[ALIGN=JUSTIFY]لو قدر لمجلس الامن التصويت اليوم على تجميد مذكرة المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو اوكامبو , سنستخدم الفيتو , ونمنع التجميد كانت هذه كلمات مبعوث الرئيس الامريكى للسودان ريتشارد وليامسون , وهذه الكلمات قد لا تعبر عن رأي الادارة الامريكية , التى التقت نائب الرئيس علي عثمان طه قبل ايام , وابدت تفهمها لقلق السودان من مذكرة اوكامبو واحتمال تأثيرها على السلام فى السودان بحسب الناطق باسم الخارجية السفير علي الصادق , وهذا التضارب البائن , يمكن فهمه من القاعدة المتعارف عليها اعلاميا , انه متى ما جنحت الاطراف المتنازعة الى تصعيد حدة التصريحات حول موضوع يجرى حوله التفاوض فان هذا يعنى تعثر المفاوضات بينهما. لندع تضارب تصريحات علي الصادق , ووليامسون , ونسأل انفسنا ماهو المطلوب من السودان بالضبط , لو كان يرغب فى ايقاف جماح مذكرة اوكامبو , عند الاجابة على هذا السؤال, نجد الحكومة الفرنسية التى هى عضو فى مجلس الامن, وتملك حق الفيتو على قرارات المجلس تشترط اربعة شروط, حسب ما جاء على لسان سفيرها فى الامم المتحدة جان موريس ريبير ,الذى استبق جلسات الجمعية العامه للامم المتحده, وقال ان باريس مستعده لقبول فكرة تجميد اى اجراء ت من المحكمة الجنائية الدوليه فى حق البشير, بشرط تلبيه عدة مطلوبات, تتمثل فى وقف الهجمات واعمال القتل فى دارفور, اضافة الى فتح حوار سياسي شامل مع كل الجماعات المسلحه فى الاقليم , وتحسين علاقات السودان بتشاد ,وهى الشروط التى يمكن للحكومة الايفاء بمتطلباتها, بل انها فعليا شرعت فى ذلك , بدعوتها لوقف اطلاق النار , التى اطلقها نائب الرئيس طه عند زيارته الاخيرة للفاشر , اضافة الى ترحيب الحكومة على مستويات رفيعه عدة , بجهد دولة قطر لا ستضافة مباحثات السلام بينها والحركات المسلحة , ويقف اجتماع آلية داكار بالعاصمة الارترية اسمرا شاهدا على ان العلاقات السودانية التشادية فى طريق العودة الى مربع التطبيع, او عودة السفراء الى الخرطوم وانجمينا على الاقل. هنا يتضح ان الحكومة قبلت ضمنيا ثلاثة من الشروط , ويتبقى الشرط الرابع والاخير وهو محاكمة الوزير احمد هارون , والقائد السابق بالدفاع الشعبى على كوشيب , وهو مربط الفرس الذى يحل لغز تأخر اعلان موافقة الخمسة الكبار على المساعى المبذولة من الجامعة العربية والاتحاد الافريقى لتجميد مذكرة اوكامبو المطالبه بتوقيف رئيس الجمهورية , خاصة اذا اخذنا فى الاعتبار ان الولايات المتحدة سعت الى احراز نقاط فى الامور التى تشغلها فى السودان , مثل تكملة نشر القوات الهجين فى دارفور , وهو امر يبدو مفهوما الى حد ما , فى سياق نادي الحكومة الامريكيه من التدخل فى الشؤن المتعلقه بالمحكمة الجنائيه الدوليه, لعدم اعترافها بها من اساسه , وهو ماكان ظاهرا فى المباحثات التى اجرتها وزيرة الخارجية الامريكيه كوندا ليزا رايس مع نائب رئيس الجمهورية عثمان طه , والتى تعهدت من خلالها رايس بدعم عملية ترحيل القوات المصريه والاثيوبيه الى دارفور , ومن غير المعلوم الى الان هل الحكومة وافقت ايضا على نشر وحدات عسكريه من دول الاتحاد الاوربى ام لا ؟ وهو الشئ الذى كانت ترفضه على الدوام . بالعودة الى محاكمة الوزير هارون وكوشيب , التى يبدو الى الان انها تقف حجر عثره فى طريق صدور قرار من مجلس الامن يجمد من خلاله اجراءات المحكمة الجنائيه , نسبة لان السودان سبق له وان اعلن على لسان رئيس الجمهوريه المشير عمر البشير رفضه القاطع لمحاكمة اى سودانى خارج السودان , وهو امر مفهوم ايضا بالنظر الى تركيبة حزب المؤتمر الوطنى , حيث لايعقل ان يوافق المؤتمر الوطنى ورئيسه على تسليم ومحاكمة هارون, من اجل تجميد ملاحقة الرئيس البشير , وهو الامر الذى يبدو ان دولة فرنسا تفهمته مؤخرا , ويظهر اثر ذلك فى الرسالة التى تلقاها وكشف عن محتواها نائب الرئيس