عبد اللطيف البوني

نقطة نظام للنائب العام


نقطة نظام للنائب العام
قرار النائب العام وإن شئت الاسم السائر الآن قل وزير العدل والقاضي بإمهال كافة المسؤولين الدستوريين مهلة شهر لكشف ذممهم المالية وان شئت المصطلح السائد قل ابراء الذمة المالية اما بلغة القانون (قانون مكافحة الثراء الحرام والمال المشبوه)، هذا القرار وجد ترحيبا كبيرا علما بأنه مجرد تفعيل لقانون قديم ودولي ومعروف حتى الانقاذ( ذات نفيسها) سبق لها أن اصدرته وفعلته ولكن لأيام معدودة . هذا الترحيب يرجع لأشواق الناس الحقيقية لتدابير تكافح الفساد كما أن الترحيب يأتي من أن كثيرا من المسؤولين الدستوريين حامت حولهم شبهات استغلال المنصب الدستوري .
من جانبنا نتمنى أن يتم تنفيذ الامر الصادر من وزير العدل بأعجل ما تيسر وبالدقة المطلوبة ولكن في تقديرنا أن هناك وسائل اكثر نجاعة لمحاربة الفساد المالي.
أن اكبر مدخل للفوضى الادارية المالية التي ضربت البلاد كان هو انسحاب وزارة المالية من الولاية على المال العام ويتمثل هذا في جمع رسوم وجبايات وفرض اتاوات بالورق الابيض اي من غير اورنيك 15 ثم صرفها بورق ابيض من غير اورنيك 17. إن حصر اورنيكي 15 و17 في معاملات محدودة وترك معظم الاموال التي تجبى وتصرف بالورق الملون هو اس البلاء وهو الذي اشاع الفساد المالي لانه جعل الكثير من المؤسسات تجمع الاموال بطريقتها وتوزعها بطريقتها دون حسيب او رقيب. إن معظم الاموال المتداولة الآن لا تعدو أن تكون امولا سائبة (نهب مصلح)، واذا اردنا مكافحة الفساد والفوضى المالية فلنُعِد ولاية المال العام لوزارة المالية وليمنع المواطن من دفع اي مليم الا مقابل استلام اورنيك 15 حيث هناك محاسب معتمد من وزارة المالية والباب مفتوح للمراجع العام.
من مظاهر ولاية المالية على العام هو اشرافها على جميع العطاءات والمناقصات الخاصة بالدولة. فالملاحظ اليوم أن هناك عمليات اقتصادية كبرى تكلف المليارات تطرحها الدولة للقطاع الخاص او الشركات الحكومية (وهذه فيها إن كبيرة ولكن لنتركها جانبا الآن) ولا تتبع في طرحها الاجراءات القانونية من اعلان ومنافسة حرة وتنفيذ دقيق فظهر الايجار بالباطن والكوميشن والذي منه فلو تم تفعيل القوانين التي تنص على أن لا يخرج اي مليم من خزينة الدولة (وزارة المالية) لاي جهة الا بعد استيفاء كل الخطوات القانونية فسوف تحفظ الكثير من الاموال العامة، بعبارة اخرى إن العطاءات والمناقصات الحكومية ترسى اليوم على جهات معينة وبتجاوز لكثير من القوانين.
من مداخل الفساد المالي والتي يمكن أن تكافح بإصدار تشريعات عاجلة هو الحق الدستوري للولايات والمحافظات في اصدار التشريعات المالية وبالصورة التي تريد عبر برلماناتها وتصرفها كما تريد. هناك فرق بين الحكم المحلي والحكم الفدرالي فالحكم المحلي معروف أن لديه الحق في جمع بعض الجبايات المحلية وإنفاقها على المستوى المحلي اما الحكم الفدارلي فمن حقه أن يصدر التشريعات التي يجب أن لا تتصادم مع التوجهات القومية. فالملاحظ اليوم ومع انعدام الموارد الحقيقية للولايات أن الدولة المركزية مستأثرة بكل الموارد الكبيرة من نفط وجمارك وقيمة مضافة وضريبة على اهم السلع كالتبغ والمشروبات الغازية ولم تترك للولايات الا الفتات فأصبحت مثل قاطع الطريق تفرض في الرسوم كما تشاء فحطمت الاستثمار وأجهضت الاسواق وكرهت الناس العيشة فلابد من اصلاح مالي يخسس صلاحيات المركز المالية ويوزع الدخل العام توزيعا عادلا وتحديد خطوط حمراء للولايات لا تتجاوزها ووضع هذا في صلب الدستور.
فيا سيادة وزير العدل لا شك انك تعلم أن الوقاية خير من العلاج وبالتالي اغلاق منافذ الفساد اسهل وأهم من مطاردته، فالمال السائب عندما يصل لابن آدم (ابو كراعين) سوف يتمكن من تبريره فالاوفق سد الذرائع فالثقوب واضحة والعين بصيرة ونتمنى أن تطول اليد.

صحيفة السوداني – حاطب ليل
[email]aalbony@yahoo.com[/email]