زهير السراج

حواشة البوني.. وحواشة التلفزيون..!!

[ALIGN=CENTER]حواشة البوني.. وحواشة التلفزيون..!! [/ALIGN] تحدث صديقنا البروفيسور البوني ــ وكان في الحقيقة يتحدث بلسان المزارع صاحب الحواشة في مشروع الجزيرة ــ في عاموده المقروء (حاطب ليل) يوم الجمعة الماضية عما اسماه بـ(الثغرة التلفزيونية)، وهو اسم مخفف جدا للنهج الذي اتبعه تلفزيون السودان تجاه موسم حصاد الذرة في الجزيرة وتزييف الحقائق، وكان من المفترض ان يكون الاسم هو (الفضيحة) وليس (الثغرة) كما أسماها البوني..!!* والقصة باختصار شديد هي ان حواشة البوني التي وقف عليها بنفسه منذ الصباح الباكر حتى المساء لم تنتج أكثر من (5) جوالات للفدان وكذلك حواشة جاره والكثير من الحواشات بالمشروع، بل ان بعض الحواشات لم يتجاوز انتاجها الجوالين، الا ان التلفزيون السوداني الذي غطى عمليات الحصاد لم يختر الا حواشة بلغ الانتاج فيها (15) جوالا للفدان ليعرضها على مشاهديه ثم يقول لهم بأن هذا الرقم هو متوسط انتاج الفدان في الجزيرة، وهو بالطبع كذب وتضليل صريح (والكلمتان من عندي بينما اختار البوني كلمة “النفاق” باعتبار ان من أوعز للتلفزيون نشر الخبر بالطريقة التي نشر بها يهدف الى منافقة كبار المسؤولين في الدولة الذين سيسعدهم الانجاز المزيف فيحظى صاحبه بالثناء والمدح، وعلى كل حال فالنفاق والتضليل وجهان لعملة واحدة، والخبر بالطريقة التي نشر بها يستحق عليه التلفزيون ومن أوعز له بنشر الخبر صفتي النفاق والتضليل، وأضيف لهما الكذب وخيانة الامانة..!!* وفي حقيقة الأمر فإن النهج الذي اتبعه التلفزيون في قضية الحصاد هو المنهج الدائم للتلفزيون في كل القضايا الاخرى، فلقد اعتاد التلفزيون السوداني منذ وقت طويل على نشر الصور الجمالية فقط وتجاهل الصور الداكنة حتى في ايام الديمقراطية باعتباره جهازا حكوميا يتلقى تعليماته مباشرة من وزير الاعلام، وحتى عندما تتاح له بعض الفرص النادرة لاختراق الحواجز والحدود المرسومة له فإنه يفشل في انتهازها إما بسبب الخوف الذي يعتريه من غضبة المسؤولين، او حماية لهم من تذمر المواطنين وهو الراجح، ويجب علينا ألا ننسى ان التلفزيون تأسس على فلسفة (بيت الطاعة) منذ مولده في عهد الديكتاتورية العسكرية الاولى، وظلت هذه الفلسفة مصاحبة له في مراحله العمرية المختلفة بل تحولت الى عقيدة في عهد حكومة الانقاذ التي فرضت سيطرتها الكاملة عليه وعزلت كل من لا يواليها باعتبار ان الاعلام هو أحد اهم اسلحتها في معركة البقاء ويجب ألا تكون هنالك أية شبهة في ولائه اليها، وهي لم تختلف في ذلك عن النظم الشمولية الأخرى منذ فجر التاريخ وحتى اليوم..!! * عليه فإنني عندما أصف ما فعله التلفزيون بما وصفته به في المقدمة، فإنني اقصد ان التلفزيون شريك أصيل في هذا النهج، ولم يفرض عليه أو يستغفل فيه، بمعنى ان التلفزيون يعرف المعلومات الصحيحة، ولكنه لا يرغب في نشرها باعتباره صاحب مصلحة، وليست القضية قضية ثغرة..!!

مناظير – صحيفة السوداني
drzoheirali@yahoo.com
28/11/2010م