تحقيقات وتقارير

دخول أسمنت السلام دائرة الإنتاج …المدلول الإقتصادي

[ALIGN=JUSTIFY]جاءت الوسائط الإعلامية خلال الأسبوع الماضي تحمل البشريات بتشغيل وبدء انتاج مصنع السلام للأسمنت وان المصنع تجاوز التشغيل التجريبي ليعلن بدء طرح انتاجه في الأسواق، وتشير الصحافة الى ان تشييد المصنع المذكور جاء ضمن مصانع اخرى يتوقع لها ان تضخ انتاجها تباعا هذا العام والعام المقبل وذلك ضمن استراتيجية الدولة في توفير هذا المدخل الاستراتيجي الهام الذي املته متطلبات النهضة العمرانية غير المعهودة التي تشهدها البلاد في مجالات الاسكان وتشييد الجسور والسدود. وتشير ورقة التعريف بالمصنع الى انتاج (2000) طن في اليوم ، وزير الصناعة الدكتور جلال يوسف الدقير كان قد اشار في حديثه عند تدشين المصنع الى ان انتاج البلاد من هذه السلعة سيقفز من (400) الف طن في العام الى (7,5) مليون طن بعد اكتمال المصانع تحت التشييد في وقت تحتاج فيه البلاد الى (21) مليون طن خلال السنوات الست المقبلة .
يأتي طرح انتاج مصنع اسمنت السلام في وقت كادت فيه صناعة البناء والتشييد ان تختنق بسبب مضاربات التجار اذ شهدت اسعار الاسمنت تصاعدا ملموسا فاق طاقة المستهلك وبات يهدد قطاع الانشاءات ليبلغ سعره في يونيو الماضي (780-820) جنيها للطن .
ورغم انفراج أزمة الأسمنت في الوقت الراهن وتراجع الاسعار الى ما كانت عليه قبل الازمة في حدود (630) جنيها للطن فان هنالك مخاوف وسط العاملين في صناعة البناء والتشييد من ان تعود الازمة من جديد خاصة ان الاسباب الحقيقية لتصاعد الاسعار في يونيو الماضي لا زالت غير معروفة ليسجل البلاغ ضد مجهول كما تعمد لذلك الاجهزة الشرطية حول العالم عندما تفشل في الوصول للمجرم ،خاصة ان تلك الزيادات غير المسبوقة للسلعة الاستراتيجية جاءت مفاجئة وفي وقت صدرت فيه توجيهات سيادية باعفاء مدخلات البناء والتشييد من الرسوم الجمركية ، كما ان رئاسة الجمهورية كانت خلال تلك الايام قد اعلنت قيام هيئة تعني بتوفير المساكن للمواطنين ما يعني ان الذين تسببوا في الازمة ارادوا اعاقة توجهات الدولة كما هدفوا لتحقيق مكاسب مادية ضخمة دون مبالاة ولو ادت هذه الزيادات لتجفيف قطاع الانشاءات ليفلتوا من العقوبة الرادعة ما يشجعهم للعودة الى ذات الجرم ، واذا كان الكثيرون قد ذهبوا خلال الازمة الى ان الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس قد اسهمت في تصاعد الاسعار بسبب اجراءاتها ونهجها اللذين يعيقا انسياب السلعة ، فما انفكت الهيئة تعلن براءة اجراءاتها ومنسوبيها من المساهمة في زيادة الاسعار التي شهدتها الاسواق المحلية بل ان الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس اكدت في منبر اعلامي اقامته بقاعتها الكبرى بالخرطوم خلال الازمة وبمشاركة اعضاء اللجنة الفنية الخاصة بالأسمنت وجميعهم من العلماء والخبراء غير المنتسبين للهيئة. وقد تحدث في المنبر بروفيسور محمد سعيد حربي المدير العام للهيئة رافضا ان تكون اجراءات الفحص التي يعملون وفقها وراء الغلو و تصاعد الاسعار، مؤكدا ان اجراءات الفحص والاختبارات تتم بصورة سهلة بمشاركة (6) من المساحين الدوليين المعتمدين الذين يساهمون في اعمال الفحص والتدقيق في الشحنات قبل مغادرة البواخر موانئ دول المنشأ ورغم ذلك تقوم الهيئة بالتدقيق واعمال الفحص بعد ضبط عدد من حالات الاخفاق التي لم يكتشفها المساحون الدوليون بصورة تساهم في انسياب السلعة بسهولة ويسر .
