جعفر عباس
وصموني بقلة الحياء
وذات مرة اضطررت الى الذهاب الى المستشفى، وأنا أعاني من نزف مؤلم، وتم استدعاء جراح تصادف أن كان سودانيا اسمه علي محجوب، وقال لي إنه لابد من احتجازي لإجراء عملية استئصال البواسير في اليوم التالي، قلت: على جثتي.. مفيش عملية.. اعطني أي بلوى.. مرهم.. حبوب.. بودرة.. طباشير.. المهم لن أخضع للجراحة، فقال لي: بكرة تندم يا جميل وأعطاني بعض العقاقير وذهبت الى البيت، وبعدها بأسبوع ذهبت إلى الجراح منكسرا أرجوه أن يجري العملية فقال: لا مانع، بس بدون بنج.. قلت له: على بركة الله بس خلصني من الآلام التي امتدت الى ساقي وحرمتني من الجلوس ومن العمل.. وأجريت العملية بتخدير كامل ثم استيقظت، ووجدت العديد من الأقارب والأصدقاء حول سريري،.. سعدت بمحادثتهم، ثم انتهى موعد الزيارة، وبدأت أحس بألم فظيع، ولكن الممرض طلب مني الصبر إلى أن يأتي الطبيب في الجولة المسائية،.. ولم أكن قادرا على تحمل الألم، فاقترب مني شاب مصري، كان قد أجرى جراحة لاستئصال دُمَّل (خُرّاج) من كفه وقال لي خد .. لم أسأله عن نوع الحبة التي كانت في يده، و”أخدتها”، فأعطاني واحدة أخرى فـ “أخدتها”، وأحسست بخدر لذيذ وبأن الألم صار محتملا ونمت مجددا، وفي منتصف الليل استيقظت وكأنما النيران تأكل جسمي.. وتسللت من وراء ظهر الممرض المناوب الى حيث كان صاحبنا المصري نائما وأيقظته وتوسلت اليه ان يعطيني “حباية” فصاح: يا عمي سيبني في حالي.. حد قال لك إن أنا عندي مخزن فاليوم؟ حاولت على مدى ربع ساعة إقناعه بأن يعطيني حبة فاليوم أخرى، ولكنه رفض فصحت فيه: إلهي يقوم لك خراج في لسانك وعيونك.. وسمع الممرض ضجيجنا وزجرني وقادني الى سريري، ثم أتى طبيب وطخني إبرة جعلتني أدخل في غيبوبة لذيذة نحو 8 ساعات تخللها السخف المعتاد في المستشفيات: فور أن تغمض عينيك يأتي ممرض لقياس ضغط الدم.. ويذهب فتنام مجددا فيعود بعد نصف ساعة لأخذ عينة من الدم.
المهم غادرت المستشفى ثم استأنفت العمل والتقيت بأصدقائي أبناء الإمارات وعاتبتهم لأن أيا منهم لم يزرني في المستشفى فهتفوا: إنت ما تستحي.. مسوي بواسير وتبي الناس تزورك؟ ثم شرحوا لي أن معظمهم أجرى عملية بواسير ولكن خارج البلاد.. في الهند أو البحرين أو بنجلاديش.. المهم في بلد لا يعرفه فيه الناس!!
أخبار الخليج – زاوية غائمة
jafabbas19@gmail.com