تحقيقات وتقارير
قاضي، يزرع الأمل ( يونميس )…مهددات تواجه السلام
هكذا بدأ مشهد الحاضرين وهم يتوجسون من مآلات النهاية للبعثة الأممية في السودان، قبل أن يعلن ممثل الأمين العام للأمم المتحدة أشرق قاضي أن استراتيجية خروج بعثة الأمم المتحدة من السودان ستكون بعد 6 أشهر من تقرير المصير 2011م ما لم يحدث تغيير في الاتفاقية، أو يري طرفا الاتفاقية غير ذلك، بدأ قاضي حديثه وهو أكثر تفاؤلاً بمآلات الأوضاع في السودان اثناء اللقاء النوعي الذي نظمه معهد أبحاث السلم أمس، ليدلف بعد ذلك الى النظر في النصف الآخر من الكوب والذي رسم من خلاله صورة متشائمة من واقع التحديات والمهددات التى تعترض سير عملية السلام في السودان.
لم يجد قاضي وهو يستعرض واقع السلام الذي يضطلع بمراقبته سوي الدعوة للأطراف بمزيد من الثقة والمصداقية كأمر ضرورى لانفاذ الاتفاقية والعبور بالبلاد الى محطة الاستقرار والتنمية لكل السودان، وبدأ قاضي متفائلاً رغم مضي أكثر من نصف المدة لتنفيذ اتفاقية السلام، معدداً الانجازات التى تمت في هذه الفترة بقوله، «ان انجاز تنفيذ اتفاقية السلام في منتصف الطريق، حيث تم تكوين حكومة الوحدة الوطنية وبعض اللجان والمفوضيات والمؤسسات، وكذلك اجراء التعداد السكاني، وتعديل بعض القوانين حول الخدمة المدنية، وأوضح أن الشركاء ملتزمون بعملية الحوار للوصول لتطبيق الاتفاقية، رغم بعض العقبات والمشاكل التي اعترضتها مثل هجوم العدل والمساواة على أم درمان، وأزمة أبيي والتى وصف خارطة طريقها التى تم التوصل اليها بين الشريكين بالمنقذة ومهمة للتنمية وكانت اتفاقية شاملة للعديد من القضايا، بحسب قوله».
الصورة التفاؤليه التى أشار العديد من المناقشين لأشرف قاضي بأنها كانت أزيد مما يجب على ضوء ما يترى من عقبات تعترض السلام، انتقل قاضي بعد ذلك لرسم جملة التحديات التى تهدد الاتفاقية والاستقرار وقد أوجزها بقوله « اذا لم يتم تطبيق اتفاقية السلام ستؤثر على عمليات السلام الأخري في الشرق والغرب ، وقال ان عدم اكتمال تطبيق السلام ليست عملية سلبية، وانما هناك ايجابية في أنها وصلت منتصف الطريق» ، ثم أجمل العقبات التى تهدد السلام في ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب، والتى سوف يرفع تقريرها الفني لرئاسة الجمهورية لاجازته قريباً ومن ثم يبدأ الترسيم على الأرض، ولكنه قال «الى حين حسم موضوع الحدود فان مناطق التماس يمكن أن تهدد السلام كما حدث في أبيي»، ثم دلف الى العقبة الثانية وهي التعداد السكاني الذي اكتمل جمع معلوماته ومسحها وتحليلها في مركزي التعداد برومبيك والخرطوم، ونتيجته ستظهر نهاية العام أو بداية العام القادم، بعد أن بدا الخبراء واثقين من الجودة الفنية لنتائج التعداد التى تعد الرصيد الاساسي لعملية الانتخابات في تحديد عدد المقاعد في الشمال والجنوب، وان نتائج التعداد سوف تكون مقبولة من قبل القيادة السياسية، ولكنه قال «اذا لم يحدث هذا سيؤدي لمزيد من التأخير في تنفيذ اتفاقية السلام».
ثم تحدث عن المهدد الثالث وهو الانتخابات التى قال ان أمرها معقد ويحتاج لوقت، وان الأمم المتحدة مستعدة لمساعدة الطرفين بأية طريقة يرونها مفيدة، وستكون مفوضية الانتخابات العامل المسهل لكل الاحتياجات الفنية والأنشطة التحضيرية للناخبين والمراقبين، وقال «وفقاً للاتفاقية فان موعد الانتخابات هو يوليو ونأمل ان يكون الطرفان ملتزمين بعقد الانتخابات، لأنه كلما تأخر الوقت تعقدت الامور، ومن الأهمية بمكان عقد الانتخابات في موعدها لتؤدي لتقوية العملية الديمقراطية واتفاقية السلام، لأن الانتخابات اذا لم تتم في موعدها ستنعكس سلباً على عملية السلام».
