[ALIGN=CENTER]لسان حال تلك الجبال …( أمس واليوم ) ..!! [/ALIGN]
رجعنا لك ياصاحب، وكان غياب السبت والأحد اختيارياً..كنت في جبال النوبة ووديان المسيرية وسهول الحوازمة، بجنوب كردفان..أي كنت في منطقة قد تسمى – بعد التاسع من يناير – بالحدود الجنوبية للدولة السودانية..لم أكن متحمساً لهذه الرحلة، ولكن ذكريات رحلة سابقة قبل ثلاث سنوات – لذات المنطقة شجعتني، علماً بأنها ليست بذكريات مشجعة..نعم تلك كانت رحلة محفوفة بالمخاطر والمتاعب ثم العودة منها باللاشيء، أي عدنا كما جئنا إلا بخبر فحواه: قوات الحركة الشعبية تمنع نائب الوالي والوفد المرافق له، ساسة وصحفيين، من زيارة (المناطق المحررة) ..أو هكذا كانت تسمي الحركة الشعبية المناطق التي تحت سيطرتها..!!** وأذكر فيما أذكر بأن الوفد من خمسين شخصاً برئاسة عيسى بشرى، نائب الوالي وسايمون كارلو الأمين العام للحركة، تحرك من الدلنج قاصداً منطقة جلد، إحدى المناطق المسماة بالمحررة، وتبعد فقط 45 كيلومتراً عن الدلنج .. ولم يكن والي الولاية عبد العزيز الحلو متواجداً بالولاية يومئذ، ولكن كل وزراء حركته وأمينهم العام كانوا في رفقة نائب الوالي.. بعد ساعة ونصفها من وعثاء السفر وكآبة الطريق الوعر، وقفت عربات الوفد على جانبي الطريق.. ورغم خلو المكان من الناس وكل ملامح الحياة، قلت لمن معي: قد تكون هذه منطقة جلد المستهدفة بالزيارة، وربما جاءتها حكومة الولاية لتستبدل هذا الفراغ الموحش بالناس والحياة.. هكذا قلت لرفيقي، ولكن كان للقدر قول آخر.. رأيت بعضاً بزيهم العسكري وأسحلتهم يتجولون وسط عربات المقدمة، وعلى وجوههم صرامة تنسيك بأنك ابتسمت ذات يوم أو رأيت وجهاً مبتسماً.. قبل أن أتساءل عن هويتهم ومطلبهم، لطمنا أحد وزراء الحركة الشعبية بتوجيه مفاده: (معليش يلا ارجعوا، قواتنا رافضة الزيارة دي).. !!** لم استوعب ذاك التوجيه، ولم أفهم ماحدث.. فشرعت أسأل كل من حولي، وزيراً كان أو صحفياً، أسئلة من شاكلة: كيف تمنع قوات – يعترف الدستور بوجودها وتواجدها – والياً عن زيارة وتفقد منطقة بولايته؟.. ثم كيف تمنع تلك القوات قيادتها السياسية، وزراء بحكومة الولاية، عن زيارة المنطقة التي هي تتواجد فيها وهم ولاة أمر رعية مستوطنة بها.؟.. وأيهما أعلى سلطة، جيش الحركة أم الأمين العام للحركة؟.. هكذا كنت أردد وأكررالأسئلة لوزراء المؤتمر والحركة ورجال المراسم والحرس، كما المجنون، ولكن دون جدوى أو إجابة منطقية ..لقد صدر توجيهاً من القيادة الميدانية للحركة بأنها غير مسؤولة عما يحدث لأرواح نائب الوالي والوفد المرافق له وممتلكاتهم في حال تجاوز مسار رحلتهم بوابة منطقة جلد غرباً.. ولكي لا يموت (سمبلا ساكت)، عاد الوفد إلى الدلنج حزيناً وغاضباً.. وانتهى الحدث بخبر صغير نشرته صحف 18مارس 2008، تحت عنوان: الحركة تمنع نائب الوالي من زيارة جلد، والحكومة تعتبر المنع خرقاً لاتفاقية السلام ..!!**هكذا كان المناخ السياسي بجنوب كردفان عامئذ، وما ذاك إلا نموذج واقع عشت تفاصيله ذات لحظة، ولكن كل المناخ العام كان ذاك النموذج، حيث أهدرت (حكومة الحلو وبشرى) الكثير من عمر الزمن في تشاكس لم يجن منه المواطن هناك غير: فقدان الأمن، سوء الخدمات، تشقق النسيج الاجتماعي وفقدان الثقة في نيفاشا وصناعها.. ولذلك، لبيت دعوة زيارة ذات المناطق متجاهلاً ماحدث قبل ثلاث سنوات.. ولأن الزاوية لن تسع لمشاهد واقع الحال اليوم، غداً بإذن العلي القدير أنقل ما يحدث هناك عبر مساحة أخرى .. فمرحباً بكم ..!!
إليكم .. السوداني –
29/11/2010
tahersati@hotmail.com