(اخوكم على سفر ومعذرة لإعادة نشر مقال سبق نشره قبل سنوات)
صرت أعاني من حساسية شديدة من كلمات وعبارات معينة، مثل ريجيم وسعرات حرارية ورشاقة وكولسترول والتغذية المتوازنة، فعندما أسمعها أحسّ بحكّة شديدة في ثنايا أصابعي وبرغبة عارمة في لكْم وضرب من ينطقون بها، فالاهتمام بأمور اللياقة والرشاقة بلغ حد السخف،.. نعم، يستحسن ان نكون جميعا في صحة جيدة وأن نتخلص من الكروش والزوائد التي تظهر في مناطق استراتيجية في أجسامنا، ولكن يستحسن أيضا أن نفعل ذلك «كتامي» وبدون ضجيج ومحاضرات وندوات.. لا بل حتى الونسة صارت في معظمها حول هذه المواضيع، وهناك سيدات لديهن كتالوجات لنحو خمسة او تسعة أنواع من الريجيم/ الحمية، وبعضهن يملكن ثقافة غذائية تؤهلهن للعمل خبيرات تغذية، ولكن خبيرات التغذية مكانهن المستشفيات او مختبرات البلدية وبالتالي فإن جعل الطعام ومكوناته مادة للونسة أمر ممل،.. ولا بأس في أن يحب البعض سيرة الأكل ولكن بمعنى أن يعرف الواحد منهم – مثلا – طريقة إعداد أكلة معينة.
كتبت وشكوت كثيرا من استغلال المستشفيات الخاصة للهوس النسائي بالرشاقة وملاحقتها النساء بإعلانات تجعل كل واحدة منهن تتوهم أنها ستصير عجرمية لو دفعت كذا ألف فقط لـ «عيادات جعفر الطبية لتخسيس الدببة القطبية»، ويفوت عليهن ان العجرمية صرفت شي وشويات كي تكتسب التقاطيع والتضاريس الحالية.. ويا بنات ويا نساء إليكن وصفة تضمن الرشاقة والأناقة واللياقة: تناولي الوجبات وأنت «جالسة».. لا تأكلي حتى حب القرع وأنت راقدة.. بلاش لحم.. لا تصبحي نباتية، ولكن تعاملي مع اللحم كما يتعامل القادة العرب مع إسرائيل، أي على أضيق نطاق وبدون «تضخيم»، أي بلاش مما يسميه المصريون بالـ «هُبَر».. قطعتان صغيرتان تكفيان.. ولسبب لا أعرفه فهناك ثأر بين العرب والخرفان، وليثبت العربي أنه كريم فإنه يفتك بعدد كبير من الخرفان.. وإذا كنت في وليمة على «شرف» شخص ما فستعرف «قيمته» عند صاحب الوليمة بعدد الخراف التي راحت ضحية تكريمه (كما استنتج الصديق غازي القصيبي رحمه الله وأسكنه فسيح الجنان).. يا ستي تناولي كل ما تشتهين من طعام بس «بحساب»، وبذلك لن تصبحي دبة قطبية تحتاج الى خدماتي الطبية.
وشكوت مرارا من أن هناك شريحة من الأطباء سببت لنا نحن معشر الرجال عقدا مزمنة بإعلاناتها المتكررة لعقاقير ووصفات وتدخلات جراحية تعزز الفحولة، مما يثير الشكوك حول كفاءتنا.. وبكل سذاجة فإن الصحف التي يسيطر عليها الرجال صارت تسهم في حملات الترويج الغبية للمحفزات الجنسية.. أمامي الآن وعلى نفس الصفحة من ذات الجريدة خبران بنفس المعنى تقريبا: 1) شريحتان من البطيخ تؤديان نفس مفعول قرص الفياغرا، 2) تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية من رام الله يقول إن بدويا فلسطينيا يعيش على بيع لبن الإبل وإن معظم زبائنه من طالبي الفحولة!! هناك فاكهة لا يخلو منها بيتي أبدا وهي الموز، وفاكهة أخرى موسمية هي البطيخ أعشقها وأتناولها طوال فصل الصيف، وكلما ذهبت الى اخصائي أمراض الجهاز الهضمي شاكيا من اضطرابات القولون صاح في وجهي: ابتعد عن البطيخ عشان ارتاح أنا من خلقتك!! وفي مدينة العين في دولة الإمارات شربت حليب الإبل لأول وآخر مرة مجاملة لبدوي ولزمت الفراش ثلاثة أيام بعد أن سبب لي إسهالا حادا أدى إلى فقدان جسمي للسوائل الضرورية فكان لابد من تغذيتي بالوريد.. أعرف لحليب الإبل فوائد غذائية لا حصر لها ولكن لن يستطيع احد إقناعي بأن الإسهال يزيد الفحولة!