ثقافـــة الألقــــاب
فكثير من الدول حولنا لها أدبياتها الخاصة في الألقاب خاصة في شأن المراكز والمهن فالمصـريين والأتراك والأوربيين على سبيل المثال يولون اهتماما كبيرا بالألقـاب الاجتماعية حيث يندر أن يذكر اسم شخص دونما إضافـة لقب محدد أمام أسمه .
فقد يكون هذا اللقب مهنيا كالأستاذ أو ( الباشمهندس ) أو قد يكون حرفيـا ( كا الوسطى ) أو المعلم أو قد يكون اجتماعيــا ( كالبيه أو الباشا وأونكل ) ونحو ذلك مما جرى على السنة الناس ، أما السودانيون عمومـا فلا يشكل اللقب لديهـم حـالة شائعـة فيما عدا بعض المجالات المحـدودة كالمحامـين و المعلمـين ورجالات الـدين والمهندسين ونحوهم .
وحتى هؤلاء لا يوصفون بهذه الألقـاب المهنيـة إلاّ من جانب الطبقـة المثقفـة أو المستنيرة بينمـا لا يعبأ العامة بذلك كثيرا أو لعـل البعض ينظر إلى اللقب و كأنه نوع من الاستجداء المهــين ، خاصة إن كان اللقب مصري المنشـأ والتــداول .
لكـن صـورة فريـدة من ذلك تتمثـل في ميـادين الرياضـة وكرة القدم بصفة خاصة ، إذ ينـدر أن تجـد لاعبـا لا يحمـل لقبـا بجوار اسمه في خاصية فريدة . . وهذه الألقاب قد تأتي من باب التشبيه أو بسبب ارتباطها بحـادث معين في حيـاة الفـرد .
واغلب هذه الألقـاب مـردها إلى مرحلة مبكـرة من العمر ، حيث تلازم في غالب الأحـوال مرحلة الصبا وحينها يكون اللقب في كثير من الأحايين اختزالا لفترة تاريخيـة من حياة الفـرد أو اللاعب أو لحادث معين أو تشبيه أو نحو ذلك .
بكل المقاييس تعـتبر الألقاب الرياضية صـورة فريدة تميز السـودانيين عن غـيرهم من الـدول في المجـال الرياضي لكن هذه الصورة الفريدة تنتشر أيضا لدى البرازيليين بل نجـد أن اللقب في السودان وفي أحايين كثيرة يكون فكـرة ذكيـة تلامس الواقع ، وتعبر بصـورة دقيقـة عن الشخص المُلقب .
فلو تأملـنا ألقاب اللاعبـين في مختلف الدرجات ، سنجد أن لكل لقب قصـة واقعية ، حدثا كان ذلك أو تشبيها أو موقفا ، وتنفرد الرياضة عن كل المجالات بنصيب وافر عن غيرها في ذلك ، لأنها تشكل بيئة خصبة للتنافس و التشجيع والكيد والمكر و الدعابـة .
بعـض دور الرياضــة لا تخلو من بعض والوصفيين والوصافين المتخصصين في صنع هذه الألقاب ، الذين يطلقون هذه الألقاب في صورة هي اقـرب للدعابة والمـرح ، و كذلك من باب إشاعـة الـظرف بين النــاس . ومعلوم كذلك أن رفض اللاعب للقب الذي يطلق عليه يكون مدعاة لالتصاق اللقب به أكثر وذلك ربما من باب الكيد البريء أو المداعبة والمناكفة ، وهذه الألقـاب في أحايين كثيرة تغلب على الاسم الرسمي و تغطي عليه
ونجد لذلك أمثلة كثيرة للاعبين نجهـل أسمـائهم الحقيقية بفعل التداول المكثف للقب على حساب الاسم الرسمي .. بينما يتواري الاسم الحقيقي ولا يكون معروفا إلا عند المقربين وفي إطار التعامل الرسمي ، كمكان العمل أو المدرسة والجامعة أو نحـــــــو ذلك .