طه لصحيفة الحياه اللندنيه حيث يقول ساركوزى اقترح حظر النشاط السياسي للوزير هارون وليس تسليمه الى المحكمة هنا يتبقى امام الدول الساعية للتوفيق بين السودان والخمسة الكبار فى مجلس الامن , طريق واحد وهو قيام محاكمات داخليه ,و شفافه, ومراقبه دوليا لتقريب وجهات النظر , وهو الشرط الذى لم يرفضه السودان , منذ اندلاع الازمة بينه والجنائية الدوليه , لكنه رفض على مستويات دنيا , المراقبه الدوليه للمحاكمات بحسب تصريحات سابقة لوزير العدل عبد الباسط سبدرات , وامس خرجت عدد من صحف الخرطوم بتصريحات لمصادر عليا بالدوله لم تكشف عنها , قالت ان الحكومة السودانيه وافقت على المراقبه الدوليه للمحاكمات الداخليه التى ستقيمها فى دارفور , وهو الذى يعد علامه فارقه ,فى طريق مقاومة السودان للمحكمة الجنائيه , لان موافقة السودان على الرقابه الدوليه للمحاكمات التى تنوى ابتدارها فى دارفور , يعنى وضع رغبة المجتمع الدولى للعداله فى المحك . وكان نائب الرئيس عثمان طه قد صرح فى مقابله مع ال bbc ان السودان يسعى للاستفاده من ولاية القضاء الداخلى لاجراء المحاكمات , بالنسبه للدول غير المصادقه على ميثاق روما , بحسب قرار مجلس الامن 1422, الذى يمنح الدول غير المصادقه حق اجراء المحاكمات الداخليه فى جرائم الاباده الجماعيه وجرائم الانسانيه , وكان على عثمان قد اكد فى نهاية المقابله مع bbc بصورة مغلظه على ان السودان لايسعى الى مساعدة اى جناه يحددهم القضاء , عندما قال نحن لا نشجع افلات احد من العقوبه وسنحاكم كل من ثبت ضده جرم او اتهام . للنظر فى حظوظ هذا الطريق التوفيقى بين السودان , والدول الخمس الكبار , نجد ان الاخيره , تدفع بان السودان لا توجد بين نصوص قانونه الجنائي اى مواد تتعلق بجرائم الاباده الجماعيه او التطهير العرقى والجرائم ضد الانسانيه , وهو ما فطنت له الحكومة السودانيه , عندما جنحت الى تعديل القانون الجنائي السودانى بحسب ما نشرته الزميله( الاخبار ) قبل ايام ليتضمن اربع مواد جديده هى الابادة , والتطهير العرقى ,وجرائم الحرب ,والجرائم ضد الانسانيه , وهى تعديلات قد تساعد السودان كثيرا , وزادت الحكومة على ذلك بتعيين مولانا نمرابراهيم كمدعى عام لدارفور وهو الذى باشر مهامه قبل اقل من شهر . وبالنظر الى احتمالات محاكمة القائد بالدفاع الشعبى على كوشيب الذى اصدرت الجنائية الدوليه بحقه مذكرة توقبف , باعتباره من احد المتهمين الذين يتشدد المجتمع الدولى فى ضرورة محاكمتهم , نجد ان لجنة مولانا دفع الحاج يوسف سبق وان اشارت اليه باصابع الاتهام , وجاءت اللجنة القضائيه التى شكلها رئيس القضاء ووجهت اليه التهم بصورة رسميه بحسب ما ابلغنى به وكيل وزارة العدل عبدالدائم زمراوى فى ثنايا حوار سابق اجريته معه , وزاد على ذلك فى محور دفاعه عن تاخر نظر القضيه امام القضاء, بان كوشيب تقدم باسئناف لوزير العدل من اجل رفض توجيه التهام اليه , وان وزير العدل لم يبت فى الامر بعد , وحال ما رفض الاستئناف يمكن بدء محاكمة كوشيب , وامس نشرت (الراى العام) على لسان مولانا نمر ابراهيم قوله بلاغ كوشيب ضمن البلاغات التى نتحرى فيها ولكن الى الان لا يبدو مفهوما هل سيحاكم كوشيب فى حال ما رفض اسئنافه , بالقانون الجنائي السودانى قبل التعديل ام بعده , خاصة وان مواد القانون لا تطبق باثر رجعى . وبجهة الوزير احمد هارون , نجد انه حالته تختلف عن على كوشيب , لان الرجل لم توجه له تهم من قبل اى جهة عدليه حيث يقول زمراوى فى حوار( الاحداث ) معه ان اللجنه القضائية السابقه لم تجد اى شواهد يمكن ان توجه له عبرها الاتهام , فى الوقت الذى لا يعلم فيه احد هل سيدخل مدعى دارفور الجديد مولانا نمر , احمد هارون ضمن تحرياته وتحقيقاته , ام ستكتفى الحكومة السودانيه بابعاده عن طاقم حكومة الوحدة الوطنيه , وهو ما ستكشف عنه الايام المقبلة.
عمار عوض :الاحداث [/ALIGN]