الطاهر ساتي

قضية خالد .. ليست محض مناشدة

قضية خالد .. ليست محض مناشدة
بدستور السودان الحالي – والملقب بالانتقالي – مادة تحمل الرقم (2/75)، تحظر على شاغلي المناصب الدستورية والتنفيذية بالدولة مزاولة أية مهنة خاصة أو عمل تجاري أو صناعي – أو سياحي – أو أي عمل خاص، أثناء توليهم مناصبهم، وأذكر فيما أذكر أن وزير العدل مولانا محمد بشارة دوسة قد نبه – قبل نصف شهر تقريبا – كل رجال الدولة إلى احترام تلك المادة، وذلك بعدم قبول أي عمل، من أي نوع، يعرض عليهم من أية جهة غير الحكومة، ثم طالبهم بالالتزام بتلك المادة الدستورية ذات المعنى الواضح والصريح، كما نبه وزير العدل قبل نصف شهر، يجب أن أمارس حقي في التنبيه أيضا، فالتنبيه إلى حيث يكون الإصلاح (واجب وطني)، ولا كيف؟.. نعم، وعليه فليكن هذا التنبيه مدخلا – فقط لاغير – لقضية اليوم!
** وقضية اليوم رغم أنها ذات طابع خاص وإنساني، إلا أنها تحمل في ثناياها ما يرشحها لأن تكون قضية عامة أيضا، فلنسردها، فالمقدمة كما تزعجكم تزعجني أيضا.. خالد، ولي أمر سودانية مقيمة بسلطنة عمان، تخرج قبل ست سنوات ثم التحق بإحدى الوظائف براتب كان يكفي حاجته ثم حاجة أسرته الكريمة، وظل على هذا الحال المستور بفضل الله ثم بجهده كما السواد الأعظم من أهل بلدي بالداخل والخارج، وكان على ذلك من الشاكرين. جمعه القدر ذات يوم – قبل خمس سنوات – بالدكتور أحمد بلال المستشار بالقصر الرئاسي، فعرض عليه الشراكة في مشروع سياحي خاص بمدينة واو الجنوبية، وألحق بالعرض دراسة جدوى طموحة لمشروع فندق تمتلكه حكومة بحر الغزال، وترغب في استثماره وتطويره بواسطة القطاع الخاص، ومن مغريات العرض المقدم لهذا الشاب أن يعاد إليه نصيبه من مبلغ الشراكة خلال فترة زمنية لا تتجاوز العام، وهي فترة كافية لخالد لتسديد قيمة الشراكة لأحد المصارف هناك؛ وافق خالد على عرض المستشار، وأرسل المبلغ المطلوب ثم فوض والدته الكريمة بالتوقيع على عقودات الشراكة ومتابعة خط سيرها، فتمت الشراكة كالآتي:
الطرف الأول: (شركة أوابد للمقاولات والاستثمار)، (د. أحمد بلال، أ. كوثر زين العابدين) الطرف الثاني .. اتفقوا على تقسيم الأرباح بنسبة (50%)، لكل طرف، يعتبر الطرف الثاني شريكا أصيلا في المشروع وكذلك في كل التوسعات اللاحقة، يعتبر هذا الاتفاق فاتحة لأعمال أخرى مشتركة)، هكذا أهم نصوص العقد الموقع بينهم بتاريخ 22 أغسطس 2006، ثم امتلكوا الفندق المشار إليه، المستشار بلال الذي تقاسم مع خالد أرباح الطرف الثاني لم يدفع كما دفع خالد (60.000 دولار)، بل لم يدفع دولارا، حيث كل المبالغ الواردة في العقد بالدولار، ومع ذلك تقاسم معه الأرباح، وذلك لأنه سوف يساهم في تسهيل إكمال هذا المشروع وتذليل العقبات التي تعترضه بحكم نفوذه وعلاقاته، أوهكذا اتفقا. تأسس المشروع، وأصبحوا ملاكا، ولا يزال الفندق يستقبل ويودع الزبائن، بل بعض سادة حكومة الجنوب وولاية بحر الغزال وجدوا في مناخ المقام المريح فاتخذوه مقاما طيبا لهم ولأسرهم وأحبابهم. إلى هنا يبدو الأمر طبيعيا إلى حدما، حيث هي شراكة بين مستشار رئاسي – يمنعه ذاك النص الدستوري عن مزاولة أي نشاط تجاري خاص أثناء توليه للمنصب – ومغترب سوداني أحسن الظن ثم تعامل مع الأمر بـ (الطيبة السودانية)!
** على كل حال، إن كان الأمر طبيعيا، وأنا أشك في ذلك إلى أن يصدر البرلمان أمرا بتعديل أو إلغاء ذاك النص الدستوري.ومع ذلك، تلك الشراكة قلبت حياة خالد وأسرته الكريمة – في ديار الغربة – إلى جحيم، وهنا مربط فرس الزاوية، أي ندخل في الجانب الإنساني.المستشار الذي أقنع خالد بجدوى المشروع ثم وقع بجانبه في عقد الشراكة، عجز عما التزم به لخالد، أي عن سداد المبلغ المستلف من المصرف العماني بواسطة خالد. ومنذ خمس سنوات، وإلى يومنا هذا، فرض قانون المصارف هناك حصارا محكما على حياة خالد، والسواد الأعظم من أهل الكون يعرفون (ماذا يعني أن تستدين من مصرف عماني؟) حظر السفر لحين السداد، أهون شروط الاستدانة هناك، وغيره أعظم؛ ولذلك، أسرة خالد تناشد – عبر هذه الزاوية – حكومة البلد وسفارة حكومة البلد بعمان وكذلك كل أهل البلد لإنقاذها من المتاعب التي تتعرض لها في تلك الديار الغريبة، والحياء يمنعني من سرد تفاصيل معاناة هذه الأسرة. كل محاولاتهم لاسترجاع أصل المبلغ فقط – ولو بفض الشراكة بلا أرباح ولا يحزنون – فشلت، والمستشار الذي كان سمحا في تعامله عند بداية المشروع، لم يعد سمحا معهم في هذه المرحلة، ولن أسترسل؛ فالتفاصيل التي سمعتها من كل الأطراف غير كريمة، ولذلك (كامل تضامني مع خالد وأسرته)، إلى أن يفرج الله كربتهم.
** وبالله عليكم، لا تنصحوا خالد – حاليا – بأن يسلك درب القانون ليسترد مبلغه، فالطريق إلى حيث حكم القانون – وخاصة حين يكون الخصم من ذوي الوزن الثقيل – طويل جدا ومرهق جدا، ثم يقتضي بأن يأتي خالد وليس في مقدوره أن يغادر تلك الديار ما لم يسدد؛ ولذلك، هي مناشدة لكل من يجب أن يهمهم أمر أسرة سودانية بديار الغربة – بما فيهم هذا المستشار المواطن السوداني ذو المروءة والشهامة وليس المستشار الرئاسي أو الشريك المتسبب في كل هذا الرهق – هي مناشدة مفادها (ساهموا في إطلاق سراح تلك الأسرة من قيود ذاك المصرف). انتهت الزاوية تقريبا، ولكن على هامشها نسأل: لماذا تأخر موعد ميلاد مفوضية مكافحة الفساد، ولماذا يستغرق ميلادها كل هذه الفترة ؟ فالفترة تكفي لتأسيس وتشكيل حكومة – بحالها- ناهيكم عن مفوضية .. يلا، فلنختم الزاوية بذاك النص الدستوري ثم بذاك العقد ثم بتلك المناشدة!

إليكم .. السوداني –
5/5/2011
[email]tahersati@hotmail.com[/email]