد الظلم، وقد يصاب بعقدة الاضطهاد، وتتعثر خطواته في العمل وفي الحب وفي الحياة.

أما الذي اعتاد أن يستولى دون أن يرد ما استولى عليه بسكوت الأبوين، أو انشغالهما، فإنه لن يلبث أن يرى «مشروعية» لفكرة اغتصاب حقوق الغير واعتبارها رداً لأصول كانت بحيازة أناس لا يستحقونها!

من ناحية أخرى، فإن الصغير الذي يتشبث بضرورة انتقال ما بيد أخيه الأكبر الى يديه، دون وجه حق، يجب أن يفهم أن هذا ليس حقه.

آخر الكلام:-تشاكس قادم.

سياج – آخر لحظة – 8/10/2010
fadwamusa8@hotmail.com