زهير السراج

محنة الدبلوماسية السودانية ..!!

محنة الدبلوماسية السودانية ..!!
* لا أدرى بماذا أصف تصريحات الناطق الرسمى باسم وزارة الخارجية لصحيفة ( الشرق الأوسط اللندنية) التى أقر فيها بمشاركة (سودانيين) فى الجرائم وعمليات القتل الوحشية التى يتعرض لها الشعب الليبى ، إلا القول بأنها أبعد ما تكون عن الدبلوماسية التى تتطلب وزن التصريح مائة مرة والنظر الى نتائجه المباشرة وغير المباشرة، وتأثيراته الآنية والمستقبلية، قبل الإدلاء به ..!!

* قد تكون المعلومات التى جاءت فى تلك التصريحات صحيحة، ولكن هل كل شئ صحيح يجوز التصريح به، خاصة إذا كان تأثيره فى حجم تعريض حياة عشرات الآلاف من المغتربين السودانيين فى ليبيا الى الخطر الشديد، وبث الرعب فى نفوسهم من التفكير فى احتمال تعرضهم للخطر من المواطنين الليبيين، ووضعهم فى أسوأ موضع يمكن ان يوضع فيه مواطن يقيم خارج وطنه، كون حكومته إعترفت بشكل رسمى باشتراك بعض أبناء جلدته ــ بغض النظرعن هويتهم وإنتمائهم السياسى وطبيعة علاقتهم بحكومتهم ــ فى جرائم القتل والترويع التى يتعرض لها الشعب الليبى، فضلا عن التأثير السلبى الكبير لهذه التصريحات على العلاقة بين الشعبين السودانى والليبى ..!!

* الظروف الصعبة التى يمر بها الشعب الليبى والجرائم البشعة التى يتعرض لها لا تجعله مهما كان حكيما يتأنى لحظة واحدة ليفكر هل (السودانى) الذى يمر أمامه فى الشارع او يجاوره فى المسكن او يقيم معه فى الحى او يزامله فى العمل ….إلخ، هو معه ام ضده، وكل ما سيفكر فيه ويتصرف بناءا عليه، هو أنه (عدو) له عليه أن يحمى نفسه منه بكافة الوسائل قبل ان يعتدى عليه، حسب تصريح وزارة الخارجية السودانية بأن متمردين سودانيين يشاركون فى قتل أبناء الشعب الليبى وترويعهم ، وهو نفس التفكير الذى يراود المواطن السودانى المقيم بليبيا تجاه المواطن الليبى .. بعبارة بسيطة فإن تصريح الخارجية السودانية وضع السودانيين المقيمين بليبيا فى مواجهة مباشرة وقاسية جدا مع الشعب الليبى، وإذا أخذنا فى الاعتبار أن الحكومة السودانية ليست لديها المقدرة والامكانيات لتوفير الحماية لمواطنيها فى ليبيا او نقلهم الى السودان، يتضح لنا حجم الخطر الذى يتعرض له السودانيون فى ليبيا والرعب الذى يعيشونه ويعيشه أهلهم وأسرهم فى السودان، فضلا عن التاثيرات السلبية الأخرى ..!!

* وللمقارنة والتذكير، أعيد الى الأذهان تأزم العلاقة بين الشعبين الكويتى و السودانى بسبب الموقف السلبى للحكومة السودانية من الغزو العراقى للكويت فى عام 1990، والمظاهرات التى نظمها وشارك فيها قلة من السودانيين فى شوارع الخرطوم دعما للرئيس العراقى صدام حسين وقتذاك، ولا يزال الشعب الكويتى متأثرا حتى الآن، رغم مرور عقدين من الزمان وعودة العلاقات الطبيعية بين الحكومتين السودانية والكويتية، فما بالك إذا تعدت المسألة المواقف السلبية وتنظيم التظاهرات الى المشاركة فى المذابح ..!!

* إننا فى حاجة الى معجزة حقيقية لتجاوزهذه المحنة التى أدخلتنا فيها دبلوماسيتنا .. وصدق من قال ( اللهم أكفنى شر أصدقائى، أما أعدائى فأنا كفيل بهم) ..!!
مناظير
زهير السراج
[email]drzoheirali@yahoo.com[/email]