تحقيقات وتقارير

بعد إعلان اليوناميد لخطط طواريء :السيناريوهات المحتملة للحكومة

[ALIGN=JUSTIFY]أعلنت البعثة المشتركة للأمم المتحدة بالسودان «يوناميد» أن لديها تفويضاً باستخدام القوة لضمان أمن القوات الدولية في السودان. وقال مسؤول أممي رفيع لـ «الصحافة» أمس الاول إن المنظمة الدولية جاهزة لأسوأ السيناريوهات ،مشيراً إلى خطط طواريء لاجلاء موظفي الأمم المتحدة في حال تعرضهم لتهديد جراء صدور قرار من المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف الرئيس المشير عمر البشير، ويتوافق هذا التصريح مع ما كان قال به الممثل الخاص للأمين العام للامم المتحدة في الخامس عشر من اغسطس الماضي في مؤتمر صحفي بالخرطوم قبيل توجهه الى نيويورك لتقديم تقرير لمجلس الامن بشأن سير انفاذ اتفاق السلام الشامل من وجود ترتيبات أمنية قوية لمواجهة أي سيناريو أو تداعيات لطلب توقيف الرئيس البشير من قبل المحكمة الدولية. وقال وقتها إنه لن يضع أية افتراضات او يرسم سيناريو لما قد يحدث لكنه أكد استعداد البعثة لمواجهة كافة الاحتمالات. وزاد «نحن واعون تماماً لسلامة موظفينا وأصولنا».
ويرى مراقبون انه ليس اعتباطاً ان يتم التكرار في هذا الصدد اذ يعطي هذا الاعلان والذي سبقته مؤشرات حول سيرة ما سيجري، تقود ذلك ارهاصات أخرى تتمظهر في أعلى تجلياتها في تحذير وزير العدل عبد الباسط سبدرات من حدوث زلزال تسونامي في حال صدور امر التوقيف وقوله في مؤتمر صحفي في منزل السفير السوداني بالأردن حسبما جاء في صحف 9 سبتمبر الماضي ان «هذا الحريق سيحرق أكباد متخذي القرار» مؤكداً ان السودانيين لن يسمحوا باغتيال سلطة وهيبة رئيسهم وان الاستمرار في هذا الاتجاه سيفتح ابواب الجحيم وان «أعداء السودان الذين يواصلون حصاره لا يريدون ان يتم السلام في دارفور».
فهل يشير تجدد الحديث حول أسوأ السيناريوهات من هنا وهناك الى تخوف فعلي مما سوف يأتي أم انه محض كلام يقع تحت طائلة الاستهلاك السياسي لتحقيق موقف تفاوضي أو لجلب تعاطف ومنافع، أياً يكن الأمر، الا انه من وجه آخر يدفع للتساؤل حول خيارات الحكومة وما اذا كان في امكانها رسم السيناريوهات القادمة بما يجنبها المزالق ويجنب اليوناميد المهالك ام ان الرتق اتسع على الراتقين وصار في امكان الحكومة فتح أبواب الجحيم على الجميع.
بعد أن ناقش معي عبر الهاتف أمس خيارين طرحتهما عليه يقرر البروفيسور الطيب زين العابدين خيارا ثالثا لابد من السير في اتجاهه حثيثا وهو انجاز اتفاقية سلام مع الفصائل المتمردة في دارفور واجراء محاكمات علنية للمتورطين في جرائم بواسطة قضاة مشهود لهم بالحياد مع توفير مراقبين دوليين. ويقول المفكر زين العابدين انه لا سبيل الى ثلاثين يونيو أخرى «لأن البلد قطعت شوطاً في التحول الديمقراطي وأصبح هناك دستور انتقالي واتفاقية سلام شامل» معضداً حجته بسند آخر وهو ان الحكومة لم تعد قوية كما كانت بالأمس «فهي اذا كانت تستطيع في السابق استنفار الشباب بأرقام كبيرة لن تجد اليوم من يقاتل من أجلها، فالجو الآن غير مهيأ ولا تستطيع بأي حال من الاحوال الآن حتى طرد قوات اليوناميد» ولكنه يعود ويقول انها قد تنجح في خلق معاكسات مضيفا «فقط الملاحظ انها الآن تحرص على استمرار اليوناميد وقدمت لها تسهيلات وتعاونت في توصيل الاغاثة، ويعود زين العابدين للتأكيد على أن السيناريو الافضل هو اجراء عملية سلام بكل مستحقاتها حتى تضع الازمة اوزارها.
بينما يذهب الدكتور حسن مكي في حوار أجرته معه «الصحافة» في 21 سبتمبر الماضي الى رسم سيناريوهات اكثر قتامة حين يقول ان قضية المحكمة الجنائية ستدفع بقاطرة النظام كلها الى الانزلاق عن مسارها لتأخذ مساراً جديداً ومختلفاً تماماً ،مؤكداً ان الموقف لن يظل مجمداً هكذا. ويرفض مكي القول بامكانية التعجيل بالانتخابات او العودة الى مربع الثلاثين من يونيو، فالسيناريو الاول دونه خرط القتاد «لان الشركاء في الحركة الشعبية يمكن أن يرفضوا ويمكن ان تقوم انتخابات جزئية ليس لديها شرعية قومية وبالتالي ستكون هذه الخطوة عزفاً منفرداً» ويمضي الخبير الاستراتيجي مكي في تفنيد امكانية العودة الى الثلاثين من يونيو واعلان حالة الطواريء والنكوص عن كل ما تم من مرجعيات دولية «نيفاشا والقوات الهجين» فهذا يتطلب العودة الى عشرين سنة لكن الظروف التي مهدت ليوم الثلاثين من يونيو غير متوفرة الآن واذا حصل ذلك ستكون مرحلة قصيرة» ويشير مكي الى أن المواجهة لن تجدي فتيلاً «لأن الممانعة ضد القوى الخارجية التي كانت في تلك السنوات الأولى ضعفت الآن كثيراً.
المصدر : التقي محمد عثمان [/ALIGN]