تحقيقات وتقارير
قصة نائب الرئيس والإقليم ….. من أبوجا إلى كنانة
كانت مبررات وحجج الحركات بان نائب الرئيس والاقليم « خط احمر » يجب عدم المساس بهما، وان اى ممارسة للضغط عليها من قبل الوساطة الافريقية والشركاء الدوليين فى طاولة المفاوضات للتنازل عن هذين المطلبين تعنى اضعافا لموقفها التفاوضى بعد ان جردتها – اى الوساطة الافريقية والشركاء الدوليين – من سقفها التفاوضى الأعلى مسبقا، وكانت مبررات الحكومة انه ليس هناك مكان للاعراب فى اتفاق السلام الشامل فيما تطالب به الحركات من نائب رئيس والاقليم الواحد وان اى اتجاه فى هذا الشأن تترتب عليه تعديلات دستورية وهيكلية مما يعنى « فتح نيفاشا » التى اعتبرتها الحركات ليست قرآنا او انجيلا ، وكان الشركاء الدوليون حريصين فى ذلك الوقت على نيفاشا التى لم يمض على توقيعها الا شهر واحد، و يعتبرونها من انجازاتهم التى يجب الحفاظ عليها ، وقد استغل الوفد الحكومى هذا الموقف والتخوف ايما استغلال بجانب ايغار صدور ابناء دارفور من منسوبى المؤتمر الوطنى تجاه هذا المطلب الذى يجب ان يكون من نصيبهم اذا كان لابد منه، ووصل الامر بهم الى ان قالوا علنا بان دارفور ليست بحاجة لتمثيلها فى مؤسسة الرئاسة بنائب رئيس، وكانت الحركة الشعبية قد تصدت ووقفت بشراسة ضد مطلب نائب الرئيس عبر ممثليها المشاركين فى الوفد الحكومى القس كلمنت ولوال دينق وزير الدولة بوزارة المالية الحالى وتومسى وزير الدولة السابق بوزارة الصناعة، وقالوا ان نائب الرئيس الذى يشغله حاليا علي عثمان محمد طه ليس موجودا فى اتفاق نيفاشا ، وانما كان اقتراحا من الراحل الدكتور جون قرنق وحملوا ابناء دارفور معظم ما جرى لهم فى الجنوب من قتل وحرق وتشريد، ودللوا على ذلك بان خليل ابراهيم كان اميرا للمجاهدين فى بحر الجبل، بيد ان الحركات ردت عليهم بان ابناء دارفور لاخيار لهم سوى الانخراط فى الجندية لانهم مهمشون اقتصاديا واجتماعيا مثل ابناء الجنوب، اما قصة المجاهدين فلا علاقة لدارفور بها ، وانما يسأل عنها اهل الانقاذ والاسلاميين بصفة خاصة، وإثر اصرار الحركات على نائب الرئيس الذى كان اسمه يشكل هاجسا للوفد الحكومى ، طالبت الوساطة بالتركيز فى الصلاحيات والاختصاصات اكثر من الاسم فجاء اسم كبير المساعدين كمستوى رابع فى مؤسسة الرئاسة بنفس صلاحيات واختصاصات نائب الرئيس.