وكشف المدير العام للهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس ان جملة شحنات الاسمنت المطابق للمواصفات التي دخلت البلاد منذ الاول من سبتمبر 2007 وحتى 12 فبراير الماضي (281) رسالة بزنة اجمالية بلغت (483,801) طن و لم تتجاوز الشحنات غير المطابقة عن ذات الفترة عن (11) شحنة بزنة اجمالية (24,024) طن ووفقا لهذه الارقام فان نسبة كميات الاسمنت غير المطابقة للمواصفات لم تتجاوز (5%) مما برأ الهيئة فان المطلوب لتعميم الفائدة وضمان ابعاد مافيا المنتجين اتخاذ جملة من التدابير في هجوم صريح للمستوردين الذين يدعون بان المواصفة التي تعمل وفقا لها الهيئة قد اسهمت في عدم انسياب السلعة .
قلت للمهندس عمر محمد الحاج صاحب احدى الشركات العاملة في التشييد ان دخول انتاج مصنع السلام دليل عافية رغم تواضع كميات انتاجه اليومي مقارنة باحتياج السوق مطالبا بضرورة عدم ترك الحبل على القارب للمصانع لان مصنع اسمنت عطبرة الذي يحظى بالاعفاءات اسهم ابان ازمة الاسمنت في زيادة الاسعار وبدلا من ان يقوم المصنع بالبيع عبر نوافذه بالاسعار الحقيقية عند بدء الازمة والتي كانت في حدود (480) جنيها كان المصنع يبيع باسعار تجاوزت في بعض الفترات (680 ) جنيها ولم يكن الفرق بين سعر المصنع واسعار السوق في غالب الاحيان تتجاوز الـ (20) جنيها في وقت كان على ادارة المصنع المساعدة في استقرار الاسعار وما لم تقم الدولة بالمراقبة اللصيقة للعاملين في قطاع الاسمنت وصناعة الانشاءات فلن يشعر المواطن بالامان خاصة ان الزيادات مثل الاعاصير لا يشعر بها الفرد الا وهي تجتاحه ، من جانبه قال المهندس عباس مصطفى ان الاجراءات والتدابيرالتي اتخذتها المالية واتحاد اصحاب العمل اسهمت بصورة كبيرة في عودة الاسعار لسابق عهدها او اكثر بقليل وطالب عباس بضرورة المضي قدما في انشاء المزيد من المصانع لانها السبيل الوحيد لحماية المستهلك من جشع المضاربين خاصة ان متطلبات البلاد من مدخلات صناعة التشييد والبناء باتت تتضاعف في كل عام مستدلا بان واردات البلاد من الاسمنت خلال الفترة من يوليو 2006 حتى نهاية العام بلغت (541,976) طنا بينما بلغت واردات البلاد من الاسمنت في الفترة من يوليو 2007 وحتى نهاية العام حوالي (915,027) طنا ان ان الكميات التي وردت للبلاد في النصف الثاني من 2007كانت ضعف تلك التي تم استيرادها لذات الفترة من 2006 .
إن تشغيل ماكينات الانتاج بمصنع السلام للاسمنت امر ايجابي يأتي ضمن موصوفة الدولة لضمان انسياب هذه السلعة الاستراتيجية، بيد ان التعجيل لادخال البقية يبقى اكثر حيوية كما يجب اتخاذ التدابير والاحترازات التي تضمن انسياب هذه السلعة حتى لا تجتاحها فصيلة المضاربين.
بله علي عمر :الصحافة [/ALIGN]