الطاهر ساتي

بين درعا وجنوب طوكر..هكذا تندلع الثورات ..!!

بين درعا وجنوب طوكر..هكذا تندلع الثورات ..!!
الأخ الطاهر، تحياتي، أستميحك عذرا في استغلال زاويتك لهذا اليوم، وذلك لطرح قضية منطقة جنوب طوكر وتفاقم أوضاعها التي يمكن أن تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه. وإليك القضية: شاب عاطل يحرق نفسه بـ(سيدي بوزيد) بتونس، وآخر يعتقل ويعذب حتى الموت بالاسكندرية المصرية، و16 تلميذا قاصرا يوقفون بتهمة كتابة شعارات على الجدران تطالب بسقوط النظام السوري بدرعا، أحداث صغيرة في مناطق لا يعرفها حتى أهل البلد المعني، وأسماء مجهولة، ولكن المحصلة أنها هزت وزلزلت عروش أنظمة منيعة (تهز وترز)، بعضها تحول أثرا بعد عين، ومنها ما يزال يترنح.
** وهذا بدوره يطرح تساؤلات مهة حول متى تنفجر الثورات؟ وأين؟ وكيف؟ وهي أسئلة من الصعوبة بمكان التكهن بأجوبتها، ولكن المتتبع للثورات العربية يلحظ أن الأمور تبدأ صغيرة لا تذكر، تأتي على استحياء في النشرات الإخبارية، قبل أن تتنامى ككرة الثلج بفعل (العنف ورده).
** وبالعودة لعنوان الموضوع فإن ثمة تشابها كبيرا بين ظروف مدينة درعا السورية على الحدود الأردنية التي تفجرت بها الثورة السورية، وبين ظروف منطقة جنوب طوكر السودانية المحازية للحدود الارترية، فالمنطقيان تشهدان الكثير من التضييق بفعل القوانين الخاصة تقيد حركة المواطنين وتعاملاتهم ومصالحهم، مما زاد من البطالة والفقر في تلك المناطق، هذا فضلا عن ضعف الخدمات أو عدم مقدرة المواطنين في الحصول أو الوصول إليها في حالة وجودها.
** وبعيدا عن درعا المحاصرة بدبابات الجيش السوري هذه الأيام، فإن منطقة جنوب طوكر التي سميت (محلية عقيق) لا تبعد سوى 205 كلم عن عاصمة الولاية بورتسودان ما زالت تعاني الأمرين، فهي كانت مسرحا للعمليات العسكرية بين قوات الحكومة والمعارضة إبان سنوات العمل المسلح حيث قتل وجرح الآلاف من سكانها، فيما نزح أكثر من 50 ألفا من سكانها، يقيم أغلبهم الآن نازحين في مدن بورتسودان وسواكن وطوكر، ودمرت البنيات الخدمية القليلة التي كانت موجودة. ورغم توقف النزاع قبل فترة ليست بالقصيرة إلا أن المنطقة ما زالت تعاني أقصى درجات التخلف في كافة مناحي الحياة.
** ورغم توقيع اتفاق شرق السودان في أكتوبر 2006م وما ورد فيه من نصوص كثيرة عن تنمية وإعمار المناطق المتأثرة بالحرب، ورصد ميزانيات كبيرة وإقامة صندوق إعمار الشرق لهذا الغرض، إلا أن شيئا من هذا لم ينعكس على المنطقة وأهلها، بل ازداد الحال سوءا بسبب موجات الجفاف المتعاقبة وانتشار المسكيت، ورفع الحكومة يدها بالكامل عن إدارة الشئون المدنية والتنموية للمنطقة. وظلت المنطقة بالإضافة للغياب الكامل للخدمات الصحية والتعليمية والمياه عنها، تعاني من وعورة الطريق وانعزالها عن ولاية البحر الأحمر وولايات البلاد الأخرى في موسم فيضان خور بركة الذي يستمر لأكثر من ثلاثة أشهر، بالإضافة إلى وجود الألغام في مناطق متعددة، واستمرار حالة الطوارئ رغم إعلان الحكومة عن رفعها عقب توقيع اتفاق سلام الشرق.
** وبالنظر للتحديات الماثلة بالمنطقة في ظل التطورات الماثلة فإن هذه المنطقة تبدو من المناطق المرشحة للانفجار، مما يستدعي سرعة التدخل المركزي لفض الاحتقان واستعادة عافية المنطقة، ويمكن أن يكون هذا التدخل عبر ثلاثة محاور، أولها ذو طابع أمني بمنح مزيد من الحريات وتخفيف القيود الأمنية على المواطنين، الأمر الثاني على المستوى التنموي توفير مصادر المياه الصالحة للشرب، مع العلم بأن سكان المنطقة يعتمدون في شربهم على مياه الأودية والخيران الرئيسية والمياه هي أساس الحياة بالنسبة لديهم، وقد أدى الفيضان الأخير لدفن 15 بئرا مما أدي إلى تفاقم الأزمة بجانب تعطل محطة تحلية المرافيت وهي المصدر الوحيد للمنطقة، وذلك وفقا لإفادات بعض التشريعيين بالمنطقة، الأمر الآخر وفي ذات المستوى ما يتعلق بالجانب الصحي والتعليمي عبر شراكة واسعة بين الجانب الحكومي ومنظمات المجتمع المدني، أما المحور الثالث فهو يتعلق بالجانب الاقتصادي بإعادة العافية لدلتا طوكر، والعمل على توظيف أهالي المنطقة، الأمر واضح والحلول لا تحتاج لبحث، ولكن هذا فقط من باب التذكير، اللهم إني بغلت اللهم فاشهد.
محمد عبد العزيز، القسم السياسي
** من (إليكم) .. شكرا للأخ الأستاذ محمد عبد العزيز، رئيس القسم السياسي بإصدارتنا هذه، على هذه الإطلالة التي تحمل هموم وقضايا أهل شرقنا الحبيب، وطرح قضية كهذه ليس باستغلال للزاوية بل هو حق لأهل الشرق علينا، ونأمل أن تصل رسالتك هذه مع تحذيرها لولاة الأمر، وكما قلت فالنار من مستصغر الشرر.. ولك الود …… ساتي

إليكم .. السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]