عبد اللطيف البوني

هذا اللت من ذاك العجن


[ALIGN=CENTER]هذا اللت من ذاك العجن [/ALIGN] عندما أجري الإحصاء السكاني الخامس في السودان في العام الماضي رفضت الحركة الشعبية نتائجه رفضاً باتاً ومن عدة وجوه أولها أنه أظهر نسبة الجنوبيين لم تتجاوز الـ21 في المائة من عدد سكان السودان فالحركة تعتقد أنه نسبة عدد الجنوبيين 33 في المائة كما كان شائعاً من قبل وعلى نسبة الـ33 هذه تم تقسيم السلطة والثروة في نيفاشا، ثم ثانياً النسبة الجديدة التي أظهرها التعداد سوف تعطي الجنوبيين عدداً أقل من المقاعد في البرلمان القومي. تمت ترضية الحركة الشعبية بالإبقاء على النسبة القديمة في السلطة والثروة والبرلمان القومي، ثم رفضت الحركة الشعبية نتيجة التعداد كذلك لأن عدد الجنوبيين في الشمال فيه لم يتجاوز الخمسمائة ألف بينما الحركة ترى أن الجنوبيين في العاصمة وحدها مليون ونصف. وبما أن الانتخابات سوف تقام على ذلك التعداد فإن هذا العدد سوف لن يمنح الحركة فرصة للمنافسة في الانتخابات الشمالية خاصة العاصمة القومية إذ كانت الحركة تعول على لعب دور كبير في انتخاباتها لاسيما وأن مسألة قومية العاصمة التي جاءت في نيفاشا مازالت مثار جدال بالطبع دافع المؤتمر عن نتيجة التعداد بحجة أنه كان علمياً وفنياً بحتاً ولاصلة له بالسياسة وأن الأمم المتحدة والكثير من المراقبين الدوليين راقبوه ووصفوه بالنزاهة والعلمية. في التسجيل للانتخابات ركز المؤتمر الوطني على الشمال وركزت الحركة الشعبية على الجنوب بينما الأحزاب الأخرى في الشمال والجنوب كانت شبه متفرجة لضيق ذات اليد أو ربما أنها غير مصدقة بقيام الانتخابات أو ربما كانت زاهدة في نزاهتها لذلك لم يظهر للتعداد أثر في تلك الانتخابات لاسيما وأن العملية الانتخابية كلها متخلفة كثيراً ليس عن المعايير الدولية فحسب بل عن التجارب السودانية السابقة لأن الفارق بين الأحزاب الحاكمة التي تملك السلطة والثروة والأحزاب خارج دولاب الحكم كبير جداً (مما جميعه). الأن جاء الاستفتاء وانقلب السحر على الساحر الشمالي والجنوبي، فالحركة الشعبية ترى أن عدد الجنوبيين كبير كان أم صغيراً لاوزن ولا قيمة له فنتيجة الاستفتاء سوف تؤخذ من الذين سجلوا أسماءهم مهما قل عددهم.. ولكن من ناحية أخلاقية بالضرورة أن يتناسب عدد المسجلين مع العدد الكلي فإذا كان الفارق كبيراً ستكون مصداقية النتيجة مهتزة حتى ولو كانت مقبولة من ناحية قانونية بحتة، ولكن الانقلاب يكون أكبراً عندما نأتي للجنوبيين في الشمال عامة والعاصمة خاصة فالحركة لاتمانع الآن من القول أن عددهم قليل جداً حتى ولو كان دون الخمسمائة ألف بينما المؤتمر الوطني يشيع الآن أن عدد الجنوبيين في العاصمة كبير جداً وذلك لأن عدد الجنوبيين الذين سجلوا للاستفتاء قليل جداً فالمؤتمر يصر على أن الحركة منعتهم من التسجيل لأن الستين في المائة المطلوبة لنجاح الاستفتاء سوف تؤخذ من الذين سجلوا فقط. إذن ياجماعة الخير.. الشريكيان الحاكمان المتشاكسان لم يخضعا خلافهما في نتائج التعداد وفي الانتخابات وفي الاستفتاء للصدق والأمانة إنما جعلا العصبية والمصلحة السياسية الضيقة هي المتحكم فيما يصدر عنهما من قول وفعل سياسي أي هذا “اللت والعجن” من ذلك الطين وتلك الزبالة وكان الله في عون السودان موحداً كان أم منقسماً.

صحيفة السوداني – حاطب ليل- 28/11/2010
aalbony@yahoo.com