اما مطلب الاقليم الواحد فالحركات حاصرت وواجهت الحكومة بمبررات وحجج قوية جدا ساندها فى ذلك تاريخ دارفور حيث كانت مملكة مستقلة حتى عام 1916 وانضمت طوعا للسودان، وعندما جاءت الانقاذ كانت اقليما واحدا وحتى عندما تم استفتاء الولايات عبر استمارات قبل تقسيم السودان الى 26 ولاية كانت دارفور الولاية الوحيدة التى جاءت نتيجة الاستفتاء فيها بان تكون ولاية، لم تجد الحكومة خيارا امام تلك الحجج سوى تأليب المجموعات العربية بالعزف على وتر ان الحركات لاتمثل اهل دارفور، وانها ستكون تحت رحمتها اذا ما اصبحت دارفور اقليما واحدا ، وعلى الرغم من ان الحركات اكدت بانها لاتمثل كل دارفور ولكنها تحمل وتتبنى مطالبها وان مشكلتها مع المركز وليس مع اى مكون من مكونات الاقليم، بيد ان الحكومة افلحت، من خلال الوفود التى ارسلتها الى ابوجا، اغلبها كانت بقيادة امين بنانى الذى كان يأتى تحت مسيمات ولافتات مختلفة تارة باسم اهل دارفور واخرى تحت لافتة القوى السياسية والتى بلغت اكثر من 17 وفدا ، شملت حتى الدكتور حسين ابوصالح وسامية شبو، وكانت اجندة وحديث تلك الوفود ضد الاقليم الواحد، وحدد البعض بانه في حالة استجابة الوساطة لمطلب الاقليم فانهم سيحملون السلاح ضد الحكومة الامر الذي دفع الوساطة الي اجراء استفتاء لاهل دارفور فى مدة اقصاها شهر يوليو من عام 2010 ، ان تصبح دارفور اقليما واحدا او يبقى بوضعه الحالى ثلاث ولايات، وان تمثل دارفور بنسبة 20% على مستوى المركز.
وبعد لائحة اوكامبو التى اصدرها ضد الرئيس البشير وعقب اللقاء الذى عقده البشير مع كافة القوى السياسية بقصر الضيافة ومن خلال المبادرات والتصورات التى قدمتها كافة القوى السياسية لحل قضية دارفور وسلمتها للمؤتمر الوطنى الذى اعلن علي لسان مسؤول نافذ بان كل القضايا التى تطرقت لها تلك التصورات موجودة فى اتفاق سلام دارفور ما عدا نائب الرئيس وانشاء صندوق لاعمار وتنمية دارفور تخصص له موارد من عائدات النفط.
وعلمت « الصحافة » ان المشاركين فى ملتقى مبادرة اهل السودان الذى انهى اعماله بمشروع سكر كنانة بولاية النيل الابيض امس، امنوا على تمثيل دارفور فى مؤسسة الرئاسة بنائب، وبرزت ثلاث رؤى حول الاقليم الواحد، الاولى: طالبت بان تكون دارفور اقليما واحدا فورا دون اجراء استفتاء كما جاء فى ابوجا، والثانية: طالب بتعزيز السلطة الانتقالية بمزيد من الصلاحيات واحكام التنسيق بينها وحكومات الولايات الى حين اجراء الاستفتاء، والثالثة: رفضت الاقليم الواحد .
فالافكار والتصورات التى خرج بها لقاء كنانة تلامس مطالب وتطلعات اهل دارفور وتقربهم من الحركات غير الموقعة ، وتضع مصداقية الحركة الشعبية التى تقول دائما انها مع قضايا دارفور التى تصفها « بالعادلة » فى المحك، اما المؤتمر الوطنى فسيكون فى وضع لايحسد عليه ،فاما ان يقبل مقررات وتوصيات اللقاء الذى هو من بنات افكاره واعده ونظمه وموله وحشد له، واما ان ينكص على عقبيه ، وحينها ستدور عليه الدوائر لانه سيكون ضيع اخر الفرص لاثبات مصداقيته و جديته ازاء قضية دارفور وقضايا السودان بصورة عامة !!، خاصة وان مساعد الرئيس و نائب رئيس المؤتمر الوطنى للشؤون السياسية و التنظيمية ، الدكتور نافع علي نافع قد افصح عن الرؤية النهائية لحزبه تجاه حل أزمة الاقليم ، حينما ذكر فى حوار له مع مجلة الكفاح العربى اللبنانية ،ابان زيارته للقاهرة فى سبتمبر الماضى ،ان اى حل لدارفور ينبغى الا يخرجها عن القبضة المركزية، و انهم لن يكرروا الخطأ الذى وقع بالنسبة لحل قضية الجنوب حينما افلت من سيطرة الحكومة المركزية .
abuzaidsubi@yahoo.com
أبوزيد صبى كلو :الصحافة [/ALIGN]