لتأتي أبيي بحسب قاضي لتشكل المهدد الرابع للاستقرار في البلاد، والتى أشاد بخارطة طريقها التى توصل لها الشريكان لمعالجة الأوضاع بشكل متكامل، مشيراً الى «اكتمال ترتيبات القوات المدمجة في ابيي لتولى المهمة، وكذلك تشكيل ادارة أبيي، وقال ان الجيش الشعبي والقوات المسلحة اكملت انسحابها من المنطقة عدا بعض الجيوب للطرفين في مناطق البترول، نامل أن يكتمل انسحابها قريباً حتى نستطيع نقل هذا التقدم لمناطق أخري».
العقبات والمهددات لم تقف عند الأربعة التى أشار اليها قاضي بل مضي الى الوضع في دارفور الذي وصفه بالسييء، وأضاف عدم الاستقرار في دارفور يؤدي الى العدم الاستقرار في السودان ككل ، ولكنه قال يجب ان لا يعمينا عن عمليه السلام الوطنية التي يجب أن تكون ضمانا لرخاء السودان، وقال ألاحظ ان هناك انجازات وهي تعطينا ثقة كبيرة وهناك تحديات موجودة في عدد من الميادين، وقال ان التفويض لليونميد سيتم رغم التحديات التى تواجهها والتى سيتم اخذها بجد، داعياً الطرفين لبناء الثقة ونثر الأمل بينهم.
وقال ان تعهدات المانحين المقدمة لاتفاقية السلام 4,8 بليون دولار في مؤتمر أوسلو لتنمية في الجنوب تم تحويلها للمساعدات الانسانية بدارفور، وما حدث ان دارفور أخذت الأولوية بسبب الحالة الانسانية لذا الجنوب لم يجن ثمار تلك التعهدات، ولكنه قال هناك وقت كاف للحصول على المعونات وسيكون هناك اجتماع للمانحين بالخرطوم ومائدة مستديرة بجوبا.
وحول مستقبل عمل بعثة الأمم المتحدة في السودان، على ضوء تداعيات صدور مذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس البشير، قال قاضي ان الجنائية مؤسسة مستقلة، واجراءاتها لن تؤثر على عمل بعثة الأمم المتحدة في السودان، لكننا مدركون للأثر الشامل الذي ستحدثه على عملية السلام . ورفض في ذات الوقت التعليق حول اسلحة السفينة المختطفة في الصومال وطائرة الاسلحة الاثيوبية، وقال «لا أستطيع أن أدلي بتصريح عن أمر لم يحدث بعد» في اشارة لانتظار نتائج التحقيق.
تعقيبات المشاركين غلبت عليها مناشدات الأمم المتحدة بلعب دور أكبر لحل القضايا العالقة في الساحة السياسية.
فقد أشار عروة الى فشل السودانيين منذ خمسين عاماً في حل قضاياهم ما يدعو لتدخل أكثر للأمم المتحدة يتجاوز اليونميس واليونميد الى تدخل سياسي، فيما دعا أمين مكى مدني الى التفكير حول دور ما، ونوع من التدخل الذي سوف تقوم به البعثة لتعديل القوانين المقيدة للحريات والتى ستكون عقبة في طريق التحول الديمقراطي.
بدأ السفير حسن عابدين حديثه متسائلاً عن التحديات التى واجهتها البعثة هل كانت اقل تعقيداً مما كانت تتوقعه، أم أن المخاطر كانت مبالغ فيها، وقال لماذا لم يتم تعريف التحديات خاصة في ما يتعلق بتقليص حجم بعثة اليونمس وتوجيه الأموال للمشاريع التنموي.
من جهته أشار د.محمد محجوب هارون الى ضرورة استصحاب حل قضية دارفور اذا اردنا تحقيق السلام الشامل بأكمله بتحقيق تقدم ملموس في دارفور، لأنه لا يمكن أن يكون التحول الديمقراطي ناجحاً دون الدخول لسلام دارفور. فيما دعت د.بلقيس بدري لأن تلعب الامم المتحدة دوراً في التغييرات الدستورية لاستيعاب السلام في دارفور بتعديل منصب نائب الرئيس، وان تسعي لتبني خيار الكونفيدرالية بدلاً عن خيار الوحدة والانفصال، وتكوين مفوضية لاصلاح القوانين، فيما دعت البعثة الى مساعدة كل الأحزاب السودانية بدلاً عن حديثها حول مساعدة الشريكين لتنفيذ الاتفاقية
خالد البلولة ازيرق :الصحافة [/ALIGN]