جعفر عباس

حتى اللغة تقف عاجزة أحيانا

[ALIGN=CENTER]حتى اللغة تقف عاجزة أحيانا [/ALIGN] في عاصمة عربية تنظر محكمة في قضية فريدة من نوعها، سبق لي الكتابة عنها ولكنني أعيد متابعتها، كي لا تعيشوا وهم أن مجتمعاتنا فاضلة: يواجه الزوج تهمة “التعريص” الذي هو القوادة (ستجدون لي العذر في استخدام كلمتين قبيحتي المعاني والدلالات).. وتواجه زوجته نفس التهمة.. ولو كانت التهمة تتعلق بكون شخص ما يعمل قوادا لما جاز وصفها بأنها “فريدة” ففي كل المجتمعات هناك من يتاجرون بشرف الأخريات والآخرين.. في هذه القضية بالتحديد يواجه الزوج تهمة استدراج رجال آخرين لمشاركة زوجته الفراش، ولكن الزوجة لم تكن مكرهة على ذلك بل كانت تفعل ذلك بكل سرور و”ترد الجميل” لزوجها بأن تشجع نساء متزوجات على مقاسمته الفراش.
إذا كان الكلام أعلاه “لم يدخل دماغك” فلك العذر لأن مخك “نظيف” ولا يستوعب هذا النوع من الوسخ، لأنه وببساطة لا يتوقع حدوثه، وبالتالي سأشرح لكم القضية برواقة: ذات يوم جلس الزوج وهو في أول الأربعينيات مع زوجته التي في الثلاثينيات وقال لها: الحياة الزوجية صارت مملة، رغم أنك مش بطالة، وأنا أيضا أحاول عدم التقصير في مسؤولياتي.. بس ان نأكل ونشرب سويا يوما بعد الآخر ونجلس أمام التلفزيون لساعتين او ثلاث ليس فيه أي متعة.. وبعدين بدون زعل.. حكاية أن الزوج ينام مع نفس الزوجة مدى الحياة مسألة غير حضارية.. لا أقصد أن فيك عيبا معينا أو أنك غير جذابة.. بل الأمر كله هو ان العلاقة بيننا صارت روتينية.. كان الزوج ينطق بتلك الكلمات وهو ينظر الى الأرض لأنه توقع – على أقل تقدير – بصقة، إن لم يكن شبشبا على وجهه.
فوجئ الرجل بزوجته تتكلم معه بصوت رقيق ورخيم: يا حبيبي.. لماذا لم تكلمني بكل هذا قبل سنوات؟ هل كنت تظن أنني واحدة من أولئك النساء المتخلفات اللواتي يصرخن في مثل هذه المواقف: يا لهوي؟ أنا إنسانة متحضرة وأفهمك كويس.. شي طبيعي انك تحس بالملل من كونك تقاسمني الفراش لسنوات.. بس ولا يهمك.. أنا أجيب لك بدل الواحدة عشرة.. تدلل!! نظر إليها الزوج خلسة ولم يلحظ على وجهها علامات الغضب او التهكم ولكن من باب الاطمئنان قال لها: أرجو ألا يكون كلامي قد أغضبك.. ربما هي حالة نفسية عابرة وتزول وسامحيني… ولكنها قاطعته: أنا لست غاضبة بل أكلمك بكل جدية.. من حقك ان تأتي بأي امرأة تشاء الى البيت.. بس من باب تكافؤ الفرص تعطيني نفس الحق.. يعني أنا بدوري استدرج من يعجبني من الرجال الى الفراش.. وعلى كده تختفي الرتابة والملل من حياتنا.
عندما اطمأن الرجل الى ان زوجته جادة قال لها: بس عيب ان نأتي برجال ونساء من طرف الى بيتنا.. لازم المسألة تكون بطريقة مؤسسية ومنهجية.. وبعد طول تدارس اتفقا على نشر إعلان على الانترنت: مطلوب أزواج على استعداد لتبادل الأزواج والزوجات في إطار علاقات مؤقتة.. وعلى الراغبين في هذا العرض إبراز عقود زواج “شرعية” موثقة.. وليس عرفية.. لاحظ الاستقواء بالشرع لمخالفة الشرع.. والطامة هي أنهما عثرا بالفعل على ثلاث رجال وزوجاتهم قبلوا بالمقايضة.. بل واتضح أثناء المحاكمة ان زوجة صاحبنا “خانته” بأن استدرجت رجالا الى الفراش من دون ان يأتوا بزوجاتهم لزوجها.
هل سامحتموني لاستخدامي مفردات مثل تعريص وقوادة؟ ولكن هل تدركون ان استخدامي لها هنا “خطا” لأن القوادة فيما نعرف ان يعمل شخص ما على الاتجار بأجساد من يعملون بالدعارة ولكن ان يأتي رجل برجال آخرين لزوجته – والعكس- فليس حتى في قاموس العولمة كلمة تصف هذه الممارسة… كأنما الزوج او الزوجة كاس آيسكريم بالفانيلا ويجدان عند آخرين آيسكريم بالكاكاو.. تعرض عليهم أن يعطوك لحسة مقابل ان تعطيهم لحسة.. حتى مثل هذه اللحسة لا تقبلها النفس السوية!!

أخبار الخليج – زاوية غائمة
jafabbas19@gmail.com