والألقاب قد تكون أسماء لحيوانات أو طيور أ و زواحف وغير ذلك ( كالدحيش و الضب و الأسيد وكديس وفوزي الأسد .. بطه ) أو اسما لمكان جغرافي معين ( كالصبابي أبور وف المهدية .. أبوسعد ) أو كذلك أسماء لبعض النباتات مثل ( قرن شطه سنطه .. نبقه .. صمغة ) وحتى السيارات والآليات تم تداولها مثال ذلك ( مازدا والبلدوزر والدبابة ) و لا تقتصر الألقاب على ذلك فقط ، فحتى ( إبليس وشوطين ) قد وجدوا طريقهم إلى ملاعبنا .
أما أبو ناتولة وأبو عشراقة وعوج الدرب وعجب أمه وغيرها من الالقاب التي لا يمكن تفسيرها إلا من خلال إجترار لحطة تكونها وتستعصي كثيرا مثل هذه الألقاب على الحصر والرصد .. لكنك قد ترى فيها ما لا يخطر على بال طالما أنها تتسم بهذه العفوية والتلقائية وشيء من الكيد والعبث الطفولي .
وعليكم أعزائي تأمل هذا العنوان الذي جاء بصحيفة الصحافة في زمن مضى حينما التقى الهلال العاصمي بهلال الحصاحيصا في مناسبة انتقال لاعب من الحصاحيصا للهلال العاصمي :-
(( الهلال يهزم الهلال 1/ صفر الدحيش يحرز هدف المباراة و إبليس و شواطين يتألقان )) ماذا لو حمـل أحدهـم هذا العدد من صحيفة الصحافة آنذاك وتوجه بها إلى قـطر عربي بطـائرة ذلك الصباح .. تري ما الذي كان سيدور في خلـد من يقـرأون ذلك العنـوان ؟؟؟؟؟ أتراه سيظنون بنا خيراً ؟؟؟؟
ترى ماذا يمكن أن يقول هؤلاء عن رياضتنا ؟؟ وعن الذين يتداولونها ؟؟ وهم أهل الإعلام … والإعلام باعتباره أداة انتقاء وتعليم كان ينبغي عليه الأ يتداول هذه الألقاب ، خاصة التي لا معنى لها ..أو تلك التي لا تتناسب التداول .. حتى لا يكرس بعض الصور السالبة التي قد تصاحب هذه الألقاب ، خاصة الرديء منها فالإنسان أكرم من أن يكون ( إبليسا أو شيطانا أو حيوانا ) لذا فقد إحترمت غايـة الإحترام مـدير التلفزيون الاسق المهندس / الطيب مصطفى حينما أمر بعـدم تداول الألقاب الرياضيـة من خلال شاشة التلفزيون ، ولقد كان الرجل محقا في ذلك فالإعلام رسالة قوامها الإنتقاء و التعليم .
ولعل الناس الناس قد عارضوا هذا الإجراء من الرجل .. لكنني أعتقد أن الرفض قد جاء لمجرد أن الرجل حجر على إلف معتاد .. والنفس دائما ما تتمرد على ما يخرجها من إلفها ..
لكننا لسنا وحدنا في ذلك فكثير من لاعبي البرازيل طغى اللقب على أسماءهم الحقيقة حتى باتوا لا يعرفون إلا بألقابهم .. ولعلك أخي القاريء ستزداد حيرة حينما تعرف الأسماء الحقيقية لهؤلاء النجوم المشاهير :- بيله هو ( أدسون أرنس دوناسيمينتو ) كافو هو ( ماركوس إيفانجليستا دومورايس ) كاكا هو ( ريكاردو أزيكسون دوس سانتوس لينتي ) زيكو هو ( أرثر أنتونيس كواميرا ) رونالدينيو هو ( ورنالدو دي أسايس موريرا ) .
ويبقى السؤال عن المعنى الذي يحتوية الإسم .. لأن فوزي ( الأسد ) أفضل الف مرة من ( أبوجلمبو ) والأخير لاعب مشهور نخاف أن تتخطفه أندية القمة في مشوارها القادم .
…………
ملء السنابل تنحني بتواضع .. والفارغات رؤوسهن شوامخ
………… [/ALIGN]
صلاح محمد عبد الدائم ( شكوكو )
shococo@hotmail.com