جعفر عباس
حوار بالتنويم المغناطيسي
وقد أتاحت لي الاتحاد محاورة عدد من الزعماء والشخصيات البارزة، من مختلف الدول فقد حاورت رئيسة وزراء الهند الراحلة إنديرا غاندي والمستشار الألماني هيلموت شيمدت، والرئيس الصومالي سياد بري (وكان له رأس في حجم رأس فرس النهر، وكان يحضر مؤتمرات القمة العربية ويضع سماعة “ترجمة” على أذنيه لأنه كان يعرف الإنجليزية والإيطالية والصومالية وبس.. وهو الذي بذر الفيروس الخبيث الذي ينهش جسم الصومال حاليا)، ورئيسة الوزراء البريطانية مارغريت تاتشر، وكنت أول من حاور حامد الغابد اول أمين عام لمنظمة المؤتمر الإسلامي فور تشكيلها، ولا بأس من العودة إلى حوار أجريته وكتبت عنه مرارا وكاد ان يوديني في داهية، فقد كان مع وزير الخارجية الأمريكي إدموند ماسكي على عهد الرئيس جيمي كارتر.. كان فارع الطول ومتهدل الجسم لأنه كان طاعنا في السن.. حاورته في صالة الجناح الذي كان يقيم فيه في فندق ميريديان في ابو ظبي، وجلس معي على نفس الكنبة حافي القدمين، فاعتبرت ذلك قلة ذوق واستخفافا بي فقررت استعراض عضلاتي السياسية واللغوية وطرحت السؤال الأول وكان “معلقة”، أي ان طرحه استغرق زمنا طويلا، ثم نظرت إليه وأنا أقول في سري: إيه رأيك بقى في أبو الجعافر؟ بذمتك مش فهمان وخطير ويتكلم الإنجليزية أحسن من أهلها؟ ولكن الرجل لم ينطق بكلمة.. اكسكيوز مي؟ ولكنه لم يكسكيوز مي ولم “يعبِّرني”، وكان معي مصور باكستاني اسمه ضياء همس في أذني: هادا في نوم بابا!! بالفعل كان الرجل قد نام.. بركاتك يا ابو الجعافر.. سؤال واحد ونوّمت الراجل.. كمان سؤال تاني توصله القبر.. أدركت أن سؤالي الطويل المركب والمعقد والمشربك أربك أنظمة الاستقبال عند الرجل فهمدت وهمد هو ونام.. وأصابني توتر وقلق: ماذا لو كانت تلك سكرات الموت؟ يا ميلة بختك يا جعفر.. ستكون هدفا للمخابرات الأمريكية وسيتهمونك بقتله.. وأحسن المصور التصرف وأمطره بوابل من فلاشات الكاميرا المتتالية حتى انتفض معتذرا بأنه “تايرْد” أي منهك.. وطرحت عليه اسئلة قصيرة بصوت مرتفع حتى لا ينام مجددا، وعدت الى الصحيفة وأفرغت شريط التسجيل، ونشر الحوار في الصحيفة فإذا بالسفارة الأمريكية في الإمارات تتهمني بفبركة أجزاء منه، وأخرستهم بأن أعطيتهم نسخة من الشريط الذي سجلت عليه الحوار وقلت لهم: إن ماسكي ربما أنكر بعض ما قاله لأنه كان تايرد ونصف نائم.. وذاع أمر نومه بين الزملاء فشبعت تريقة.. وكانوا كلما كلفوني بمحاورة شخصية يحذرونني يا ويلك إذا نوَّمته.
أخبار الخليج – زاوية غائمة
jafabbas19@gmail.com