زهير السراج

الهلافيت ..!!

الهلافيت ..!!
* بعض الذين نظنهم عمالقة أو أقوياء ونخشى بأسهم ما هم فى حقيقة الأمر إلا ( هلافيت )، ضعفاء، ( أخوف) من ( ابوالدقيق ) ــ وهو تلك الحشرة الضعيفة القبيحة ذات الرائحة الكريهة من فصيلة (الفراش) التى نعتبرها فى بلادنا مثالا للجبن الشديد .. والتى إذا وصفنا بها شخصا وقلنا انه ( أخوف من أبوالدقيق) .. لم نترك له شيئا من كرامة ليرفع رأسه مرة اخرى بيننا أو حتى يضعه تحت أقدامنا ..!!

* كثيرون فى هذا العالم بينتمون لفصيلة ( ابوالدقيق) ولكنهم يظهرون بمظهر البشر وتبدو عليهم صفات القوة، لا لشئ إلا لأنهم لم يجدوا من يقف أمامهم ويفضح ضعفهم .. ويرغمهم على الغرق فى وحل جبنهم وخستهم وفضلاتهم الكريهة ..!!

* العديد من القصص والروايات والمسرحيات والأفلام جسدت فكرة الشخص الذى يظهر بمظهر القوة ويرعب الناس ويسخرهم لخدمة أهدافه الدنيئة ( خوفا من قوته ) .. بينما هو مجرد هلفوت .. ( أخوف من أبوالدقيق )، كما تكشف الأيام ..!!

* المثال الأقرب لذهنى فى هذه اللحظة للتعبير عن تلك الحالة هو الفيلم المصرى ( الهلفوت ) ــ انتاج عام 1984 ــ الذى يلعب فيه النجم الكوميدى المصرى ( عادل امام ) دور انسان فقير بائس على قدر حاله تضعه الظروف تحت خدمة شخص شرير يسخره لخدمة اغراضه الدنيئة فى تحقيق الثراء والحصول على الملذات بدون ان يحصل منه على حق او على باطل، وفوق ذلك لا يجد منه ومن اتباعه سوى السخرية والمهانة والاستعباد بل ومكافأته على الخدمات الكثيرة التى قدمها له بقتل زوجته بدون ان يجروء على معارضته خوفا من شره وقوته، الى أن يكتشف أن من يعامله كل هذه المعاملة المهينة باعتباره مجرد (هلفوت بائس)، ليس الا ( هلفوت ) أكثر منه، فينقلب عليه ويواجهه ويقضى عليه وعلى جميع افراد عصابته، وينقل لنا رسالة واضحة يقول فيها بكل وضوح ( ان من نظنهم اقوياء ونخشى بأسهم ليسوا سوى هلافيت ، جبناء ، أخوف من أبوالدقيق، ولكننا نحن الذين نعطيهم القوة ونجعلهم يعاملوننا بمهانة ويظلموننا ويسلبون حقوقنا بسبب سلبيتنا وخوفنا غير المبرر منهم ..!!

* وإذا انتقلنا من عالم الأفلام والروايات والقصص والحكايات الى عالم الواقع ، لاكتشفنا ان (الهلافيت) و ( أبوات الدقيق ) الذين نعتقدهم اقوياء ونخشى بأسهم ونهابهم، هم أكثر بكثير جدا مما نظن ونتخيل، والدليل على ذلك .. الهلافيت العرب الذين سقطوا والذين اوشكوا على السقوط والذين ينتظرون السقوط والذين يعتقدون انهم بعيدون عن السقوط بدون ان يتعلموا الدرس ممن كانوا اساتذتهم فى الظلم والقمع والفساد والتشبث بالسلطة التى ضاعت منهم فى غمضة عين، وصاروا بين سجين او مطلوب القبض عليه .. عندما اكتشفت شعوبهم ضعفهم وهلفتتهم وقلة حيلتهم رغم كل ما يحيطون به انفسهم من مظاهر قوة ..!!

* غدا باذن الله يتصل الحديث، انتظرونى ..!!
مناظير
زهير السراج
[email]drzoheirali@yahoo.com[/email] جريدة الأخبار، 19 مايو 2011