الطاهر ساتي

سؤال هادئ جداً ..!!


[ALIGN=JUSTIFY]** في مثل هذا اليوم قبل شهر كتبت رافضا نهج وزارة التجارة الخارجية في معالجة أزمة الأسمنت وارتفاع سعره ، وقلت ان نهج احتكار استيراد الأسمنت بواسطة أية شركة لن يحل الأزمة ، بل قد يؤدي نهج الاحتكار هذا الي المزيد من اشتعال نار السعر ، وختمت المقال بمايلي نصا « الغريب في الأمر ان السيد وزير التجارة – شخصيا – كان أكثر السادة غضبا وحزنا على ارتفاع أسعار الأسمنت ، وظل يتهم التجار بأنهم يحتكرون ، وكان يطالب بفك الاحتكار لينخفض السعر لحين فك حظر الاستيراد المصري .. واليوم مصر تفك حظر الاستيراد وتطلق سراح سلعها ولكن السيد وزير التجارة يتناسى حديث الأمس بفعل اليوم ويقرر احتكار الأسمنت بواسطة شركات القطاع العام ..» .. هكذا حذرت ونصحت التجارة الخارجية قبل شهر من مغبة منح تصديق احتكار استيراد الاسمنت المصري لاية شركة ، وكان سعر طن الأسمنت – يوم النصح والتحذير – ثمانمائة جنيه فقط لاغير ..!!
** التجارة الخارجية كالعهد بها دائما – مثل معظم مؤسسات الدولة – لا تستبين النصح الا ضحى الغد وبعد وقوع الفؤوس على رؤوس الناس جميعا .. واليوم هو غد الاستبانة وضحاه ، حيث وقعت الفؤوس على الرؤوس ، وقفز سعر طن الأسمنت من ثمانمائة جنيه قبل شهر الي تسعمائة جنيه حتى فجر اليوم ، والله يعلم ميعاد القفزة الأخرى ، حيث حذر اتحاد الغرف التجارية – لمن يهمهم الأمر – من ارتفاع خرافي سيشهده سعر الأسمنت في مقبل الأيام ، وبالتأكيد وزارة التجارة الخارجية ليست فى جماعة من يهمهم الأمر التي يحذرها اتحاد الغرف التجارية ، لو كان الأمر يهمها لما أوصلت – بنهجها المعوج – البلد والناس الي هذا الضنك ، وكذلك لو كانت مغبة ارتفاع السعر تهمها لما تمادت تلك الوزارة في الخطأ ثم التصديق لشركتي دانفوديو والجزيرة احتكار الاسمنت المصري ..!!
** المحزن في الأمر أن العبد لله سأل وزير الدولة بوزارة التجارة الخارجية ذات جمعة قبل شهر ان كان هناك اتجاه في الوزارة يتجه بالاسمنت الي نهج الاحتكار، فنفى وجود ذلك الاتجاه ، بل أغلظ في النفي مؤكدا بان الدولة ضد اي احتكار لاي سلع ، هكذا تحدث معى سيادته ليطمئن قلبي ، وبعد حديثه باسبوعين فقط لاغير أجاز مجلس الوزراء قانونا يمنع الاحتكار ، فقلت الحمد لله سرا وكتابة ، وذلك ليطمئن قلبي أيضا .. ومع ذلك كان هناك شئ ما في قلبي يحدثه بأن نفي السيد وزير الدولة وجود نهج الاحتكار في وزارته نفي غير مؤكد ، وكذلك شئ ما كان يحدث قلبي بان قانون منع الاحتكار المجاز من قبل مجلس الوزراء ما هو الا « كلام مجالس » .. هكذا كان ذاك الشئ يحدث قلبي ، فصدق .. نعم والله صدق ذاك الشئ .. حيث قبل أن يمض نصف شهر على قانون المجلس ونفي وزير الدولة احتكرت دانفوديو و الجزيرة استيراد الاسمنت المصري .. نعم ، احتكرتا الأسمنت وفرضتا سبعة وعشرين دولارا على كل طن ، تقسم كالأتي ..« 17 دولارا للخزينة السودانية ، 10 دولارات للخزينة المصرية » ..هكذا للأسف بلامقابل .. وبلا مبرر .. والتبرير الوحيد لفرض ذاك المبلغ هو أن السلع والتاجر والمستهلك تحت رحمة ..« نهج الاحتكار» …!!
** لن نسأل الوزارة بأي حق تستلم دانفوديو والجزيرة – سعيدتا الحظ – تلك المبالغ التي يتحملها المواطن ..؟.. ولن نسأل الوزارة عن سبب منحها للمبروكتين – دانفوديو والجزيرة – تصديق الاحتكار رغم أنف قانون الاحتكار ..؟.. لن نسأل الوزارة تلك الأسئلة ، فهي غير مشروعة ، ربما تهدد الأمن العام أو تسبب الاحتباس الحراري أو تأتي بالمرتزقة الي أم درمان .. وعليه ، لن نسأل الوزارة تلك الأسئلة التي يحسبها البعض بانها غير الوطنية ، ولكن نسألها بكل هدوء ..أليس معيبا أن تنتهك مؤسسات الدولة قانون الدولة ..؟؟

إليكم – الصحافة – الاثنين 26 مايو 2008م،العدد 5364
tahersati@hotmail.com [/ALIGN]